quot;عليكم بالثمالة إلى الأبد هذا كل ما هنالك : إنها المسألة الوحيدة، وحتى لا تشعروا بأوزار الزمن الفظيعة التي ترهق كواهلكم وتحني ظهوركم، عليكم أن تسكروا بلا هوادة.
لكن بم ؟ بالخمر، بالشعر، بالموسيقى أو بالفضيلة على هواكم. لكن اسكروا ldquo;.
( بودلير )

يقول هرمن هسه أن الموسيقى كانت في الأزمنة الغابرة وسيلة مشروعة للسحر، فهي بتجردها عن المادية ترحب بكل داخل دائرتها السحرية لصهره فيها، ويقول أيضا أن لشاعر الذي يرى الحياة ويصورها في كلماته و شعره، والموسيقي الذي يجعلها ترن كالحاضر الخالص، إنسان يأتي بالنور ويزيد البهجة والصفاء على الأرض، حتى ولو اخذ بأيدينا عبر الدموع والتوتر والألم، قد يكون الشاعر حالما حزينا، وقد يكون الموسيقى مرهفا مكتئبا، لكن عملهم في النهاية سيتخذ قسطا كبيرا من صفاء ومرح الآلهة والنجوم. ومهما كان (الفحم) هو الأغلب، فلن يعطونا ظلمتهم وألمهم وخوفهم، بل سيعطونا قطرة من النور الخالص، والصفاء والمرح الخالد. شكرا كاميليا على ذاك النفس العميق الذي استطاع الكثير استنشاقه في تلك الأمسية وأنا أولهم.

كان الموعد في مسرح البلد، مكان قديم ضيق، كان في السابق عبارة عن سينما قديمة تقدم أفلام هابطة و تدعى سينما الأردن، تحولت تلك السينما الآن إلى مكان يدعى مسرح البلد، وهو مكان تقام به معارض فن تشكيلي، وأمسيات موسيقية، وسعر التذاكر يكون مرتفع في بعض الأحيان! quot;واللهم ابعد الصفة التجارية عن هوائنا quot; ما علينا... الكلام كثير بهذا الخصوص، ولكن الشيء الجيد في الموضوع هو أن المكان كان على موعد مع الفنانة العكاوية كاميليا جبران، في حفل موسيقي منفرد، غنت فيه كاميليا مقاطع ونصوص من الشعر الحديث والقديم، بمصاحبة آلة العود التي كانت تعزف عليه بأداء مختلف و بتمكن رائع. انطلقت خواطر وتخيلات كثيرة، حين انطلقت كاميليا بغنائها الثمل، لم تكن جمالية تلك الأمسية في قوة صوت الغناء المادية، في طول النفس، جمال أوتار الحنجرة، بل كان في الروح التي بثتها عبر إنشادها وإلقائها، كانت كاميليا قد وظفت نصا شعريا واستخدمته في ألحانها لتفصح لنا عن حرارة روحية مغايرة ومنبثقة من نفس الإنسان، فكان صوتها ترجمانا مباشرا لهوائنا.

في تلك الليلة ألغت كاميليا جبران المادة المكانية فأصبح وجودنا اكثر مثالية وكمالا.

quot;وإذا حدث أن استيقظتم مرة على درجات قصر، أو على عشب مجرى ما، أو في وحشة غرفتكم الكئيبة، وقد خفت النشوة أو آلت إلى الزوال، اسألوا الريح ، الموج، النجم، الطير، ساعة الحائط، كل ما يجري، يعول، يدور، ينطلق ، اسألوها كم الساعة وستجيبكم الريح ، الموج، النجم، الطير، ساعة الحائط :إنها ساعة السكر وحتى لا تكونوا عبيد الزمن المعذبين، اسكروا، بالخمرة، بالشعر، أو بالفضيلة ....... اسكروا كما تشاءون quot; ( بودلير ).

شكرا كاميليا.
[email protected]

قصيدة بودلير من ترجمة عبدالقادر الجنابي، انظر:

http://www.elaph.com/ElaphFiles/2004/9/12697.htm