فجّرت دراسة حديثة مفاجأة مدوية بإعلانها أن أكثر وسائل منع الحمل رواجاً بالنسبة للسيدات في شرق وجنوب أفريقيا، وهي عبارة عن حقنة هرمونية تمنح كل 3 أشهر، تضاعف على ما يبدو خطر إصابة السيدات بفيروس نقص المناعة البشرية. وفي حال استعانت سيدات مصابات بهذا الفيروس بتلك الحقن، فإن خطر إصابة شركائهن من الرجال بالمرض يتزايد بمقدار الضعف عما لو لم تستعن السيدات بأي وسائل لمنع الحمل، وفقاً لما أظهرته النتائج التي توصلت إليها الدراسة في هذا الشأن.


أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركيةإلى أنحقنةلمنع الحمل تستخدمها نسبة كبيرة من نساءأفريقياتشكل مأزقاً مقلقاً بالنسبة إلى السيدات هناك، كونها تزيد من خطر الإصابة بالايدز، في وقت تعاني فيه مئات الآلاف منهن إصابات ونزيفا والتهابات ووفاة كذلك عند الولادة جراء حالات الحمل غير المرغوب فيه.

وتابعت الصحيفة بقولها إن جميع الهيئات الصحية الدولية تسعى بكل قوة من أجل توفير وسائل منع حمل مناسبة وميسورة من حيث الأسعار. لكنّ كثيرا من الدول، التي ترتفع بها معدلات الحمل، تتعرض أيضاً للاجتياح من جانب ذلك الفيروس، الذي يؤدي للإصابة بمرض الإيدز. لذا، أضحت الأدلة التي تشير إلى أن وسائل منع الحمل التي تتحصل عليها السيدات عن طريق الحقن تحظى بخصائص بيولوجية قد تجعل السيدات والرجال أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، مثيرة للقلق على نحو خاص.

بعدها، مضت الصحيفة تلفت إلى الرواج الكبير الذي تحظى به تلك الهرمونات التي تستعين بها السيدات عن طريق الحقن، وقالت إن ما يقرب من 12 مليون سيدة تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 عاماً في جنوب الصحراء الكبرى، ما يقرب من 6 % من إجمالي السيدات في تلك الفئة العمرية، يستعنّ بتلك الهرمونات. وفي الولايات المتحدة، تستعين 1.2 مليون امرأة، أو 3 % من السيدات هناك، بوسائل منع الحمل.

لكن في الوقت الذي أجريت فيه تلك الدراسة الحديثة على سيدات فقط من إفريقيا، أوضح العلماء أن التأثيرات البيولوجية ربما تكون التأثيرات نفسها بالنسبة لجميع السيدات. غير أنهم أكدوا أن مشاعر القلق كانت أكبر في أفريقيا، لأن خطر انتقال فيروس H.I.V. من ممارسة الجنس يتزايد بشكل كبير للغاية هناك عن غيرها من الأماكن.

من جانبها، قالت ايزوبيل كولمان، مدير برنامج المرأة والسياسة الخارجية في مجلس العلاقات الخارجية :quot; أفضل وسيلة لمنع الحمل اليوم هي الوسيلة الخاصة بالهرمونات التي تؤخذ عن طريق الحقن، لأن المرأة لا تكون بحاجة إلى طبيب، كما أن تأثيرها يدوم لفترة طويلة، وتتيح للمرأة التحكم في توقيتات الولادات والمباعدة بينها دون بذل الكثير من العناء والسفر. وإذا ثبت الآن أن وسائل منع الحمل هذه تساعد على انتشار وباء الإيدز، فإننا سنصبح أمام أزمة صحية كبرى مستقبلاًquot;.

وجاءت تلك الدراسة لتدفع المسؤولين في منظمة الصحة العالمية إلى عقد اجتماع في كانون الثاني/ يناير المقبل من أجل تحديد ما إن كانت الأدلة قوية بما فيه الكفاية أم لا، بغية نصح السيدات بأن الطريقة قد تزيد من خطر الإصابة أو نقل فيروس نقص المناعة البشرية. ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن ماري لين غافيلد، خبيرة علم الأوبئة في قسم الصحة الإنجابية والبحوث في منظمة الصحة العالمية، قولها :quot; سنعيد تقييم التوصيات السريرية لمنظمة الصحة العالمية بشأن استخدام وسائل منع الحملquot;. وقبل هذا الاجتماع، سيقوم العلماء بمراجعة البحوث المتعلقة بوسائل منع الحمل الهرمونية وأخطار إصابة السيدات بفيروس نقص المناعة البشرية، وأخطار نقله إلى الرجال، واحتمالية تسريع وسائل منع الحمل الهرمونية من حدة الفيروس لدى السيدات المصابات.

وقد أجريت تلك الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة واشنطن، على 3800 زوج في بتسوانا وكينيا ورواندا وجنوب أفريقيا وتنزانيا وأوغندا وزامبيا. وقد تتبع الباحثون الحالة الصحية لجميع الأزواج لمدة عامين ( خاصة بعدما تبين أن الإصابة بالفيروس موجودة بالفعل لدى الزوج أو الزوجة )، وعرفوا منهم الطرق التي يستعينون بها لمنع الحمل، وواصلوا تتبع الأفراد غير المصابين لمعرفة ما إن كانت العدوى قد انتقلت إليهم من شركائهم المصابين أم لا، وفقاً لما ذكره دكتور جاريد بايتين، خبير علم الأوبئة وأخصائي الأمراض المعدية والمؤلف الذي شارك في الدراسة.

وتابعت الصحيفة بقولها إن الشركة المُصَنِّعة لتلك الحقنة التي تعنى بمنع الحمل، وتعرف بـ quot; الديبوبروفيرا Depo-Proveraquot;، هي شركة فايزر، التي رفضت التعليق على الدراسة، مكتفيةً بالقول إن المسؤولين لم يطلعوا على تلك الدراسة بعد.

وفي الوقت الذي سبق أن أكدت فيه دراستان سابقتان أن وسائل منع الحمل التي تؤخذ عن طريق الحقن تزيد من خطر إصابة السيدات بفيروس نقص المناعة البشرية، قال تشارلز موريسون، المدير البارز للعلوم السريرية لدى منظمة FHI 360 غير الربحية، أن الدراسة الحديثة تحمل بعض الإيجابيات أكثر من أي عمل سابق.