كامل الشيرازي من الجزائر: يتجه الجزائريون بكثافة ملحوظة إلى الحمامات المعدنية بغرض التداوي، لا سيما أولئك الذين يعانون من أمراض جلدية أو التهابات المفاصل وكذلك أصحاب الأمراض المزمنة ممن يجدون ضالتهم في مياه الينابيع الساخنة التي ينصح بها الأطباء في مختلف عمليات العلاج، ما يجعل ما لا يقلّ عن الثلاثة آلاف مريض يقصدون المئتي حمام معدني المتواجدة في الجزائر.
وتملك الجزائر 202 منبع حموي على امتداد 1200 كلم، بينها 90 يتم استغلالها بطرق تقليدية، وينفرد مخزونها الذي لا ينضب من المياه الطبيعية المنبعثة من باطن الأرض، بدرجة حرارة قياسية تصل حدود 96 درجة مئوية وتتجاوز 6500 لتر في الدقيقة الواحدة، وهو ما يجعلها الثانية دوليا من حيث درجة الحرارة بعد المياه المتدفقة من براكين ايسلندا.
ويشير quot;علي حدادquot; المسؤول الطبي بإدارة النشاط الحموي لـquot;إيلافquot;، إلى توافر الحمامات المعدنية في بلاده، لدرجات حرارة قياسية تصل حدود 96 درجة مئوية وتتجاوز أوعيتها 6500 لتر في الدقيقة الواحدة، ما يساعد على علاج فعّال لأكثر الأمراض حساسية، كالروماتيزم وضغط الدم وأمراض الجلد والحساسية، فضلا عن أمراض الأعصاب وتصلّب الشرايين وأمراض النساء والغشاوة والجهاز البولي وتفتيت حصوات الكلى.

ويضيف حدّاد أنّه تبعا للخصوصية العلاجية التي تتسم بها الحمامات المعدنية، جرى تكثيف المرافق الصحية بها لاستقبال الشباب والكهول والشيوخ والنساء أيضا، إلى جانب جلب أطباء متخصصين يتولون مرافقة الزوار في مختلف المراحل، من جانبه، يوضح الدكتور أحمد عباش لـquot;إيلافquot;، أنّه نظرا لما تتصف به الحمامات من مزايا فيزيائية وكيمائية وعلاجية بمعدلات حرارية لا تنزل تحت سقف 40 درجة مئوية وبتدفق قدره 40 لترا في الثانية، فإنّ الأطباء أصبحوا ينصحون مرضاهم بارتياد الحمامات، وهو ما أنتج إحرازات إيجابية لدى كثيرين استطاعوا التداوي من أمراض مستعصية وحتى الأمراض المزمنة والمعدية، بفضل الطابع الصحي للمياه المعدنية وكذا الأعشاب الطبيعية التي يتّم جلبها من منابع حموية، وكذا قاعات التدليك التي توفّر تدليكا علميا تاما للأجساد.

وفي جولة قادت quot;إيلافquot; عبر عدد من الحمامات المعدنية الشهيرة محليا، على غرار حمام دزاير (30 كلم غرب العاصمة)، وحمام ملوان (50 كلم جنوب)، وكذا حمام ريغة (170 كلم غرب)، أفاد فاروق عيساوي، جمال رياحي وعادل فضيل وهم مدراء الحمامات المذكورة أنّ مؤسساتهم باتت تقدّم حصصا علاجية منّوعة، وهو أمر ينسحب أيضا على حمام الضلعة بولاية المسيلة (300 كلم شرق) وحمام دبّاغ بمنطقة قالمة المجاورة، ناهيك عن حمام بوحنيفية الشهير بولاية معسكر (600 كلم غرب).
ويشير الأستاذ quot;رضوان هاديquot; إلى أهمية الأعشاب الطبيعية المعروفة محليا بـ(الكاليتوس)، والتي يُعتمد عليها في علاج الزكام بأنواعه، إضافة إلى ما توفره هذه الحمامات المعدنية من استرخاء ذهني وعضلي، ويشيد زوار هذه الحمامات وهم من سائر الفئات والأعمار، بما تقترحه الحمامات من خدمات تغري شتى المرضى بالقدوم إليها، على غرار سليم (38 سنة) وأنيس (42 عاما) اللذين يعالجان من داء التهاب المفاصل.
وصرّح لنا محمد ونذير وفتحي، الذين يعانون من أمراض جلدية، أنهم أتوا إلى حمام ملوان بتوجيه من الأطباء، وقد لاحظوا تحسنا على وضعهم الصحي منذ مواظبتهم على المجيء إلى هناك، علما أنّ الحضور إلى الحمامات المعدنية لا يقتصر على العنصر الرجالي فحسب، بل يتعدى إلى بنات حواء، سيما اللواتي يعانين من الترهّل أو ما يُعرف بداء هشاشة العظام، مع الإشارة أنّ حتى النساء اللائي يعانين من (العقم) يقصدن الحمامات بدافع من أسطورة محلية يزعم أصحابها أنّ بنت أحد السلاطين العثمانيين القدامى عانت مطوّلا من فقدانها البصر وعدم مقدرتها على الإنجاب، لكن استحمامها قبل نحو قرنين في أحد حمامات الأطلس البليدي أنهى معضلتها وشفاها نهائيا.