تؤكد مصادر خاصة لـquot;إيلافquot; ثمة توجيهات تقضي بالصمت شبه المطبق حيال قضية الإستدعاءات السورية في حق عدد من السياسيين والصحافيين والموظفين الأمنيين والقضائيين الكبار في بيروت ، في انتظار معالجتها عبر وساطات مع السلطات في دمشق، كما أن زيارة الجنرال ميشال عون إلى سوريا اليوم قد تكون لها علاقة بهذه القضية.

بيروت: قد تكون للزيارة المفاجئة التي قام بها صباح اليوم الأربعاء النائب الجنرال ميشال عون لدمشق علاقة ما بالإستدعاءات التي صدرت عن القضاء السوري في حق عدد من السياسيين والصحافيين والموظفين الأمنيين والقضائيين الكبار في بيروت . إستدعاءات سلكت طريقها من دمشق عبر سفارتها في بيروت إلى وزارة الخارجية اللبنانية لتسلمها إلى مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا، المطلوب منه- نظرياً على الأقل- أن يصدر استدعاءات موازية بموجب الاتفاقات المعقودة بين البلدين، بالأسماء الواردة في الطلب السوري، لتوقيفهم وإرسالهم إلى دمشق، ومن ضمنهم المدعي العام اللبناني القاضي ميرزا نفسه ! وذلك بصفتهم مدعى عليهم، وليسوا شهوداً، في الدعوى التي رفعها ضدهم أمام القضاء السوري المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيّد، وفحواها أنهم زوّروا وقائع وفبركوا شهود زور أمام لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقد ادعى أيضا على رئيسها السابق ديتليف ميليس أمام القضاء السوري، فضلا عن دعوى اقتصرت على quot;القدح والذمquot; أمام القضاء الفرنسي، شملته مع السفير السابق للبنان في باريس العقيد جوني عبده.
وفهمت quot;إيلافquot; من المحيطين برئيس الحكومة سعد الحريري أن ثمة توجيهات تقضي بالصمت شبه المطبق حيال قضية الإستدعاءات السورية، في انتظار معالجتها عبر وساطات مع السلطات في دمشق، علما أن هذا التطور القضائي السوري الذي لم يكن في الحسبان يناقض الأجواء الإنفتاحية بين دمشق وبيروت، والتي عملت من أجلها المملكة العربية السعودية ودول أخرى، وكانت ترجمتها في اتخاذ quot;القرار الصعبquot; بزيارة الحريري لسورية بعد أيام ولقائه رئيسها بشار الأسد بعد سنوات من توجيه الإتهامات إلى القيادة في دمشق باغتيال والده الرئيس الراحل رفيق الحريري.

وتشمل الإستدعاءات أيضاً عددا كبيرا من مساعدي الرئيس الحريري والقريبين منه والمحسوبين عليه، أمثال مستشاره الإعلامي الأبرز هاني حمود والنائب مروان حمادة ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام الحسن، الذي يتولى مع المسؤولين السوريين ترتيبات زيارة الحريري لدمشق . وشملت أشخاصاً آخرين عرباً وأجانب لتبليغهم بطريقة أخرى، من بينهم رئيس تحرير صحيفة ldquo;السياسةrdquo; الكويتية أحمد الجار الله، ومراسل quot;السياسةquot; الصحافي المقيم في بريطانيا حميد الغريافي، إلى الوزيرين السابقين شارل رزق وحسن السبع, والنائب السابق الياس عطا الله، والسفير السابق جوني عبده، إضافة إلى القاضيين وصقر صقر والياس عيد، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ، والضباط في قوى الأمن سمير شحادة وحسام التنوخي وخالد حمود والعميد المتقاعد محمد فرشوخ, والصحافيين فارس خشان وهاني حمود وعمر حرقوص وعبد السلام موسى وأيمن شروف وحسن صبرا وزهرة بدران ونديم المنلا، والصحافي السوري المقيم في لبنان نهاد الغادري، والمواطن اللبناني عدنان البابا، والشاهدين المقيمين في لبنان أكرم شكيب مراد وإبرهيم ميشال جرجورة الذي ldquo;مُنع حتى الآن من مغادرة لبنان إلى بلاده سورية بقرار شخصي من القاضي ميرزاquot;، وفق ما كان أعلن السيّد في بيان.

