هديل عبدالرحمن من الرياض: (للعائلات فقط) عبارة لم تعد غريبة على مسامع الشباب السعوديين، وتآلفوا معها لدرجة أن أصبحت من المسلمات في أيام نهاية الأسبوع. وقد غدت الأسواق والمتنزهات العامة مناطق محرمة لا يجوز لهم الإقتراب منها. وهم حتى الآن لم يدركوا الحكمة من منعهم دخول الأسواق، ويستغربون إضافة إلى ذلك تواجد رجال غير سعوديين يبيعون في تلك المحلات. أما آخر التصرفات التي أثارت تذمرهم فهي منعهم من دخول أسواق السوبر ماركت، إلا بعوائلهم، والعائلة هنا تعني أي امرأة.
العزوبية: عقاب لذنب لم يُرتكب..
محمد شاب أعزب، انتقل من حائل، للدراسة في الرياض، وليس لديه أقارب في المدينة ليلجأ إلى نسائهم فيدخلنه إلى المجمعات التجارية حين يريد الشراء، ما يدفعه في حالات الضرورة إلى التغيب عن محاضرات الفترة الصباحية، لأنها الوقت الوحيد الذي يسمح فيه للعزاب بدخول المجمعات التجارية.
صديقه عبد الله يتساءل عن النظام السابق الذي كان يتيح للعزاب دخول الأسواق كل أيام الأسبوع عدا نهايته، يقول: الآن أصبحت الأسواق مكانًا محظورًا علينا تمامًا، ولا ندري إن كان المسؤولون عن هذا القرار يعلمون أننا نحن أيضًا لدينا ما نحتاج إلى شرائه من السوق!
quot;سلمت منذ زمن طويل بتحريم دخول الأسواق علي، لكن ما فاجأني هو منعي من دخول السوبر ماركت!quot; ، إذ لا يعرف مؤيد أي سبب منطقي يمنعه من دخول مكان لبيع الأغذية الأساسية، ومستلزمات ضرورية له شخصيًا، أو تلك التي يوصيه بها أهله لجلبها لهم.
يقول عندما أردت الدخول إلى سوبر ماركت مشهور في جدة، تفاجأت برجل الأمن يقترب مني مانعًا إياي من الدخول، لوهلة ظننت أن ثمة مشكلة في الداخل، إلا أنيحينما رأيت الجميع يدخل باستثنائي؛ تساءلت عن السبب، قبل أن يجيبني رجل الأمن أن المكان مخصص للعائلات!.. ولأول مرة في التاريخ أسمع بأن الأسواق محرمة على الرجال الذين هم أهل السوق وأربابه منذ الأزل!
أما خالد فيعد الأيام التي سبقت زواجه، تحمل ذاكرة سيئة، لا يحب استرجاعها، إذ إنه طالما أراد دخول السوق لشراء بعض الأشياء التي تخصه، وتستلزم مناسبة الزواج أن يختارها بنفسه، إلا أن الأمن الواقف بالبوابات كان يمنعه منعًا باتًا، ما استدعاه أن لجعل والدته ترافقه في كل مشاوير تسوقه على الرغم من إرهاقها، والمرض الذي ينهك قدميها: ليس لدي أخوات، ولا يمكنني دخول السوق إلا بامرأة، هكذا يقول خالد، ويتساءل إن كان الأمر يستحق أن يرهق أمه بسبب قانون كهذا!
سأقف مع رجل الأمن لمنع الشباب من دخول السوق!
على الجهة الأخرى يجد سعد أن هذا القانون يريحه شخصيًا، ويجعله يطمئن إلى حد ما إلى أمان السوق حينما يترك أخواته للتسوق، يقول: عندما أرى نماذج الشباب الذين يتوسلون لدى رجل الأمن بأن يدخلهم، أتمنى لو أقف إلى جانبه لمنعهم، فأشكالهم لا تريحني، ولا أطمئن لوجود أخواتي في مكان يحوي مثل نوعيتهم. بينما يعارضه صديقه خالد بأن ذلك ليس مبررًا لمنع الشباب من دخول السوق، وأن المراهقين في كل بلدان العالم يلبسون أزياء مماثلة، ويسرحون شعورهم بشكل غير مألوف، إلا أن ذلك لا يعني سوءهم على الإطلاق، ولا يبرر منع الجميع من دخول السوق.
إلى البحرين، من أجل دخول السوق!
