تساءل عن الهوية العربية الضائعة في زمن اندلسي جميل

الرباط من زكية عبدالنبي(رويترز) - ينتفض عبدالله الصغير اخر ملوك الطوائف من رماده ليسرد حكاية سقوط غرناطة وخروج العرب من الاندلس برؤية فنية مغايرة للسرد التاريخي وظفت الفضاء المسرحي لتجسد عمل الفنان المسرحي المغربي عبد الحق الزروالي (رماد وأمجاد). واقام رائد المسرح الفردي في المغرب عبدالحق لزروالي مساء الاثنين أول عرض لمسرحيته (رماد وأمجاد) التي اراد من خلالها كما يقول quot;اعادة قراءة هذه الفترة المشحونة بالاحداث والانجازات وبصراعات الهوية والسلطة والدين والمصالح.quot; والزروالي هو في نفس الوقت الممثل ومؤلف ومخرج العمل. ولم يشأ الفنان أن يحول المسرحية كلها إلى بكاء على quot;الامجادquot; وانما حاول قراءة النص التاريخي من زوايا متعددة ومتشعبة quot;لمعرفة مانحن فيه.. او ما قد نؤول اليه.quot; وهكذا يرفع الستار عن ديكور أبيض بلون الموت يجسد اطلال قصر..في حين يرتكن ابو عبدالله في احدى الزوايا وقد لبس اسمالا بالية من نفس اللون في هيئة متسول قبل ان يرجع بطريقة quot;الفلاش باكquot; الى التاريخ ويخلع الاسمال ليكشف عن لباس سلطان.. يجلس على عرش او بقاياه وهو يقول quot;هذا ما تبقى مما تأكل بفعل الحشرات و الرطوبة..صدق من قال التاريخ ولد الحرام مجرد لعبة واكذوبة..quot;
ويصاحب ديكور الاطلال البيضاء الجامدة نص المسرحية إلى الاخر في حين يسرد الفنان فترة هامة من تاريخ العرب في الاندلس موظفا حكما واشعارا واغاني اندلسية من التراث المغربي بالاضافة إلى الايقاعات الاسبانية.
ويقول الزروالي في لقاء مع رويترز quot;هناك شعوب عالمية عاشت البؤس والاندحار.. وتعيش اليوم في رفاهية وازدهار. ونحن الشعوب العربية بحسب ما قالوا عشنا التقدم والحضارة واليوم نعيش التخلف والفقر ..هذه هي المفارقة التي لا افهمها.quot;
ويضيف quot;أما أن يقولوا لنا كذبنا عليكم في التاريخ ولم يكن العرب يوما متقدمين وارضى بواقعي..واما ان يعطوني تفسيرا عن واقعنا الان.. من المسؤول عنه..quot;
ويقول الزروالي وهو من مواليد مدينة فاس المغربية انه شعر بالصدمة لما ذهب إلى دمشق في سوريا ذات يوم ليعيش هذا التداخل في الفضاءات..فاس ودمشق.. قبل أن يرتبك عند زيارة غرناطة ليكتشف أوجه متعددة لفضاء واحد.
ويقول quot;جاءتني فكرة عمل مسرحي عن الاندلس لما زرت غرناطة مباشرة بعد زيارة دمشق وأصبحت مرعوبا من هذا التشابه والتداخل..وأنا الذي عشت في فاس..quot;
ولعل رواية الكاتب الاسباني انطونيو كالا (المخطوط القرمزي) أعطت للزروالي الفرصة الذهبية لتجسيد عمل يعبر عن انتمائه ورؤيته الفنية لما حدث في الاندلس حيث اخرجها للمسرح.
وقام المغربي يوسف العرقوبي بعمل السينوغرافيا.
واستمد الكاتب الاسباني رواية (المخطوط القرمزي) من مذكرات أبو عبدالله الصغير اخر ملوك الطوائف التي يقول فيها quot;كان يجدر بي أن أكون عالما مناضلا.. لكنهم اجبروني على السلطان..عرضت فكرة الحكم على أخي يوسف لكنه فضل البقاء محاطا بحسناواته في غرناطة.quot;
ويقول الزروالي quot;أؤمن بان المسرح والفن عموما كعمل النحلة التي تدور كيلومترات وتزور الاف الزهور لتصنع قطرة عسل واحدة..(لان) المسرح تلاقح بين الفنون.quot;
وسبق للزروالي ان اقتبس مسرحية (كدت اراه) من رواية (مواقف ومخاطبات) لابي عبدالله النفري ومسرحية (ابن سينا) من رواية (الطريق الى اصفهان) لجلبرت سينييويه.
وللزروالي أكثر من 30 عملا مسرحيا كتابة واخراجا وتشخيصا قدمها في أكثر من 100 عرض في عدد من الدول العربية والاوروبية.