أحمد عبدالمنعم من القاهرة : حتى وقت قريب كانت مشاهدة سيارات الشرطة الضخمة التي تصطف حولها قوات مكافحة الشغب أمر يكاد يقتصر على مقار أحزاب المعارضة والنقابات المهنية النشطة كإجراء استباقي للتعامل مع الموقف حالة اندلاع أي مظاهرة، الآن تغير الحال وبات مشاهدة تلك السيارات أمرا طبيعيا في شوارع تخلو من أي نشاط يعكر صفو الحكومة، فمن الممكن أن تشاهدها أمام دار للسينما أو نادي شهير وربما تجدها أيضا على كورنيش القاهرة، السبب ببساطة هو الحد من ظاهرة التحرش الجنسي بالفتيات، وهى الظاهرة التي باتت تقلق الكثير من الأسر المصرية في ظل نسب التحرش التي سجلتها مراكز الأبحاث المصرية .

وبعيدا عن أحداث التحرش الجنسي التي وقعت خلال عيد الفطر الماضي في وسط القاهرة ، فان هاجس تكرار تلك الأحداث ظل يراود الكثيرين خاصة مع قدوم فصل الصيف الذي يفر فيه الشباب والفتيات من قيظ الحر إلى كورنيش القاهرة والحدائق العامة والمراكز التجارية الكبرى ما يجعل من الصعب السيطرة على حريق التحرش في حال اندلعت شرارته الأولى دون إخمادها في المهد.

quot;راويةquot; -22 سنة- تذكر أن التحرش بالفتيات لا يرتبط بطبيعة الملابس التي يرتدنها وتقول : أحيانا تكون الفتاة محجبة وفى منتهى الوقار ورغم ذلك تتعرض للمعاكسة التي قد تصل إلى مد اليد ولمس أجزاء من جسدها، وعليها إما أن تسرع طالبة النجدة أو تتولى الأمر بنفسها خاصة ان كانت في مكان مزدحم بالمارة وهو ما يعنى لها الآمان في حال تعرضت لرد عنيف من قبل الشاب .

quot;منىquot; وهى فى نفس عمرها تقريبا لا ترى الأمر على هذا النحو من البساطة ، فالمارة لا يمثلون عنصر آمان بالنسبة لها خاصة وأنها قد تتعرض لعبارات تحملها المسؤولية كاملة ويصبح الشباب المتحرشين أبرياء وضحايا للفتيات اللائى لا يراعين ارتداء الملابس المناسبة لحماية أنفسهن ، وتحكى موقفا طلبت فيه مساعدة المارة للتخلص من شابين ظلا يلاحقنها لمسافة طويلة وتقول : كان ذلك في منتصف النهار والشارع يعج بالمارة عندما رفعت صوتي حتى أخيف الشابين ويتجمع الناس فوجئت بأن أحدا لا يهتم ، الكل وقف يتابع الموقف من بعيد ويتمنى أن يتطور الأمر إلى مشاجرة حتى يستمتع بالمشاهدة فقط ، وجدت نفسي في موقف غاية في الحرج فأسرعت في طريقي دون أن أنظر خلفي.

وحسب دراسة أعدها المركز المصري لحقوق المرأة عن التحرش كشكل من أشكال العنف ضد المرأة فأن التحرش لا يرتبط بسن معينة، إذ إن المتحرش لا ينظر للمرأة باعتبارها كبيرة أو صغيرة أو محجبة أو غير محجبة، لأن ما يهمه هو أن تكون أنثي ، وكشفت الدراسة عن أن نسبة المتحرشين تتفاوت حسب السن حيث تبلغ النسبة لمن في سن 18 حوالي 22%، ومن 18 إلي 24 حوالي 29%، ومن 25 إلي 40 حوالي 30% بينما تنخفض النسبة لمن فوق 41 سنة إلي 14% .
وعن أشكال التحرش كشفت الدراسة أن الشكل الأكثر شيوعا للتحرش بالمرأة هو اللمس، ويعود ارتفاع نسبته إلي 40% لسهولة حدوثه سواء في الشارع أو في المواصلات العامة أو في الأسواق ، وفيما يتعلق برد فعل المتحرش بها، نجد quot;السبquot; هو النسبة الأكبر، حيث تكتفي 55% من النساء بسب المتحرش ولعنه وإكمال اليوم بشكل عادي، وذلك في حالة اقتصار التحرش علي بعض الألفاظ.
كما أشارت دراسة ميدانيةأخرى صادرة عن نفس المركز أن الشارع هو أكثر الأماكن التي يحدث فيها التحرش وأرجعت هذا للتربية المجتمعية الخاطئة التي ترسخ نظرة الرجل للمرأة علي أنها مخلوق أدني منه.

سيارات الشرطة المتواجدة بكثافة جوار التجمعات كإجراء استباقي للحد من ظاهرة التحرش قد تنجح في مهمتها خاصة الأعداد الهائلة من الجنود ، لكن ماذا عن الشوارع التي لا تتواجد فيها تلك السيارات ؟! .. هل الحل فى تخصيص سيارة شرطة لكل شارع ؟! .. أم أن الحل يكمن فى طريقة أخرى لم نتوصل اليه بعد ؟!