علي طالب في إحدى ثانويات مدينة الخبر، ويعترف أنه لا يريد دخول السوق للتسوق، لكن لأن السوق هي المكان الوحيد الذي يحتوي على قدر من الترفيه، ويسمح له بالالتقاء بالفتيات، ويؤكد أن من حقه الالتقاء بالفتيات، ما دام الأمر لا يتعدى حدود السوق والاستمتاع غير المخل، يقول: ldquo;أو تبغونا نروح للبحرين؟ عشان السوق بعد؟!rdquo;
رفيقته، جوازه للدخول
من جهته، يعترف صالح أن هذا النظام ساعده في الالتقاء بصديقته مرارًا، إذ يذكر أن في المرة الأولى التي دخل معها مجمعًا للتسوق، كان ذلك تحت أنظار رجال الأمن، ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دون أن يشكوا بعلاقته بالفتاة، إذ إنه بمشيتهما الواثقة، ولبسهما غير اللافت؛ كان جواز مرور له، وفوق ذلك قضى موعد عشاء مع رفيقته دون خوف، في أحد مطاعم المجمع، يستطرد: بيكحلونها بمنعنا من السوق.. أعموها!
محلات المستلزمات الرجالية: القفز من فوق الأسوار..
يتذمر أصحاب المحلات الرجالية أيضًا من هذا الوضع، إذ تسبب في تكبدهم لخسائر كبيرة بسبب منع الفئة المستهدفة من دخول المجمعات التجارية، وأدى بكثير من التجار إلى إغلاق محلاتهم والانتقال إلى أخرى تطل على الطرق العامة مباشرة، رغم أسعار إيجاراتها المرتفعة.
ldquo;اضطررنا لإغلاق المحل، والخروج إلى الشارع العامrdquo; يقول سليم بائع في محل لبيع المستزمات الرجالية في شارع العليا العام، يوضح سليم أن المحل كان مهددا بالإفلاس، وظن القائمون عليه بأن السبب هو عدم إقبال الشباب على نوعية المنتجات التي نقدمها، لكن بعد تغييرها لأكثر من مرة، والقيام بحملات إعلانية مكثفة، اكتشفنا أن الأمر يعود إلى عدم تمكن الفئة المستهدفة من الوصول إلى المنتج بسبب قانون المنع الحالي. يذكر حسن الذي كان يتبضع من المحل ذاته،أنه تعود الشراء منه منذ أن كان محلاً داخل مجمع تجاري، وأنه ما زال وفيًا للشراء منه، على الرغم من الارتفاع الملحوظ لأسعاره بعد انتقاله إلى الطريق العام.
فيصل يعتقد أن في خروج المحلات الرجالية من المجمعات، بسبب هذا المنع ضررا من نوع آخر، فعندما يرافق زوجته للسوق، يضيع عليهما الوقت، بسبب اضطرارهما إلى قضاء وقت إضافي خارج منزلهما، بسبب بعد المحلات المختصة بمستلزماته، عن تلك التي تخص زوجته، أو خيار آخر يرى أنه الأسوأ لأنه يقضي على وقت متعتهما، وهو أن ينزلها في المجمع الذي تريده، ويذهب في الوقت ذاته إلى مكان آخر ليشتري احتياجاته، مما يجعلهما يقضيان وقت فراغهما منفصليْن!
ولهم فيها مآرب أخرى
عبدالعزيز يعمل مصورًا محترفًا، وكثير من أدواته لا توجد إلا في محلات محددة تقع داخل المجمعات المحظورة، يقول عبد العزيز إن الرابح الأكبر من هذا القانون هي المجمعات التجارية نفسها، لأنه عندما يريد شراء ما يتعلق بمهنته فإنه مضطر لاصطحاب امرأة معه، والمرأة لا يمكنها منع نفسها من الشراء، لذا فأنا أعتقد أن القانون ليس حكرًا على الجانب الأخلاقي، بل له جانبه التجاري قطعًا!
أصحاب المجمعات التجارية: ldquo;نشتري راحتناrdquo;
على مستوى المسؤولين عن تلك المجمعات، فأحدهم يرى أن لهذا القانون إيجابية كبيرة، في تجنيب المتسوقين كثير من المشاكل، والاحتفاظ بمستوى معين من النظام، الذي لا يعرضهم كمسؤولين للإحراج. أما حين استفسرنا عن الجانب المادي، وأن عدم السماح للشباب بالدخول قد يحرمهم من مداخيل كبيرة، خصوصًا أنهم يمثلون قوة شرائية كبيرة، فقد أجاب بأن المدخول الذي قد يتحقق من ورائهم، ليس بالكبير الذي يصوره بعضهم، وإن كان يمثل نسبة جيدة من القوة الشرائية، إلا أن الجانب النظامي مرجح على الجانب المادي بالنسبة إليهم كمسؤولين عن المجمع، واستطرد قائلاً: في كل الأحوال هم ليسوا ممنوعين تمامًا من دخول المجمع، إلا أن أوقاتهم محددة بالفترة الصباحية من أيام وسط الأسبوع، ولم يبد أي جواب حيال تنويهنا بأن هذه الأوقات غير مناسبة لهم، كطلاب وموظفين.
وبين توسلات الشباب، ورفض رجال الأمن، وراحة المسؤولين، تعبر النساء بوابات المجمعات التجارية، وفي رفقة أي واحدة منهن رخصة المرور إلى الداخل المباح.. المحرم
التعليقات