أصالة وكاظم.. ليلة من الإبداع
سعيد حريري من الدوحة: ليلة quot;مسك بمسكquot;، وطرب بطرب، وإبداع بإبداع، بإختصار إنّها كلمات قليلة ليس فقط بالحجم، وإنّما أيضاً هي ليست كافية لوصف تلك الليلة النادرة من الطرب الأصيل.
عملاقا الطرب أصالة وكاظم الساهر إجتمعا في ليلة واحدة، هي الليلة الثالثة من ليالي مهرجان الدوحة الغنائي السابع للأغنية، وزيّن الليلة حضور الموهبة القطريّة الشابّة سعد الحمد الذي قدّم أغاني قطرية طربيّة رائعة أدّاها بصوته العذب.

سعد حمد
وقدّم سعد خلال وصلته أغنيات عديدة منها: quot;نبقى حبايبquot;، وتفاعل معها الجمهور بطريقة لافتة، وكان سعد صادق الإحساس، وهو يشدو:quot; نبقى حبايب لو زعلنا/ عمر الزعل ما يوم فرّقنا/ لو إختلفنا في العمر مرّة/ ما في قوّة اليوم تبعدناquot;.
كما أعادنا بالذاكرة إلى الفنّ الأصيل وأغنية للعملاق الراحل فرج عبد الكريم بعنوان quot;ولهان ومسيّرquot;، وتابع سعد بأغانيه الخاصّة يلعب على وتر الإحساس فيصل إلى النشوة: quot;ويش رجّعك، والشكوى لله، وتاج راسي، وتستاهلquot;، سعد الحمد قدّم وصلةً جميلة، وبان من عينيه الفرح العارم بهذه الفرصة التي أتاحت له الظهور قطرياً، وخليجياً، وعربيّاًquot;، فكلّ التوفيق لهذه الموهبة الشابّة والرصينة.

أصالة الفنّ

اصالة

وصلة من أروع الوصلات التي قدّمتها أصالة على مسارح العالم العربيّ كانت أمس، بهذا الصوت العذب، والأخّاذ، الذي يتفوّق على نفسه كلّ مرّة، والذي كلّما مرّت عليه الأيّام يوماً بعد يوم، يزداد حلاوةً وعراقةً، سمعت أصالة بين العام الماضي في أكثر من مناسبة، ومنها حفلها في دار الأوبرا، وحفلها في التلفزيون بشكل مباشر على المسرح، وفي كلّ مرّة أقول تلك المرّة هي الأجمل، إلى أن إستنتجت بأنّ المرّة تلو المرّة تزيد روعة صوتها، وعذوبته، أبدعت أصالة كالعادة ليلة امس عندما قدّمت وصلتها بقيادة المايسترو الكبير الدكتور خالد فؤاد، وفي وصلتها إمتلأت الصالة بالجمهور الذي أتى ليستمع إلى نجمين كبيرين يعدّان من أبرز نجوم الطرب العربيّ، إن لم يكونا في طليعته، وكانت وصلة أصالة ليلة أمس بمعظمها خليجيّة، ولا حاجة للقول بأنّ الكلمات الخليجيّة مليئة بالإحساس، والشجن، والمعاني الرومانسيّة الرقيقة، فكيف إذا كان مؤدّيها صوت كصوت أصالة الشجيّ، الذي يليّن الصخر؟
quot;أسمع صدى صوتكquot; هي الأغنية التي إفتتحت بها أصالة حفل الأمس، وما إن فرغت من الأغنية حتّى سمعنا صدى صوت الجمهور يدوّي في الصالة:quot; بصّ شوف اصالة بتعمل إيه!!quot;.
quot;توّك على باليquot; أغنية حمد بن سهيل الكتبي، تفاعل معها الجمهور بشكلٍ لافت في quot;الصفقات الخليجيّةquot;، تبتعتها أصالة بأغنية مصريّة جميلة، وإيقاعية:quot; شغلّي بالي الهوىquot;، ويردّد الجمهور مع أصالة المقطع التالي:

