1
أنت تشكو يا صديقـي من صروفِ الزّمنِ
ونَسِيتَ اللـيلَ والعُـتمـةَ في ذا البدنِ
إنّها البذرةُ لا تُعطيـكَ إلاّ مـا بهــا
فَهْيَ روحُ الجَّذرِ والسّاقِ وأصلُ الفَـنَنِ

2
فإذا كانتْ بجـينـاتٍ بها مَـدّ ٌ وجَـزرُ
فارتقبْ منها ثمـاراً طَعمُها في الفَم ِمُـرّ ُ
فَهلِ الظُّـلمةُ نـورٌ وهـل الإسفافُ فِكرُ
نَـيِّـرٌ؟ فانظـرْ بعـيْـنِ الفَـطِـنِ

3
أتلـومُ القدرَ القاسِيَ إذ يحصُد أرواحاً بريئة
وهْـيَ في أعماقنا مَـنْ حَملتْ تلك الخطيئة
بعضُكـم يكره بعضـاً حَسدَ النفسِ القميئـة
أتُرجّـي رَغـدَ عيشٍ في بقـايا الدِّمـن؟

4
هذه الدّنيـا صنعناهـا بأيدينـا كـئيبـة
ورفعنـا الجَّهـلَ والأوهامَ أعلاماً رهيبة
وتركنـا العقـلَ يستهدي بآراءٍ مُـريـبة
فزرعنا الموتَ والأحقادَ في أرضٍ خصيبة

5
عبثاً تدعو إلى الإصلاح والنَّـفسُ سـقيمة
عبثاً تـنشُد ذاتـاً هيَ في القـاع مُـقيمة
أنتَ إذ تسعى لأحـلامٍ وآمـالٍ عَـقيـمة
تحصد الرّيحَ وتجني كلَّ ما تَحوي الهزيمة

6
فلماذا الهـمّ ُوالحـزنُ ولطـمُ الوَجنـاتِ؟
نحن لا نعرف ما الموتُ وقد نعرف أسرارَ الحياةِ
عجز العقـلُ وتاه الفِكـرُ في ذي الظّلماتِ
فاتركِ التفـكيرَ جنـباً إنَّـه إزهاقُ ذات ِ

7
يا صديقي أنتَ مَقصِيّ ٌ وفئـرانُ الجّحـورِ
أصبحت أُسْـدَ عـرينٍ تتغـذّى بالصّقـور
إن يكنْ لا بُـدَّ للعيشة في دنيـا الشّـرور ِ
فخُـذِ اللبَّ وغُضِّ الطَّـرفَ عن كلِّ القشور ِ

8
يا صديقي اتركِ الأوهامَ تجري كالسّرابِ
كلّ ُوهمٍ أنتَ فيـه هو في القلـب نُدوبُ
إنّها الأنجُـمُ حَيْـرى إنّها الدّنيا لعـوبُ
فلماذا تندبُ الحظَّ وتهـذي في سِـبابِ؟

9
بعضُكمْ ينظـرُ في المرآة ليـلاً ونهـارا
ويغنّـي أنا نرسيسُ جمـالاً وبَهـارا
أنا ربّ ُ الشِّعر سِحراً واقتداراً وابتكارا
ثمَّ يغدوا ناظماً لغواً وهذراً وسُعـارا

10
كانت العُربُ قديماً تجعل الأسودَ عبدا
غيرَ أنَّ الأسودَ الجَّبـّارَ قد حطَّم قيدا
فَهُـوَ الرّعبُ الذي ينشر إعصاراً ورعدا
وَهُـوَ القادرُ أنْ يجعـلَ للقانونِ حـدّا

11
منْ هُـوَ السّـيِّدُ حقّـاً ياعُصاراتِ الخيالِ؟
يا بقـايا الزّمن الغـابرِ في عصر الضَّلالِ
أخفـقَ القـادةُ منـكمْ فَجَنحْـتُـمْ للـزّوالِ
لنْ تنـالوا العِـزَّ حتّى تخلعـوا ثوبَ التّعالي