"ايها العظيم فنجان اخرج من شوارعك الخلفية، وكن في المقاعد الامامية، مبشرا بنهاية كوكب في ارض البدء / من سومر القديمة الى واشنطن الجديدة، حيث الفخ معد بعناية فائقة للخليقة هنا، في الناصرية، انها ليست نهاية التاريخ، بل نهاية كوكب،اليس عملاقا ان تكون بشارة الموت المهمل لعقيل البائس، هي بشارة موت كوكب باكمله؟ هكذا هي قراءة فنجان الرب، وقد تامله النبي ارميا، وفسره دانيال، ودفنه عقيل علي"
مقتطف من رسالة طويلة، من ابي وشيخي: امير الدراجي

خسرتَ كما ينبغي لخاسر أن يخسر، ولم تندم، لكنك بكيت َ،
لأن الخسارة، بحد ذاتها، لم تكن كما ينبغي لخاسر أن يخسر،
رغم انكَ أخذتَ معها جرعة صافية من الالم.
ذلك ممـّا وهـّج الآهة، لكنه ممـّا جعل الصفح متعذرا،
لأن الألم كان أشد من أن يؤلم،
لأن جرعته كانت مركزة جدا:
ذلك ممـّا أوقعك عميقا في قعر كل صرخة،
ولم تخرج،
الا بعد أن اغتسلتَ من العافية تماما.
لم تخرج
الا بعد نظفتَ من درن الطمانينة، وارتديتَ الخوفَ.

نسجتَ رايتكَ، ومشيت َ:
مامررتَ بقرية، الا وتبعتْ شحوبك الصبايا الجميلات.
ما وطأتَ مدينة، الا وجمع المجانين التراب من تحت اقدامك،
وصعق الصعاليك من هيبة الافلاس في جيوبك.
مادخلتَ غابة، الا وهشـّت اليك َ عصافيرها،
وبنتَ اعشاشها بين اهداب عينيك.
ما قطعت مسافة، الا و كانت الأقاصي قادمة نحوك.

من قرن الى قرن، عبر الدهور،
مثل شبح غامض
خرج
من الكتب والقصائد والمخطوطات القديمة،
يتبعك الرعد والغيم والهامش الساقط من يد المتن:
تنتظر منك الامهات، عند المساء، أن تعيد اليهن ازواجهن او ابنائهن،
الضائعين في الحروب، والفنادق، والحانات، والبلدان، والبحار، والنساء
وأنتَ تسير الى الامام،
متوجها
نحو ساحة المعركة:
عيناك شرارتان، كما قالت كل النبؤات،
وآيتكَ أن اسمك عقيل علي عجيل، كما اتفق المفسرون،
إذا ذكره الجائع،
هبط عليه الخبز حارا من سماء لم يخلقها رب،
ولم تعش تحتها الا الرؤوس المكتظة بهواجس الطيران، كالحمام.

كنتَ أشجع من كل ما قرأتَ او تعلمتَ، مما قيل او يقال،
فمضيتَ رافعا راسك المجنون عاليا،
غير عابيء بالطقس والنار والاسلاك،
مرددا اغنية حار في تفسيرها الشيطان، وذهل من نورها الملاك،
وهما يحـفـّانك بالحنان، من فوق ومن تحت، من خلف ومن امام،
حتى وصلتَ الى الحد الذي تنكسر فيه كل راية:
فالتفتَ ملقيا على ماضيك نظرة اخيرة:

راعكَ مارأيتَ من بشر حاملين ارواحهم،
قاطعين المسافات، يرددون اناشيد القتال ورائكَ،
فتسائلتَ مندهشا، عبر ضجة الخيول والطبول وقعقة السيوف:
ما بال هؤلاء،
لماذا يتبعون واحدا مثلي دون العالم ؟
ألا يرون رايتي البيضاء ؟

ماذا يريدون وقد انتهت المعركة ؟
كيف
يسيرون خلف شاعر اخذ جرعته من الالم كاملة، واكتفى ؟
ماذا يريدون من كوكب ضاق ذرعا بالدوران حول الشمس،
ويريد الان
ان يدور ويدور ويدور حول نفسه،
قبل أن يختفي من المجرّة،
ويتبخـــــــــــــــــــــــــر وحيدا، كما الشمل ؟


السليمانية / مساء يوم 18- 5- 2006

" وحيدا كما الشمل ": عبارة شعرية لعقيل، كان يرددها دائما

[email protected]
[email protected]