في ظل تسارع التطورات العلميه والإنفتاح العالمي أصبح هناك مسؤوليه معنويه في المنطقه العربيه تحتم علينا تطوير قيم الدين لتتماشى مع روح العصر للسعي إلى خلق مجتمع يستند إلى قيم إنسانيه مشتركه لحماية الأجيال القادمه من الصراعات التي تؤدي إلى حروب لاطائل منها..
فإذا نظرنا إلى أهم القيم المشتركه بين الأديان نجد..
الحريه يولد جميع الناس أحرارا... متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا..
المساواه.. الناس سواسيه كأسنان المشط العدل. وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل... المتمثل في القضاء..
-ولم يميز الخالق في هذه القيم بين رجل أو أمرأه.. بين أبيض أو أسود... أو بين مسلم وآخر غير مسلم حتى وإن كان وثنيا... ونظرا لما تمر به المنطقه العربيه من أزمات وإحتقانات على قمتها التخبط في مفهوم الإصلاح ومن أين يبدأ الإصلاح.. وهل من مصلحة المنطقه الرفض الأعمى للإصلاح لمجرد أنه مفروض من الغرب.. أم أنه بات من الضروري والأفضل أن ننظر بعين ناقده لأنفسنا للخروج من حالة الجمود المطلق.. ومن الحلقه المحكمه من التخلف والفقر والجهل وجميعهم موجودون في المنطقه وإن كان بنسب مختلفه.. تتفوق واحده على الأخرى تبعا لمدى ثراء دوله على أخرى..
من هنا علينا محاولة إيجاد القواسم المشتركه التي تقف في طريق عجلة الإصلاح وبنظرة فاحصه نجد أن أهم قاسم مشترك بين الدول العربيه هو غياب التنميه الإنسانيه المرتبطه ارتباطا وثيقا بعدم العداله في معاملة المرأه وبالتالي حرمان المجتمع من التطور الإنساني نطرا لحرمانها من حقوقها الأساسيه.. وتبرير هذا الحرمان وعدم العداله بما جاء في النصوص. و تثبيت هذا التخلف جيل بعد جيل... هل حقا نصدق حين نقول بأن الدين كرم المرأه في ذات الوقت الذي نرى فيه أوجه معاناة وظلم المرأه في جميع أوجه الحياة.. هل الإختلاف بين الرجل والمرأه في القوانين المستنده إلى الشريعه يكمن فقط في طبيعة الدور وليس في الميزان الإنساني.. الجواب بصدق وبموضوعيه أنه إذا كانت النساء في عموم أنحاء العالم يناضلن من أجل حقوقهن السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والقانونيه فان النساء في الشرق الأوسط يناضلن من أجل حقوق أساسيه كفلتها كل الشرائع السماويه وكلمة الله في العدل والمساواة وضمان كرامه الانسان وحقه في الحياة رجلا كان ام امرأه..
-
-. وعليه فإن نقطة البدايه في أي إصلاح يجب أن تبتدىء بالتنميه الإنسانيه في معاملة المرأه في البيت ثم حقوقها الطبيعيه في المجتمع..
- وعليه فإن من أولويات الأجنده العربيه للإصلاح والتنميه يجب أن ترتكز على القضاء على جميع أشكال العنف الأسري على المرأه.. ثم محاربة أمية المرأه..
-لقد أكد تقرير التنميه بأن هناك 60 مليون أمي في العالم العربي. ولكنه أكد أيضا بأن نصف نساء العالم العربي أميات..و حسب تقرير الأمانه العامه لجامعة الدول العربيه فإن نسبة أمية المرأه في بعض الدول العربيه تصل إلى 80%
وتشير التقارير بأن التقاليد الموروثه والظروف الإقتصاديه الصعبه في المجتمعات الفقيره تلعب دورا يحول ويمنع من الإزاله الكامله للأميه..
أيضا أن معارضة الأب لتعليم المرأه.. ثم معارضة الزوج لخروجها إلى العمل خوفا من أن تهدد توازنات قديمه تحدد من سيادته عليها وعلى البيت..
-هناك انتهاك صارخ وواضح لحقوق المرأه كأم وأخت وزوجه وإبنه.. تتضح صوره في العنف المنزلي.. وعدم العداله و المساواه في كل ما يختص بها.. أهم هذه الإنتهاكات هو إنتهاك كرامتها الإنسانيه في طلاقها.. ومؤخر هذا الطلاق الذي يفقد قيمته الماليه بعد سنوات من التضخم.... وانتهاك لقيمة العداله في حرمانها من حقها المتساوي في الميراث..
فإذا أسلمنا بأن الدين صالح لكل زمان ومكان.. وأن الأصل فيه الحريه و العداله والمساواه بين الناس جميعا.. بدون التمييز بين ذكر أو أنثى.. فهذا يؤكد بأنه لا مكان للتمييز بين الرجل والمرأه في هذا العصر وأن كلا القيمتين قد انتهكت لعدم توافقهما مع تشريعات يسنها نصف المجتمع في ذات الوقت التي تطبق على كافة الأفراد....وأن العمليه القضائيه تمكن الرجل من انتهاك حقوق المرأه نظرا لدوره في سن هذه القوانين وعدم وجودها أثناء تشريع هذه القوانين وتؤكد تحيز القضاء للرجل.في سن قوانين تنتهك روح ومبادىء الدين
المنطقه العربيه بحاجة ماسه إلى حركة عقل وتوعية وتربيه تعمل على تعميق مفهوم المساواة للمرأه كشرط أساسي لتكوين المجتمع.تعميق القيم الإنسانيه المشتركه مع العالم... وذلك بتعميق مفهوم القيم الإنسانيه المستنده إلى النصوص والأخذ بروح الدين والقيم المشتركه بين الأديان. تكثيف الجهود لتحرير عقول النساء من تركة الموروثات البغيضه.. التي تكرس الإحساس بالدونيه والنقص..
لن يكون هناك نضج فكري ولا تطور ثقافي ولا تقدم اجتماعي بدون إشراك المرأه والبدء في إعطائها جميع حقوقها و إحياء الضمير والوازع الأخلاقي في معاملتها وفي حقوقها....
وتعديل قوانين الأحوال الشخصيه.. والحد من التفسير الذكوري المغرض للنصوص الدينيه..والإعتراف بكونية الحقوق للبشر جميعا...
هناك حكمه رائعه تقول ماهي المرأه.. المرأه أخذت من جانب الرجل لتكون مساوية له.. ومن تحت ذراعه لكي يحميها.. وقرب قلبه لكي يحبها ويحترمها.. ولم تؤخذ من رأسه حتى لا تتكبر عليه ولا من قدميه حتى لا يدوسها ويهينها.. ونظرة والحده إلى المجتمعات العربيه نجد أنه وتحت ذريعة حماية المرأه.. تنتهك جميع حقوقها...

أحلام أكرم - باحثه وناشطه في حقوق الإنسان - لندن