"انه ما قبل الإنسان، وانه الإنسان، وماوارائه وفوقه وبعده. هو خالق الدين والفن والجمال والحب. هو بطانة الروح.. بلروحها"( أنسي الحاج)

وضمن مهرجان الشعر الذي يجري أو لا يجري في عمان كانت ليلة من الليالي تلك الليلة التي لن ينساها الشعر، عندما غادر بشكل مجهول وبظروف اقل ما قال عنها أنها ليست غامضة.
منذ ما يقارب العام والنصف وأنا أعاني من ضيق نَفَس مجهول وغامض لا يعرف له سبب، وعند انتحار معظم الوصفات الطبية، التي وصفت للحد من تحول الهواء إلى ماء، كان هناك وصفة وحيدة قيل أنها قد تساعد قليلا على وضع هدنة مع الماء، الوصفة تحث على الابتعاد عن المنغصات قدر الإمكان واللجوء إلى الأشياء والممارسات المريحة والمحببة للنفس. وهكذا كانت هذه آخر الوصفات التي واظبت عليها على أمل الشفاء.
وبما أنني خلقت محبا للموسيقى والشعر والفن لسوء الحظ أو لحسنه... كان علي أن أقوم بمشاركة ومتابعة تلك الأشياء أولا لكوني انسجم معها، وثانيا تطبيقا لنصائح الأطباء بشأن النَفَس وبشأن ذاك الهواء.
كانت وجهتي مركز الحسين الثقافي في وسط المدينة الأردنية عمان، هو مركز عبارة عن مبنى فخم وضخم تحيط به من جميع الجهات أكوام من بيوت أو أضرحة لفقراء المدينة، كانت تقام هنالك أمسية شعرية هي من ضمن فعاليات مهرجان الشعر الذي يقام كل سنة في مثل هذا التوقيت والذي احرص على متابعة ابرز جوانبه حبا للشعر ودعما للحضور الباهت، الذي لا يكاد عادة يعد على أصابع الجسم البشري "الواحد" ذلك نظرا لأسباب وعوامل عديدة أبرزها " أن لا نذكرها".
هذا ما كان ينقص الرئتين..، عندما ذهبت لحضور أمسية شعرية تحولت إلى أمسية لتشويه الشعر والإنقاص من قدسيته وروحانيته، من قبل الجو السائد ومن قبل بعض ما تم تسميتهم شعراء لأسباب مجهولة، الأمسية التي تحولت إلى مناطحة سياسية ذات مستوى هابط ومهين، مهين للشعر وللشاعر وللجمهور، كوني اعتقد أنني أول من أحس بالإهانة لكونه قام بحضور تلك الأمسية،لاداعي لسرد ما حصل في تلك الأمسية كونه كثير، يبدأ بعدم احترام الأمسية من خلال التحدث بصوت مرتفع أو التكلم عبر الهاتف المحمول أو الخروج والدخول المتكرر أو أو أو ولا ينتهي عند التعليقات التافهة والساذجة التي يتخللها في معظم الأحيان قهقهات لا تنم إلا عن " ذوق صاحبها المرتفع "، كان هذا لاشيء مقارنة مع ابرز أحداث هذه الأمسية، الحدث الأبرز كان قراءة قصيدة من قبل أحد الشعراء مهداة إلى الرئيس المخلوع السابق صدام حسين، ذلك مما أثار حفيظة بعض المتواجدين من شعراء وكتاب مما دفعهم إلى الانسحاب والخروج من القاعة، الخروج الذي صاحبه موجة من الاتهامات والشتائم المتبادلة المضحكة والمحزنة، والتي إن دلت فإنها لاتدل إلا على المستوى الفكري والشعري والفني المتدني عند هذا السائد " السائد بمفهومه الأوسع "... اعتقد بأنه ليس هناك حاجة لقول
المزيد... ما احلم به هو هدنة مع الماء و أمل صغير بأن يكون هذا الانحطاط هو عارض سطحي لا غير .
حين يتحول ما يقال انه شاعر إلى منبر تخلف وكره... يكشر عن أنيابه مرغما، يتمزق ذاك القناع. ليطير الشعر، ليطير بعيدا... بعيدا.. بعيدا.. يطير بعيدا ع ن ه.

[email protected]