حوار مع عالم الدين الشيعي البحريني ضياء موسوي:
الفقهاء يبحثون عن quot;عفريت الغربquot; ولا يتعمقون في الفكر الغربي


أجرى الحوار أحمد نجيم: شارك عالم الدين الشيعي ضياء موسوي في ندوة quot;تحديث عالم الإسلام اليومquot; المنظمة في موسم أصيلة الثقافي الدولي. وقد التقته quot;إيلافquot; في أصيلة، وحاورته عن مواضيع متعددة تتعلق بتطير علماء الدين من الحداثة والتحديث وحدود الاجتهاد في العصر الذي نعيشه، كما أثار مواضيع أخرى كضرورة تغيير آليات استنباط الأحكام الشرعية وحدود الاجتهاد خارج النص القرآني.

* خلال ندوة تحديث عالم الإسلام اليومquot; في موسم أصيلة الثقافي، نشعر بتطير بعض المتدخلين من علماء الدين والفقهاء من كلمة quot;تحديثquot;، إذ عمدوا إلى شرح مفصل للكلمة، في نظركم لماذا هذا التطير؟
- هناك إشكالية عند الفقهاء الدينيين وفقهاء الإسلام، فهم يعيشون رهابا من الحداثة، هناك قلق وتوجس وخوف من استعمال كلمة الحداثة، إن تفسير هذا التوجس يمكن تفسيره في القصور الديني لا في الإسلام. فجزء من الفقهاء يخافون أن يدخلوا دهاليز الحداثة خوفا من أن يتورطوا في عدم القدرة على الإجابات المعرفية. لماذا كثير من الفقهاء لم يطرقوا باب الحداثة، لأنهم لم يقرأوا الفكر الغربي، إنهم يحملون نوعا من الثقافة التقليدية وتلقوا أيضا فهمهم للفكر الغربي عبر كتب مأدلجة. لذا نجد عندهم الأحكام المسبقة عن الفكر الغربي وساقطة في نظرية المؤامرة، إنهم يبحثون عن عفريت الفكر الغربي. إذا كانت لك أحكام مسبقة فلا يكمن أن تكتشف إضاءات الآخر، فكل هذه العوامل ساعدت على الخوف والتوجس من الحداثة. وأشير إلى أن جزء من الرغبة في سيطرة هذا الفكر يدخل في نظام من المصالح، أعتقد أنه إذا انفتح الشاب المسلم على الحداثة، ربما سيحمل أسئلة ديكارتية.

*كيف يمكن للشباب المسلم أن يدخل هذه الحداثة في ظل هذه الوضعية الثقافية الفكرية؟
إن انفتاح الشباب على الحداثة يمر عبر المعرفة.

*لكن الحداثة تتعارض مع ما هو ماضوي، وهذا يعني إلغاء الدين بشكل من الأشكال؟
-أعتقد أن هناك مقاربات جيدة للحداثة، فهي لا تعني بشكل أوتوماتيكي إلغاء الدين، فيمكن أن يحدث نوع من التصالح أو quot;زواج المتعةquot;، فهناك إضاءات جميلة في كل الأديان ومنها الدين الإسلامي، لإيجاد حالة من التوافق، فالإسلام لا يلغي العصرنة ولا يلغي العلم، هناك من الفقهاء من يناقش ضرورة مدخلية الزمان والمكان في استصدار الفتوى، وإن كنت أتحفظ كثيرا على الفتوى.

* لماذا تتحفظ عليها؟
- لأن هناك كثير من الفتوى تسقط على الناس عبر المظلات، وهناك فتاوى أخرى تلبي ما يطلبه المشاهد. وجزء من الفتاوى لا تأخذ بعين الاعتبار العالم وحركيته، فيفتي.

*ما البديل؟
- أن يستند الإفتاء إلى مؤسسات تضمن علماء إسلاميون من أصحاب المعرفة والعلوم الإنسانية.