وبعدما أشيع الخبر سرت بلبلة واسعة في المجالين القضائي والسياسي في لبنان. على المستوى القضائي برز في البدء اعتراض واستياء من طريقة التعاطي والمخاطبة بين البلدين وعدم مراعاة الأصول التي تقضي باستدعاء المعنيين كل بحسب مذكرة، خصوصا اذا كان في الأمر استدعاء لقضاة وللنائب العام التمييزي، وأيضا عدم مراعاة مضمون الاتفاق القضائي المبرم بين البلدين، خصوصا بعدما تردد ان الاستنابات السورية وردت عبر المجلس الأعلى اللبناني - السوري وليس عبر القنوات المعتمدة والاجراءات المتبعة في حالات كهذه ، أي قناة وزارة الخارجية السورية الى وزارة الخارجية اللبنانية وعبرها الى وزارة العدل اللبنانية، وذلك قبل أن تلجأ السلطات السورية إلى quot;التصحيحquot; وإرسال الإستدعاءات بالطريقة الدبلوماسية .

والسبب الآخر القضائي للإستياء في بيروت ، هو أن الأصول تقضي بأن يودع القضاء السوري القضاء اللبناني ملفا قضائيا موثقا ومعززا بالأدلة والبراهين عن أي لبناني مدعى عليه يتم استدعاؤه الى سورية ويكون ارتكب الجرم المتهم به على الأراضي السورية.

أما على المستوى السياسي فتلقى فريق الغالبية النيابية هذا التطور باستغراب ودهشة وتعاطى معه بحذر وتحفظ في حين التزمت قوى المعارضة الصمت وعدم التعليق. ورأى فريق الغالبية ، في مجالس خاصة، ان صدور هذه الاستنابات في هذا الوقت، بصرف النظر عن دوافعها القضائية وما اذا كانت محقة أم لا، لا يمكن تفسيره الا استهدافا لزيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق والمناخ الايجابي التي تجري من ضمنه، وأن هذا التطور يناقض كل ما سبق من تفاهمات سعودية - سورية ومن توجهات سورية الى ادخال تغييرات ملحوظة في نمط التعامل مع لبنان وشؤونه الداخلية. ويجمع أصحاب هذا الرأي على استحالة الفصل لدى القيادة السورية بين ماهو قضائي وأمني وسياسي. فلا قضاء مستقلاً في سورية على النمط البريطاني أو العالمي الشائع ، والمسألة هي بطبيعة الحال أن دمشق أرادت توجيه رسالة سياسية إلى الحريري وكل من يعنيهم الأمر، فحواها أن المحكمة الدولية لم تعد ورقة ضدها أو سيفا مصلتا فوق رأسها بقدر ما أصبحت ورقة وسيفا في يدها، وان الانتقال بالعلاقة اللبنانية السورية الى مرحلة جديدة يفترض الانتهاء من أعباء المرحلة السابقة ورموزها، وان زيارة الحريري الى دمشق تتم وفق المواصفات السورية الموضوعة لها.

وثمة من يسألون من بين الدائرين في فلك الحريري هل أن دمشق تريد إرجاء زيارته إليها أو إلغاءها كليا، علما أنها كانت أبدت شوقا وحماسة هائلة لها ، لا بل كانت وضعتها بمستوى الشرط لتسهل تأليف الحكومة اللبنانية من خلال حلفائها في لبنان؟ أم هي مجرد رسالة استفزاز لإفهام الحريري أنه ليس في موقع القوة ، وإذا كان يقول بفصل العلاقة مع سورية عن موضوع المحكمة الدولية فهي أيضا تفصل بين زيارته وكون بعض العاملين في فريقه مطلوبين للقضاء السوري، وعليه أن يفهم أن عليه تقديم تنازلات والتخلي عن بعض مساعديه وحلفائه في لبنان كي يتمكن من أداء دوره كرئيس لحكومة ، وإلا فإن فترة السماح التي يقدرها سياسيون بنحو شهرين من الإستقرار ستكون مهددة باختزالها ، ولأتفه الأسباب إذا دعت الحاجة، علماً أن الحريري أبعد عن الحكومة كل من يمكن أن يثير اسمه إزعاجا للقيادة السورية، في إطار فريقه ، وأتى بشخصيات منquot;تيار المستقبلquot; أو القريبين منه لا تثير أي حساسية لدى دمشق ، كما نزل عند رأي حلفاء دمشق في كل نقطة أثاروها في البيان الوزاري تقريباً، وquot;ضبطquot; كل من يمون عليهم في المدة الأخيرة ، لئلا يصدر عنهم أي شيء يمكن أن يثير استياء دمشق أو quot;حزب اللهquot;.

وينقل بعض المطلعين على خط الإتصالات مع دمشق في بيروت أجواء مختصرها إن القيادة السورية لن تنظر بعين الرضا إلى قيام الحريري بزيارتها في إطار جولة عربية تبدأ بالمملكة العربية السعودية ، إذ جرت العادة أن تكون الزيارة الأولى لرئيس الحكومة اللبنانية إلى دمشق مباشرة، ومن طريق البر وليس جواً. لكن هذه من التفاصيل الشكلية، والأهم كيف سيتعامل سعد الحريري مع هذا التحدي ؟ كل العيون شاخصة إليه وتتابع .