بيروت: شدّد نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي الثلاثاء على أنّه لا خيار أمام نواب حاكم مصرف لبنان إلا بتولي مهامه، بعد انتهاء ولايته آخر الشهر الحالي، وتعذّر تعيين بديل عنه في بلد تنهشه أزمات متعددة.
وتنتهي في نهاية تموز/يوليو ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم والذي تشكّل ثروته منذ عامين محور تحقيقات محلية وأوروبية. ويحول الشلل السياسي مع فراغ سدة الرئاسة ووجود حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات من دون ملء الشواغر في إدارات عامة عدّة بينها حاكمية مصرف لبنان.
وقال الشامي "نحن بحاجة إلى تعيين حاكم لمصرف لبنان بالتشاور مع كل الأفرقاء السياسيين"، مقراً في الوقت ذاته بوجود "صعوبة لأن الظروف غير مهيئة لتعيين حاكم جديد خلال أسبوع".
وأضاف "في هذه الأثناء، يمكننا أن نواصل البحث في الموضوع وأن يستلم نائب الحاكم الأول وفق قانون النقد والتسليف"، موضحاً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تمنى على النواب الأربعة خلال اجتماع عُقد الإثنين أن "يبقوا في مواقعهم وفق ما ينص عليه القانون أولاً، وثانياً لأنه لا خيار آخر في ظل هذه الظروف إلا أن يستلموا".
وبحسب قانون النقد والتسليف، يُعيّن الحاكم لست سنوات بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، على أن يؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية.
وفي حال شغور المنصب، يتولى نائب الحاكم الأول، وهو المنصب الذي يشغله حالياً وسيم منصوري، مهام الحاكم ريثما يعين بديل.
الضغط على الطبقة السياسية
ولوّح النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان قبل نحو ثلاثة أسابيع بالاستقالة، في خطوة هدفت للضغط على الطبقة السياسية من أجل تعيين حاكم جديد. وقدموا الى لجنة برلمانية خطة عمل يشترطون من خلالها إقرار قوانين عدة، لم ينجح البرلمان في تمريرها، رغم أنها تعد مطالب رئيسية لصندوق النقد الدولي من أجل دعم لبنان.
وأوضح الشامي "يطلبون الغطاء من الحكومة اللبنانية ومجلس النواب ليستمروا بعملهم لكنهم لم يعلنوا أنهم سيستقيلون"، مشيراً الى اجتماع سيعقد في اليومين المقبلين في محاولة لإيجاد حل لأزمة مصرف لبنان.
يشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ نحو أربع سنوات، ويشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات ملحة لتقديم دعم مالي. وفشل البرلمان منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، 12 مرة في انتخاب رئيس، في بلد يقوم نظامه على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتطلب فيه تعيين موظفين من الدرجة الأولى توافقاً سياسياً يبدو من الصعب توافره في الوقت الراهن على وقع الانقسامات الحادة.
خطة مساعدة
وأعلن صندوق النقد الدولي في نيسان/أبريل 2022 عن اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات. لكن تطبيق الخطة مرتبط بالتزام الحكومة تنفيذ إصلاحات مسبقة، لم تسلك غالبيتها سكة التطبيق بعد. ومن بين الإصلاحات إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون السرية المصرفية وتوحيد سعر الصرف.
وحذّر الصندوق الشهر الحالي من أن "استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه يشكل الخطر الأكبر على استقرار لبنان الاقتصادي والاجتماعي، ويقود البلاد الى طريق لا يمكن التنبؤ به".
ونبّه الشامي الذي قاد المفاوضات مع الصندوق الى أنه "كلما تأخرنا (في تطبيق الإصلاحات) بات الحل أصعب"، مضيفاً "أصبحنا محترفين في إضاعة الوقت"، في وقت باتت "الدولة والإدارة في حالة يرثى لها ... وثمة أزمة انسانية كبيرة جداً".
صنّف البنك الدولي الانهيار الاقتصادي المستمر منذ عام 2019 من بين الأسوأ في العالم فيما خسرت الليرة أكثر من 98 في المئة من قيمتها وبات غالبية السكان تحت خط الفقر على وقع قيود مصرفية مشددة وأزمة سيولة حادة.
وقال الشامي "نحن امام أزمة تتفاقم منذ ثلاثين عاماً وتحتاج وقتاً لحلّها. نحن بحاجة بالفعل لاتخاذ قرارات جريئة ولإقدام من قبل صانعي القرار".
التعليقات