quot; ويلي منّو يا ويلي
ويلي ده الشوق ناويلي
ويلي عيني يا ليلي
سهّر عينيّquot;
وفي نهاية الأغنية هتف الجمهور بأعلى صوت تحيّة للمبدعة اصالة.
وبدلع راقٍ، ونظرةٍ شقيّة، غرّدت أصالة قائلة:quot; ما سألته صاحب النظرة الخجولةquot;، وتابعت بأغنية بدأتها كلاماً بدون موسيقى: quot;شفت محبوب غيركquot; فردّ الجمهور بأعلى صوت:quot; كتّر الله خيركquot;، فقالت أصالة بسرعتها البديهية:quot; والله هيدا اللي صاير يا شبابquot;!! في محاولة لإسقاط معاني الأغنية على تفاصيل حياتها الشخصيّة، وروت أصالة عطش الجمهور عندما أدّت بإحساس يسبر غور المشاعر:
quot;كنت تحلم بحبّي/ كنت تتمنّى قربي/ كنت بيّ متيّم/ وكان قلبي اسيركquot;، فتابع الجمهور:quot;كتّر الله خيركquot;. وعندما إنتهت الأغنية صرخ الجمهور: quot;بصّ شوف اصالة بتعمل إيهquot;، فقالت لهم أصالة:quot; هل تصدّقون بعد كلّ هذا العمر الفنّي، ما زلت أستحيquot;، فصفّق لها الجمهور دعماً وتشجيعاً.
غريب هذا الحبّ الذي يكنّه الجمهور لأصالة، فعلى طول السهرة كان الجمهور يطالب أصالة بأغنياتها القديمة، ويهتف ويصرخ باعلى صوت:quot; ما بحبّش حدّ إلاّ أنتquot;، وquot;سامحتكquot;، وغيرها من الأغاني التي طبعت إنطلاقة أصالة، وغريبة هذه الأصالة التي رغم كلّ معاناتها ما زالت قادرة على الصمود والإبداع، فعلاً إنّها مطربة الجيل، ومطربة الأجيال القادمة...

اصالة مطربة هاربة من الزمن الجميل، ولكن نقطة الإختلاف بينها وبين مطربات الجيل السابق، أنّ أصالة توسّعت في فنّها لتقدّم اللهجات العربيّة المختلفة، ولتولي منطقة الخليج، حصّة كبيرةً من رصيدها الغنائي، فهي تجيد اللون الخليجيّ بروعة، وهذا ما يجعلها تتفوّق وتتميّز!




وتابعت أصالة برائعة الشاعر الأمير عبد الرحمن بن مساعد، وشجن ما بعده شجن:
quot;رحل إشتاق لجراحي رحل
يحقّله طيبتي ما تحتمل
قليلة في وقت الهموم
ما كنت أعاتب أو ألوم
يحقّله ما يحتمل هذا الملل... رحلquot;، وللمرّة الأولى في ليالي المهرجان السابع نسمع زغاريد وسط الجمهور الحاضر.
وبدون موسيقى أدّت اصالة بمشاركة الجمهور أغنيتها الرائعة: quot;يا خاليquot;، فردّد معها الجمهور: quot; يا خالي... كانّك شاعر توصفني من راسي لخلخالي...والعيون جوز قلام...خطّتهم إيد الرسّام... والعاشق يسهر ما ينام...لحالو يعدّ الليالي.. ياخالي يا خاليquot;.
وتابعت اصالة بأغنية quot;متى شوفكquot; التي ما إن سمع الجمهور كلماتها الأولى حتّى صفّق وهتف، وردّد مع أصالة:quot; متى شوفك نظر عيني... تنوّر عمري وسنين... انا مالي سواك...تعبني الشوق وأضناني... وخلاّني مع أحزاني...تعب قلبي معاكquot;.
...نغمات البيانو تبحر في أرجاء الصالة، وتتغلغل إلى أعماق الآذان ألحان أغنية quot;ومشيت سنينquot;، فيصرخ الجمهور، ويصل إلى حالة هيستيريا، ويقول مع اصالة:
quot;ومشيت سنين...سنين سنين... وانا داري عليهم... وبقيت سنين... سنين سنين... وانا روحي بإيديهم... ولاّ حنّيت بيوم إلاّ لهواهم... ولا حسيت بالغربة آآآآآآآآآآه في لحظة معاهمquot;، أغنية رائعة للاصيلة أصالة أدّتها بإنسجام تام مع الجمهور.
وأهدت أصالة على المسرح التحيّة لإبنها quot;لوديquot; (خالد)، وغنّت لإبنتها شام أغنية quot;حكايةquot;، وقالت:quot; أهدي هذه الأغنية لشام، ولكلّ فتاة في عمر شام، أو أصغر أو أكبر منها تشعر بأنّي والدتهاquot;، وبإحساس الأمومة المتدفّق غنّت أصالة:
quot; نحكيلك اجمل حكاية
عن قصّة حبّ وقلبين
صارت تبك دنياهم أجمل
يا أغلى من ضيّ العينquot;
ورافقها في هذه الأغنية صولو قانون بدون الآلات الموسيقيّة الأخرى. وتابعت اصالة بأغنية quot;روّح وروحquot; التي هتف لها الجمهور طويلاً.

وختمت أصالة برائعتها quot;آسفةquot;، ولا تكفي الكلمات فعلاً لوصف إحساس أصالة ومدى تفاعل الجمهور معها في تلك الأغنية الرائعة التي قالت أصالة في مقدّمتها:quot; في شي خفيّ مجهول....بوصّلني لعندكم... بس ما بعرف إسأل...بشكركم إنّكم جيتوا لعندي.... محبّتكم دفّتني... وانا بحاجة إلى محبّة وضمير ووفاء... وأتمنّى الخير لسوريا والعراق ولبنان وكلّ بلد عربيّ... صوتي يرافقكم، ويحضنكم بكلّ المحبّة التي فيه... كلّ اللي زرعتو بصوتي كان لأهديكم ما لديّ من سعادةquot;. يذكر أنّ أصالة تميّزت بعباءة رائعة صمّمها مصمّم الأزياء اللبنانيّ المبدع نيكولا جبران.