* لكن دولا اعتمدت على ما يسمى دار الإفتاء فشلت مع ذلك في هذه النقطة؟
- هناك فرق بين المفكر وبين الخطيب، فهؤلاء لا يشتغلون على الفكر، بل على ما هو مأدلج، إننا بحاجة إلى مفكرين يمتلكون أدوات معرفية ويمتلكون أدوات تحليل النص ويمتلكون آليات العلوم الإنسانية، يقرأون الفكر الغربي بتعمق وبحثا عن المعرفة وليس انطلاقا من أحكام مسبقة، كما أن هؤلاء يجب أن يمتلكوا رؤية نقديا لفكرهم وللواقع، بإمكانهم أن يعيدوا قراءة النص الديني قراءة نقدية لا عدائية ومتأزمة.هذا يمكن أن يشكل صورة جميلة ويعطي خطابا يواكب العصر.

* الإعلام والتكنولوجيا الجديدة جعلت الإفتاء أمرا أكثر سهولة، على التلفزيون وفي المواقع الإلكترونية عينة من هذه الفتاوى، فهذا سيضعف من قيمة المفتين، فكيف يمكن مواجهة هذا؟
- البديل هو مشروع إسلامي متكامل، وأنا أتساءل هل هناك مشروع إسلامي؟ حتى الآن لم يعط المفكرون الإسلاميون والفقهاء إجابات عن كثير من التساؤلات، فكثير من الإجابات إنشائية ومثالية لكن نتورط عندما تواجه الواقع، كقانون الأسرة والديموقراطية...هنا يعيشون في ورطة. إلى الآن لا يوجد مشروع.

* ما هي الأسباب الأخرى لغياب هذا المشروع؟
- هناك تداخل مجموعة من الأمور، منها السياسة ومنها نرجسية رجل الدين، إنه يخاف من الدخول في هذه الدهاليز والأسئلة ويشكك في بعض الأمور خوفا من ذهاب الكاريزما والسلطة الشعبية، إنه يفضل مجموعة من الناس لا يفهمون ولا يفقهون أفضل من أن يفتح عقلية هؤلاء الناس على معارف أخرى تجرده بعد ذلك من كثير من الامتيازات.

* في quot;ندوة أصيلةquot; وقع حديث عن ضرورة تغيير أصول الفقه والبحث عن آليات جديدة لاستنباط الأحكام، هل هذا ممكن؟
- لماذا لا، فالذين صاغوا بعض القواعد والآليات لاستنباط الأحكام هم علماء، ثم إن عقل الإنسان محكوم بزمانه، فنحن نعيش أسئلة مختلفة عن أسئلة الماضي، إننا نعيش اليوم أسئلة كونية لا تقبل المزاح، فالعولمة تبلع كل شيء، فالشباب يسمع الموسيقى والأغاني، فكيف تتعاطى مع الفن والموسيقى، هناك فتاوى تتحدث عن جواز التقاط الصور وجواز النحت. إننا في حاجة إلى إعادة قراءة بعض الأمور ونجد إجابات. إن تلك القواعد لا تصلح كلها حاليا.

* ما الذي يجب أن يتغير في أصول الفقه، هل البنية ككل؟
- يجب أن تتغير البنية، حتى في بعض الروايات هناك حكم مسكون بالتاريخ، لنأخذ على سبيل المثال رواية موجودة في الصحيح quot;لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأةquot; كل الفقهاء والعلماء من القرضاوي إلى محمد الغزالي..لا يرون الولاية العامة للمرأة انطلاقا فقط من هذه الرواية، لحديث واحد، ويقدمون الجانب التاريخي للحديث ويقرون أن الظروف تغيرت، لكنهم لا يقولون بالولاية العامة للمرأة. لقد أثبتت التجربة أن المرأة يمكن أن تباشر كل الشيء بما فيها إدارة دولة، إن الولاية العامة لا مانع لها.

* هذا الإشكال يقودنا إلى إشكال آخر، هل يمكن الاجتهاد خارج النص القرآني، واعتماد على روحه، كما حاول بعض المثقفين، فمسألة الإرث مثلا المرأة ترث نص ما يرثه الرجل، ولما خصص لها النص كان الرجل يؤدها؟
- هذا السؤال توجهه إلى الشيخ حسن الترابي، فكل الفقهاء الموجودين، لا يمكن أن يتجاوزون النص القرآني يعتبرونه من الثوابت كحرمة الخمر، إن كل الفقهاء يتفقون بعدم إمكانية النقاش في هذه الأمور، لكن الآن ظهر فقهاء يستطيعون الحديث عن هذه الأمور كما فعل الترابي. إنني مع ثوابت القرآن والنقاش يكون عن التحولات.
[email protected]