أحمد عبدالمنعم : ما أسهلها من مهمة أن يحصل الشاب على المخدرات فى مصر، وما أبسطه من عمل يقدم عليه آلاف.. بل ملايين الشباب يوميا، بعضهم يرى فيها الملاذ الآمن للهروب من واقع مرير يحيونه، وآخرون يرون فيها طريقا لتحقيق متعة زائفة دون أن يخطر ببال أحدهم أن تلك المتعة ستتحول حتما إلى نار تحرقهم ، فبعيدا عن الدراسات التي تناولت ظاهرة إدمان المخدرات لدى الشباب المصري ، فالأمر بات واضحا بشكل لا تخطئه العين، فتعاطي المخدرات لم يعد حكرا على ما كان يسمى quot;الأوكارquot; ولكنه الآن يحدث على مرأى ومسمع من الجميع ، قد يكون فى الشارع ، المقهى ، السيارة ، وربما في أماكن العمل أيضا، لم يعد أحد يعر الأمر اهتماما كما كان فى السابق، فالجميع باتوا يتعاملون مع الظاهرة باعتبارها أمرا واقعا .

وبالطبع يمثل الشباب النسبة الأكبر من متعاطي المخدرات حيث تؤكد دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ان نسبة الشباب الذين يتعاطون المخدرات 16% من مجموع المدمنين في مصر ومن بين كل 16 شابا يوجد 4 منهم مدمنين ، ويصل أعداد مدمنى الهيروين فى مصر ما بين 20 إلى 30 ألفا ، وقد تكلفت مصر فى السنوات العشر الماضية 178 مليار جنيه لعلاج المدمنين ومكافحة المخدرات ، وهو ما رقم يفوق عائد قناة السويس خلال هذه الفترة بل ويفوق عوائد السياحة وأي معونة تتلقاها مصر من الخارج.
وتؤكد الإحصاءات أن حجم الإنفاق على المخدرات في تصاعد مستمر فحجمه عام 2003 بلغ 26 مليار جنيه ليصل الى 28 مليار جنيه فى عام 2006
وقد كشفت دراسة متخصصة أن إدمان المخدرات يرتفع فى مصر بنسبة 5% بين صغار السن ، وأشارت إلى أن مخدر البانجو يأتى فى مقدمة المخدرات التى يتعاطاها الشباب وأنه ينتشر بشكل كبير.
وتزايد الاستهلاك يقابله بالضرورة تزايد فى اسعار المواد المخدرة بما يشير الي تزايد نسبة ما يتم انفاقه علي المخدرات سواء علي مستوي الافراد أو المجتمع وتقول الاحصاءات ان سعر الحشيش تضاعف من 6 ألف جنيه عام 1991 الي 60 ألف جنيه للكيلو غرام عام 2006 وارتفع سعر البانجو من 800 جنيه سنة 1990 ليصل الي 2300 جنيه فى عام 2006 .

وفى دراسة للدكتور أحمد جمال أبوالعزائم رئيس المجلس الاقليمى للصحة النفسية لمنطقة الشرق الأوسط أكد أن انتشار الإدمان بين الشباب يرجع فى الأساس الى البطالة ، محذرا من أن الإدمان يؤدى إلى زيادة الجنوح للعنف لدى المدمنين بل وتصل إلى الإقدام على الانتحار.

quot; محمد . زquot; -26 سنة - ، اعتاد على تعاطى مخدر البانجو يوميا وعلى الرغم من ذلك فهو لا يعتبر نفسه مدمنا للمخدرات ويقول وهو يدخن البانجو : اذا رغبت فى أن تكون تلك هى المرة الأخيرة التى أدخن فيها البانجو فسأفعل لأننى لست مدمنا رغم أننى أدخن هذا النبات منذ ثلاثة أعوام بشكل شبه منتظم تقريبا ، فهو مجرد دخان لا يؤدى الى الادمان بالضرورة كما هو الحال بالنسبة لبقية المخدرات المخلقة الأخرى مثل الهيروين والكوكاين وغيرهما من أنواع المخدرات المرتفة الثمن والمضرة أيضا ، ولذلك لا تجدها منتشرة فى مصر الا داخل الطبقة الغنية فقط .

quot; عماد . عquot; وهو فى نفس عمر quot;محمدquot; تقريبا وان كان يرفض تماما تدخين البانجو لأنه كما يقول يتسبب فى تدمير خلايا المخ كما يؤكد العلماء ولكنه يفضل تدخين الحشيش الأقل ضررا - على حد قوله - ويضيف : الحشيش أغلى سعرا من البانجو كثيرا ولكنه أكثر جودة من حيث التأثير والأقل ضررا أيضا ولولا سعره المرتفع لأصبح فى يد جميع الشباب بدلا من البانجو ، ويتحدث quot;عمادquot; عن ميزة أخرى quot;للحشيشquot; بالتأكيد على أنه لا يسبب الادمان ويبرهن على صحة حديثه بأن العديد من أصدقائه توقفوا عن تدخينه تماما ، كما أنه هو شخصيا كثيرا ما فعل الشئ نفسه.
بالتأكيد لا يختلف موقف كثير من الشباب الذين يتعاطون المخدرات عن تلك المواقف السابقة ، فجميعهم يرفضون الاعتراف بكونهم قد أدمنوا تعاطى المخدرات ، ويشددون على قدرتهم على التوقف عنها فى الوقت الذى يحددونه ، بالطبع سيأتى يوم يدركون فيه خطأ هذا الاعتقاد ، ولكن نخشى أن يكون ذلك بعد فوات الآوان .