القيصر الساحر

كاظم الساهر

تلا وصلة أصالة، وصلة القيصر كاظم الساهر، الذي بنى مع الجمهور علاقة ساحرة، جعلت الجمهور يتسمّر في أماكنه منتظراً صعود النجم الساحر كاظم الساهر على مسرح قاعة الدفنة، وقبل أن يصعد كاظم على المسرح، إفتتح الوصلة الطفل المعجزة بلال الوسيمي بأغنية quot;زغيّر وملعّبquot;، ثمّ عرض تقرير مصوّر تكريميّ للفنّان العراقي الرائد ناظم الغزالي، وسمعنا للغزالي أغنية نادرة بعنوان quot;على جسر المسيّبquot; سيّبنونيquot;، وما إنّ أطلّ كاظم على المسرح حتّى إرتعدت الصالة تصفيقاً وهتافاً، فإفتتح بأغانيquot; ما سكن عوديquot;، وquot;يا العزيزquot;، وquot;البنيّةquot; التي لاقت تجاوباً كبيراً من قبل الجمهور، وصرخ الجمهور بأعلى صوته عندما غنّى كاظم quot;غاليةquot;، وquot;أجمل ما في الكون... عيني أنا وهالعيونquot; التي ردّدها الجمهور عن ظهر قلب:
quot; يزعل منّي ويبعد عنّي وبعد شويّة تشوفه في حضنيquot;.. عيني من نظرة العيون...quot; فتفاعل الجمهور مع الأغنية تصفيقاً.
وللشاعر أسيل الشوق غنّى كاظم quot;إنتهى المشوارquot; وquot;إلك أيّاميquot; وهي أغنيات رائعة سافر فيها كاظم بجمهوره قبطاناً لسفينة الرومانسية المفرطة، وكان الجمهور أقرب إلى حالة النشوة عندما كان يسمع صوت كاظم الأسطوري، ويرتفع كاظم إلى أقصى درجات الإبداع والتفاعل مع الجمهور عندما يصدح بصوته: quot;اليد شيكوليته... والفمّ فدّيته.. والخدّ بسته وبكّيته... بيها شي لا ما بيها..quot;وكان يغنّي الجمهور مع كاظم كلمة بكلمةquot;، وأبدع كاظم بموّال أكثر من رائع:
quot;عندك ناس يعيشوا بلاهم
وعندك ناس ما تسوى بلاهم
وعندك ناس وين ما تروح يصيبك بلاهم
وعندك ناس يا ريتك بلاهمquot;
فعلاً الله يا كاظم على هذا الآداء، وعلى هذا الموّال الرائع في معناه، وبعد الموّال أشعل كاظم الصالة بأغنية:quot;عيد وحبّ هاي الليلة... الناس معيّدةquot;، وتجاوب كبير من قبل الجمهور يأتي مع أغنية quot;زغيّر وملعّبquot;، ويزداد الحماس مع بزوغ ساعات الفجر الأولى وكأن الجمهور ما زال في اول السهرة، الناس كلها متسمّرة في أماكنها، وأغاني رائعة :quot;تتبغدد عليناquot;، quot;وإنّي أحبّكquot; التي أضطر كاظم لإعادتها مرّة ثانية من جديد بعد أن إنتهى من المقطع الأوّل، بسبب هتاف وحماس الجمهور، وأبدع كاظم في مقطع:

quot; وإني أحبك ولكن أخاف التورّط فيك... التعلّق فيك... التوحّد فيك...
فقد علّمتني التجارب أن أتجنّب عشق النساء وموج البحار...
وquot;إنّي أحبّكquot;، أغنية رائعة من شعر نزار قباني، وتوزيع الدكتور فتح الله أحمد.
وللشاعر المبدع عزيز الرسّام غنّى كاظم:quot; منين أجيب إحساس ...للّي ما يحسّquot;، تبعها بأغنية هارب، وطالب الجمهور الحاضر النجم الساحر بأغنية ليلى أكثر من مرّة، ولكنّه لم يلبّ طلبهم، وعوّضهم بأغنية أحبّيني، وكأنّ كاظم يعطيهم حقناً مهدّئة، تنسيهم ما يطلبونه، ليفاجئوا بأنّ ما يقدّم أروع.
أغنية quot;أحبّينيquot; ألهبت الجمهور وكان مسك ختام تلك الليلة الطربيّة النادرة.















الطفل المعجزة بلال الوسيمي




























[email protected]