تقيم صالة quot;أوروبياquot; معرضاً للفنان السوري كاظم خليل في مدينة باريس، حيث يعرض عددا ً من اللوحات الصغيرة و المتوسطة الحجم رسمها بالقهوة و شهد العسل. يقدم الفنان من خلال هذه اللوحات نماذج من تجربة استطاعت أن تفرض نفسها في عواصم الفن وتجد لصاحبها حيزاً في الوسط الفني وتلقى صدى طيباً في باريس حيث يعرض للمرة الثالثة. نتطلع إلى معرض الفنان كاظم كونه يعري في لوحاته الجسد البشري ليعيده إلى شكله الأول كأنه يدع مادة القهوة تروي لنا حكاية ذلك الجسد بعد جلسة صباحية اعتمرت بالأحاديث الحميمية حتى يخال الناظر أنه يرى صورة ما يرويه فنجان القهوة في لوحة ذلك الفنان الذي يضع بصماته على أدق منمنمات لوحاته.
يستخدم الفنان تقنيات بسيطة الشكل في رسم تلك اللوحات فيقترب من الإنسان و يدخل إلى أناه الخاصة التي يخبئها ويصوره في توضعات حساسة من حياته اليومية فهو يقدم نماذج منها من دون أن يغرق لوحته في سواد quot; تفل quot; القهوة تاركا ً مساحات بيضاء و كأنها تساعده على إظهار مشاعره العميقة تجاه ما يرسم.

يعتمد الفنان كاظم في جزء كبير من لوحاته على الأسلوب الحر الذي لا يخضع لأية قواعد ملزمة لتوضع الأجساد، فنراه يرصف لبنات لوحاته بسحابات من رسوبيات القهوة. وهذا شديد الوضوح في اللوحات التي تجمع عدة أجساد حيث نجده يجمع الأشخاص عمودياً تماماً كما يمكن لنا أن نشاهد على جدار فنجان القهوة بعد أن نشف و باتت ملامحه واضحة ً للقراءة. وهو يكرر حركة الرصف العمودي لأجساده التي تتحول بدورها إلى مجموعات من الشخوص التي تعبر عن حالة التجمع العفوي للبشر في أماكن عدة.
و هو لا يرسم أجسادا ً مفردة في لوحاته, بل عدة أجساد, إذ لا بأس أن يجمعهما أحيانا ً في لوحة واحدة. فاللوحة عنده لا تصوّر كلا ً أو تسرد حكاية تنتمي إلى زمن ما، فهو يستطيع أن يجمع الأزمان والأمكنة في فضاء لوحة واحدة. وهكذا و في خلوة من تلك الأجساد, فإننا نرى في إحدى لوحاته امرأة ً تغطي وجهها و كأن يد الفنان أرادت أن ترسم هذه اللحظة الحميمة و إخراجها من مخدعها الداخلي ليلقي بها على بياض اللوحة. وفي إحدى اللوحات مثلاً، نشاهد جسد امرأة عارية وأخرى تدير ظهرها، وثالثة تنهض من سريرها، ورابعة في صورة معلقة على الحائط، و نشاهد كل امرأة في أيقونة ثم تتحد هذه الأيقونات لتشكل لوحة واحدة ومساحة واحدة. ذلك أن الفنان يبدو على حرص دائم من حيث انتماء لوحته، ومن حيث أسلوبه فهو لا يستقر على اتجاه معين، بل يعمد إلى تقديم مزيج فني في لوحة واحدة كما هي الحال لدى بعض الفنانين المعاصرين.

كاظم خليل: ولد الفنان كاظم في مدينة اللاذقية في سورية عام 1965. تخرج من كلية الفنون الجميلة في دمشق و هو عضو في العديد من النقابات الفنية كنقابة الفنانين السوريين, و نقابة الفنانين العرب, نقابة الفنانين الإماراتيين, المعية العالمة للفنون الجميلة التابع لليونسكو, نقابة الفنانين الفرنسيين. و سبق له أن درس مادة الفن في معهد الشارقة للفنون الجميلة بين عامي 1997 و 2000.في بداية حياته الفنية كان يعرض له في سوريا و الإمارات، ثم انتقل بعدها بمعارضه وأعماله في عواصم العالم، ليستقر في إقامته في الإمارات ثم في باريس. و قد أغنت تنقلات الفنان تجربته الفنية و نلاحظ هذا التطور في كل معرض جديد يضيف فيه مواد جديدة.