المغرب: لموسيقى كناوه سحرها الخاص ، تشد المستمع بإيقاعاتها ونغماتها دونما سابق إنذار ، تسافر عبر دواخلنا كي تكشف الحجب و تغدي خواء النفس المثقلة بالهموم و الأحزان ..
تختزل هذه الموسيقى ذات الأصول الإفريقية تاريخا متخما بالجراحات والآلام ، لحقت بالعديد من الأفارقة الذين اقتلعوا من أرضهم و اقتيدوا كعبيد إبان ازدهار تجارة الرق بين القارات الثلاث ، إفريقيا ، أوربا و أميركا ؛ لقد كانت آهاتهم و تعبيرهم عما يخالجهم الملاذ الوحيد الذي يخففون به حدة آلام السلاسل و أبشع المعاملات اللاإنسانية ..
لقد انتشرت وأثبتت هذه الموسيقى حضورها بالمغرب بفعل التصاقها بالوجدان الإنساني ، لدرجة أصبح لكل مدينة اكناوييها وامعلميها ..وحميد القصري كنموذج للمعلم الكناوي المغربي ، هذا الآتي من الشمال وبالضبط من مدينة القصر الكبير لديه شغف خاص بهذه الموسيقى ، إذ تتلمذ وهو بعد لم يتجاوز العاشرة من عمره ، على يد العديد من المعلمين ، سافر عبر ربوع المملكة كي ينهل من أسرار هذه الموسيقى و أنماطها المختلفة ..
لم يكتف المعلم القصري بالتقليد و إعادة إنتاج ما هو موجود ، إذ عكف على بحث السبل التي تجعله يضفي لمسته على هذه الموسيقى ، و ذلك باعتماد آلات حديثة و إدماجها مع الآلات التقليدية المعروفة كالكنبري و القراقب .. وذلك حسب رأيه ، raquo; .. أن تصير الموسيقى الكناوية عالمية ويستطيع كل عشاقها في العالم أن يستوعبوها و يفهموها ، إضافة أني أحاول تقريب هذه الموسيقى أكثر من الجمهور باعتماد كلمات بسيطة يفهمها الجميع ، وهدفي من كل هذا أن تصبح الموسيقى الكناوية في متناول الجميع و ذات خطاب يسهل فهمه و التماشي معه ... laquo;
ساهم حضور هذه الموسيقى في السنين الأخيرة بجلب عشاق كثر لها ، و بتنظيم مهرجان خاص بها يلم كل المعلمين الكناويين ، إنه مهرجان الصويرة الذي أصبح تقليدا سنويا تأتيه الفرق الكناوية لتقديم منتوجها الموسيقي و كذا الاشتغال رفقة مجموعات أجنبية على توليفات موسيقية تعكس تلاقي وتلاقح التراث الفني لشعوب العالم...