الجهود التي بُذلت لإنتاجه من خلايا جذعية أنثوية باءت بالفشل
جدل حول الحاجة للرجل بعد تصنيع حيوان منوي

إعداد عبدالاله مجيد: إنقسم العلماء وإختلفت آراؤهم بإعلان فريق من الباحثين في جامعة نيوكاسل البريطانية أنهم تمكنوا للمرة الأولى من تصنيع نطفة بشرية في المختبر. وأنعش الإختراق العلمي المفترَض آمال الرجال المصابين بالعقم في أن يتمكنوا ذات يوم من إنجاب أطفال يكونون هم آباءهم البيولوجيين. لكنه أثار في الوقت نفسه تكهنات بأن يعيد الإنجاز العلمي الجديد ، إذا تأكدت صحته، تفجير السجال السابق حول شرعية الأبحاث التي تتخذ من الجنين موضوعها.

قال فريق العلماء برئاسة البروفيسور كريم نايرنيا ان الحيوان المنوي البشري أُنتج في انبوب اختبار بخلايا جذعية مشتقة من جنين ذكر عمره خمسة أيام. ويثير الانجاز العلمي كما أعلنه الباحثون تساؤلات اخلاقية عن سلامة العملية والتهديد الذي تنطوي عليه لدور الرجل في المستقبل. كما تحداه خبراء ذهبوا الى ان الخلايا الشبيهة بالحيوان المنوي التي أنتجتها التجربة ليست نطفة حقيقية.

يقول جيريمي لورنس محرر الصفحة الصحية في جريدة quot;الاندبندنتquot; ان الاكتشاف إذا تأكدت صحته يعني ان جنينًا ذكريًا واحدًا يمكن من الناحية النظرية أن يتمخض عن خط كامل من الخلايا الجذعية التي تكون لدى خزنها قادرة على توفير امدادات غير محدودة من النطاف البشرية. وعندما يُرسى خط الخلايا الجذعية هذا ستنتفي الحاجة التناسلية للرجال ، بحسب الصحيفة. وكان العلماء الذين أجروا التجربة طرحوا في ايجازهم الصحافي مسألة ما إذا كان اكتشافهم يعني quot;نهاية الرجلquot;.

يشير اصحاب التجربة الى ان الخلايا الجذعية التي صُنعت منها النطفة البشرية لا يمكن أن تؤخذ إلا من جنين ذكر ـ جنين يحوي كرموسوم y (الذكر) وبالتالي فإن ذكرًا واحدًا على الأقل سيكون مطلوبًا. بيد ان العلماء يعتقدون ان القضية لا تحتاج الى سجالات أو تشريعات. quot;ومع تقدم العمل وتحسين النتائج في جامعة نيوكاسل وغيرها قد يكون من الممكن، نظريًا، تنمية حيوان منوي من خطوط خلايا جذعية جنينية مخزونةquot;. في تجربة موازية لكنها غير كاملة يقوم فريق الباحثين نفسه بتصنيع خلايا جذعية من خلايا البَشَرة التي أنتجوا منها حيوانًا منويًا له التكوين الوراثي نفسه لخلايا البشرة التي أُخذت الخلايا الجذعية منها. ومن شأن هذا ان يتيح للرجال المصابين بالعقم انجاب أطفال مستخدمين خلايا من جلدهم فقط. وقال البروفيسور نايرنيا ان نتائج هذا البحث quot;واعدةquot; والمؤمل نشرها في غضون أشهر.

ولكن الجهود التي بُذلت لانتاج حيوان منوي من خلايا جذعية انثوية باءت بالفشل وقال الباحثون ان الجينات الموجودة على الكروموسوم y (الذكر) ضرورية لتنمية الحيوان المنوي وإنضاجه ولهذا السبب فشلت تجربة الخلايا الجذعية الانثوية.

يشكل الاكتشاف الجديد خطوة أخرى نحو التوصل الى علاج للعقم عند الرجال. وفي هذا الشأن قال البروفيسور نايرنيا quot;ان انتاج الحيوانات المنوية يستغرق 15 عاما في الانسان وهناك آلاف العوامل التي يمكن ان تؤثر فيه. ونحن نستطيع بهذه الطريقة ان ندرس هذه العوامل في المختبر في بحر أشهرquot;.

طعن خبراء بدعاوى فريق الباحثين من جامعة نيوكاسل بتصنيعهم نطفة حقيقية. ونقلت صحيفة quot;الاندبندنتquot; عن الدكتور الن بايسي من جامعة شفيلد قوله: quot;بصفتي بيولوجيا مختصا بالحيوان المنوي منذ عشرين عاما فإني لستُ مقتنعا من المعلومات المقدمة في هذا البحث بأن الخلايا المنتَجة....يمكن أن تُسمى حيوانات منويةquot;. عظيم سوراني استاذ الفسلجة والتناسل في جامعة كامبردج قال من جهته quot;ان هذه الخلايا الشبيهة بالحيوان المنوي ، التي أُنتجت في صحن من خلايا جذعية جنينية بعيدة شوطا طويلا عن كونها خلايا منوية حقيقيةquot;. وردد هذه الانتقادات البروفيسور روبن لوفيل باج من المعهد الوطني البريطاني للابحاث الطبية لكنه قال quot;من الجائز رغم هذه النواقص ان يكون اصحاب البحث حققوا بعض التقدم في تصنيع حيوان منوي من خلايا جذعية جنينية في المختبرquot;. وقال البروفيسور نايرنيا نفسه ان مبحثه قُدِّم بوصفه quot;دليلا على مبدأquot; يتطلب مزيدًا من الدراسات.

في سياق متصل كتب جون هاريس بروفيسور الأخلاق الحياتية في جامعة مانتشيستر ورئيس تحرير مجلة الأخلاق الطبية Journal of Medical Ethics ان نهاية الرجل كانت دائمًا امكانية واردة. وان لدى المرأة طرقًا متعددة لمحاولة الاستغناء عن الرجل. فهي لا تحتاج الى الرجل بل تحتاج الى حيوانه المنوي والمعروف ان الحيوان المنوي من الموارد المتجددة والمتوفرة بكثرة....وإذا تأكدت صحة البحث فإن كل ما تحتاج إليه المرأة هو امدادات كبيرة من الخلايا الجذعية الذكرية.

وإذا كان الباحثون قد حققوا ما يزعمون انهم حققوه فان هذا تقدم مهم وسيعني ان الرجل لن يتعين عليه في المستقبل ان يعدَّ نفسه عقيما....وأنا لا أرى مثلبة في ابحاث تزيد نطاق الامكانات والخيارات المتاحة للانسان. ولكن ذلك يعتمد على كون العملية ممكنة ومأمونة في التطبيق العملي. وسيتعين علينا أولاً أن نتوثق من انتاج نفطة حقيقية ومن انها متعافية وقابلة للحياة ولن تسبب موت الجنين أو حدوث عيوب غير مقبولة. ففي ابحاث أجراها الفريق نفسه على فئران، ماتت الفئران الصغيرة التي أُنتجت في وقت مبكر. لذا ستكون السلامة عاملاً أساسيًا وهذا يصح على جميع التكنولوجيات التناسيلة. كان يصح على المحاولات الأولى للتخصيب خارج الرحم وهو يصح على التناسل الجنسي الاعتيادي للبشر الذي تبلغ نسبة فشله في تحقيق الحمل 80 في المئة. ولو طُرح التناسل الجنسي اليوم لن يُرخَّص به ابدا لارتفاع نسبة الفشل في تطبيقاته العملية ، بحسب البروفيسور هاريس.