سميرة سعيد
الهادي الزعيم من تونس: إن المتتبع للدورة الفارطة من مهرجان قرطاج الدولي يلاحظ اجتهاد الهيئة المديرة وعلى رأسها الفنان ورجل المسرح القدير السيد رؤوف بن عمر من أجل إعادة هيبة هذا المهرجان العريق الذي قيل انه فقد في السنوات الأخيرة الكثير من بريقه وإشعاعه كمنارة مضيئة في عالم الفن الأصيل .ولا يتردد اثنان في القول إن رؤوف بن عمر قد تمكن من برمجة عدة عروض هامة وتخصيص عرض الافتتاح والاختتام للطاقات الإبداعية التونسية. غير أن الكشف الواضح والدقيق لعروض المهرجان المسرحية والفنية ومداخيلها بالعودة إلى تذاكرها يثبت أن هذه الدورة قد شملت أيضا على عروض فاشلة ولا ترتقي إلى مستوى هذا المهرجان العريق.
إذ تجدر الإشارة إلى أن دخول بعض المؤسسات الفنية ذات الغرض التجاري مثل روتانا ومحدودية المستشهرين ومساهمة بيع التذاكر عوامل قد لا تساعد على إصدار حكم منصف للدورة 41 لمهرجان قرطاج الدولي ...الخبر تسرب ويمكننا اليوم الوقوف على حقيقة العروض الفنية المقدمة على مسرح يعود تاريخه إلى 3000 سنة حقيقة قد لا تعجب الكثيرين . حقيقة تطلعنا على مصاريف عروض مهرجان قرطاج الدولي 2005. لقد بلغت جملة التكلفة لهذه الدورة 4 ملايين وستمائة ألف دينار بما فيها تكاليف العروض وأجور الفنانين وخلاص العملة وأعوان الأمن والحماية المدنية. علاوة على مصاريف النشرية والإشهار من اذاعة وتلفزة وإعلانات في الصحف اليومية وهذه المصاريف الأخيرة تقدر بمليون ومائتي ألف دينار .في المقابل تقدر مداخيل التذاكر بـ 558 ألف دينار متأتية من الاشتراكات كذلك.
ويذكر أن جمهور قرطاج قد حضر بأعداد غفيرة في بعض العروض ومنها عرض الافتتاح الذي أمنه الفنان الفاضل الجزيري quot;زازا quot;وحضره 8000 متفرج وقدرت مداخيله بما يفوق 17 الف دينار. في حين أن تكلفته بلغت 163.000 ألف دينار. أما عرض الاختتام الذي ناهز الحضور فيه 7000 متفرج فقد كانت تكلفته في حدود 138.000 الف دينار وكانت مداخيله في حدود 3 آلاف دينار .

وقد طال العجز بين كلفة المصاريف والمداخيل حفلات روتانا فمروان خوري وأصالة بلغت الكلفة 45.584 ألف دينار في حين أن المداخيل من الحفل ذاته لم تغط المصاريف وقدرت بـ37.814 الف دينار. وكذلك الأمر بالنسبة إلى حفل انغام ورامي عياش حيث كانت المداخيل حوالي نصف التكلفة المقدرة بـ43.600 الف دينار. إما مداخيل غريس ديب ورضا العبد الله فحددت بـ5 آلاف دينار في حين ان كلفة عرض رضا العبد الله وغريس ديب كانت في حدود 36.780 الف دينار. ومداخيل عرض الفنان التونسي زياد غرسة خارج سرب روتانا قدرت بـ 5.959 ألف دينار في حين ان كلفة عرضه 56.074 الف دينار واما حفل الثنائي ايهاب توفيق وشيرين فقد بلغت مداخيله 55.808 الف دينار وكان عرضا مربحا جماهيريا وماليا اذ كانت كلفة تنظيمه مع كاشي الفنانين في حدود 36.780 الف دينار.
عروض أخرى شهدت فشلا ماليا ذريعا نذكر منها عرض فلة ومعين شريف إذ بلغت المداخيل فقط الفا و690 دينارا بينما كانت كلفة العملية تقدر بـ 37380 الف دينار.وكذلك حفل سميرة سعيد ولطيفة اللذين كبدا ميزانية المهرجان خسارة فادحة .

من ناحية أخرى، حققت سهرة صابر الرباعي ثم تلتها حفلة مرسيل خليفة وهاني شاكر نجاحا ماليا وجماهيريا منقطع النظير

وعلى الرغم من وجود بعض الهفوات ونقاط الضعف فانه لا يمكن التغافل عن النقلة الجذرية التي حققتها هذه الدورة باستضافة أسماء كبيرة مثل مرسيل خليفة ومحمود درويش .

ويبقى السؤال كيف تسربت هذه المعطيات ؟ومن المستفيد من تسريها للرأي العام ؟ أسئلة كثيرة تتبادر للذهن في ظل غياب رد فعل حقيقي من إدارة المهرجان .