سيكون حديث السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق مع السيد جورج بوش صريحا للغاية، فالوضع في العراق لا يحتمل التلميح، ولا يحتمل التأجيل، ولا يحتمل التسويف، ولا يحتمل التأويل، هناك وضع معقد بل خطير ينذر بشر خطير قد يحرق المنطقة كلها، قد يجر العالم كله إلى فوضى ليست خلاقة بل فوضى مدمرة، يخسر فيها الكل، وتكون وبالا على الكل.
في تصوري أن السيد المالكي سوف يقول للسيد بوش، أن تصفية الإرهاب في العراق ليست عملية سهلة، وهي لا يمكن أن تعتمد على القوة فقط، القوة المجردة لم تحل مشكلة، الإرهاب في العراق ليس عراقيا، بل هو اقليمي، بل هو عالمي، والسيد بوش ليس غريبا على هذه الحقيقة، ومن هنا ينبغي التفكير جديا بحجم وسعة المعالجة، وفي تصوري أن السيد المالكي سوف يصارح بوش بأن القوة يجب أن تكون بموازاة العمل السياسي، الحوار، الترغيب، التنازل في حدود معينة، ولكن هناك بعد ثالث مهم، ذلك هو التنمية، إيجاد عمل للعاطلين، توفير حاجات الناس، هذه هي هيكلية التعامل مع معضلة الإرهاب...
ولكن ما هو الجديد في المعادلة؟
ليس هناك شي جديد، ولكن المسألة هي الدور الأمريكي المطلوب في المعادلة، وقد قال بوش أكثر من مرة أن مواجهة الإرهاب في العراق مهمة مشتركة بين أمريكا والعراق، ولكن لم نلمس من أمريكا عملا ملموسا في العراق على صعيد البناء والأعمار، لم تتحرك المشاريع الاقتصادية في جنوب العراق، وهو منطقة هادئة، منطقة محرومة، منطقة يمكن أن يكون الاعمار فيها مشجعا للآخرين لئن يلقوا سلاحهم، يمكن أن يشجع أبناء المناطق الملتهبة على التعاون أكثر مع الحكومة والقوات المتعددة الجنسيات لمواجهة هذا البلاء الذي يهدد كل العراقيين.
سوف يقول السيد المالكي للسيد بوش أنه ــ أي السيد بوش ــ وجه نداء إلى دول الجوار لتعين العراق، بأن تعمل على استثمار أموالها في العراق، بأن تقيم المشاريع الخيرية في العراق، مدارس، مستشفيات، مكتبات، نوادي، بناء وحدات سكنية، العراق، وقد أكد بوش في ندائه أن ذلك يساهم في محاربة الإرهاب، ولكن أين هي الجهود الأمريكية في هذه النقطة بالذات؟ بالعكس، هناك كلام ــ كما سيقول السيد المالكي للسيد بوش ـ هناك كلام يفيد أن ضباط أمريكيين كبار مارسوا عملية قرصنة مع تجار ومقاولين عراقيين هم لصوص أيضا وهو الأمر الذي يحز في بالنفس.
ها هي السويد، ها هي بريطانية، وغيرها من دول العالم، تبني وتشيد وتعمر في كردستان العراق، فما الذي يمنع من أن تكون ذات الحركة في جنوب العراق، وهي منطقة آمنة، وإذا ما وجد الناس فرص عمل في هذه المناطق ستكون آمنة أكثر، سوف تتحول إلى منطقة شاهدة على أهمية العمل في إحلال السلام،وفي إشاعة الأمان، وسوف لا يجد الإرهابيون لهم منفذا ولا ملجا إلى هذه المناطق...
أليس كذلك؟
دول ليس لها دخل كبير في المعادلة العراقية تبعث الكتب المجانية للمكتبات العراقية،للجامعات العراقية،فأين أمريكا من مثل هذه المواقف، ألا يعلم السيد بوش أن تزويد ا لجامعات العراقية بالكتب وأجهزة الحاسوب، والمعدات المخبرية، وغيرها، ألا يعلم إن مثل هذه المواقف على بساطتها تساهم على توفير فرص التعاطي مع العلم بمديات واسعة وعميقة وكبيرة، وكل ذلك يخلق ثقافة السلام، ويوفر فرص الحياة الجادة؟
نعم!
كنا نتوقع أن توفر الجامعات الأمريكية وبالتعاون مع الإدارة الأمريكية والعراقية على توفير كراسي دراسية للعراقيين بما يتناسب وحاجات العراق وظروف العراق....
هي مواقف بسيطة، أمور بسيطة، ولكن نتائجها مثمرة وعميقة.
في تصوري أن السيد المالكي سوف يعرض أو يتحدث مع السيد بوش عن المنح الدولية للعراق، وأنها يجب أن تصرف تحت إشراف عراقي، لجان معروفة بالعلم والنزاهة، وكل ما يمت إلى ذلك يجب أن يعلن، ولا يجوز أن يكون تحت إشراف أمريكي صرف، وسوف يصارح السيد المالكي بوش بان ذلك لا يقنع العراقيين،ولا يطمئنهم، وهو منفذ لشيوع عدم الثقة بإدارة بوش...
سوف يؤكد السيد المالكي على بوش على ضرورة إعمار المناطق الهادئة في العراق، ويجب أن يكون لأمريكا دور إيجابي مباشر وفاعل في ذلك.
سوف يؤكد السيد المالكي لبوش أن مواجهة الإرهاب في العراق ليس عملية عسكرية بحتة، بل هي عملية سياسية أيضا ، وهي عملية انمائية أيضا، وأمريكا تقدر أن تقدم المزيد والمزيد على طريق تنمية المناطق الآمنة في العراق...
أليس كذلك؟
نعم، تستطيع الإدارة الأمريكية أن تفاتح الكثير من دول العالم، لما لها من ثقل، ووزن، بل لأنها القطب ألأوحد، تستطيع أن تفاتح الكثير من الدول المتقدمة لإقناعها في أعمار جنوب العراق وكل منطقة آمنة في هذا البلد، على غرار ما يحدث في شمال العراق...
هل أمريكا عاجزة عن ذلك؟
ربما يسال السيد المالكي بوش هذا السؤال!!
- آخر تحديث :
التعليقات