الرشود والجوير يلويان النصوص الشرعية من أجل تكفير الدولة والشعب


أبها: عيسى سوادي:
قام منهج المطلوب الأمني في قائمة الـ26 التي أصدرتها وزارة الداخلية قبل عامين تقريباً عبدالله محمد راشد الرشود، كاملا على حتمية وجوب الجهاد، ففي جميع دروسه وبياناته وخطبه التي يبث تسجيلها عبر الإنترنت يسعى الرشود _ من خلال إيراد الآيات والأحاديث_ إلى التحريض على الجهاد، دون ذكر أسباب نزول تلك الآيات أو مناسبات الأحاديث، ويشدد على أن الجهاد في هذا الوقت من أعلى مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بشرطين التفافيين هما الصبر على إقامة حدود الله واليقين بحسن العاقبة، حيث يلتف الرشود كثيرا على اتباعه بالتركيز على هذين الشرطين؛ من أجل دفعهم إلى المضي قدما في هذا الطريق، وعدم العودة كغيرهم ممن يصفهم بالمتراجعين عن الحق.

اعتد الرشود بنفسه كثيرا ويرى أن منهجه في الجهاد هو الأحق بأن يتبع، لأنه حسب رأيه هو الدعوة السليمة إلى التوحيد الحقيقي، ويركن الرشود في حثه على وجوب الجهاد على (الصليبيين) ومن والاهم من الأنظمة السياسية العربية إلى مسألة أن الله بين وشدد في القرآن على جهادهم، أكثر من تشديده حتى على الصلاة وهي ركن من أركان الإسلام، في محاولة منه لإقحام الآيات والاستشهاد بها،في غير مواضعها وأزمنتها، فالجهاد عند الرشود مطلق لا مشروط؛ وجوبه في هذا الوقت أكثر من أي وقت.

وربط الرشود ضعف الأمة الإسلامية كافة، بتركها للجهاد، مستشهدا ببعض الأحاديث النبوية التي تصب في هذا الجانب؛ تلك الأحاديث التي جاءت في بداية الدولة الإسلامية حين كان الجهاد داعما لقيامها وتوسعها، ويرى الرشود أن ترك الجهاد سيجعل الشرك يدخل إلى جزيرة العرب، ويشدد الرشود في غالب خطبه على مسألة أن الدين لا يقوم قطعا إلا بالقتال والجهاد، وإذا ما أخل بهذا الأمر فإن الدين سيقاتَل، مستشهدا في ذلك بحال فلسطين المحتلة، دون أدنى اعتبار من الرشود للظروف السياسية والتاريخية وحتى الدينية التي أقيمت فيها دولة إسرائيل.

ومن محاولات الرشود المتكررة في كل خطبه لبث الحماس في أنفس من يسميهم بـ(المجاهدين في جزيرة العرب) يقول إن الطائفة المنصورة التي وردت في الحديث الشريف هي طائفتهم، وإنهم لن ينالوا الفردوس الأعلى في الجنة إلا بعد تعب وكد ونكد، وإنهم سيواجهون اللوم حتى من ذويهم وأقاربهم، وإن ذلك لا يدل إلا على علو المنزلة في الجنة حال الاستشهاد، ومن ضمن رسائل الرشود إلى (غير المجاهدين من المسلمين) على حد تعبيره يقول إذا لم تغزوا الأعداء فحتما سيغزونكم. ومن ضمن صفات المجاهدين التي يوردها الرشود لسد باب العودة على من سلك الطريق، في دعوة إلى الحركية السرية أن المجاهد الحقيقي هو دائما شخص زاهد مغمور غير مشهور ولكن منزلته عالية عند الله.
من خلال خطب الرشود يتضح للمتابع أنه يحاول فيها إيجاب الجهاد، وتتضح أيضا خلفيته السياسية الضحلة ورداءة قراءته للتاريخ في استشهاداته التي كان من ضمنها أن الولايات المتحدة الأمريكية إبان الاحتلال السوفيتي لأفغانستان كانت ضد المجاهدين الأفغان وأنها وقفت إلى جانب السوفيت، بعكس ماهو معروف في أدبيات الحر ب الباردة وإعانة أمريكا للأفغان سريا بصواريخ ستينجر أو التدريب.
وربط الرشود بين النصر والعزة وتحققهما بمدى إعلان البغضاء والعداوة لغير المسلمين، سواء بالكلمة أو السلاح، كما يرى أن الانضواء تحت المجتمع الدولي والأمم المتحدة يعد مخالفة واضحة للدين والقرآن الذي يأمر بالكفر بالطاغوت، وأن الأمم المتحدة من أكبر طواغيت العصر وأن السعودية دخلت تحت مظلتها بحكم توقيعها على الاتفاقات الدولية مع دول الكفر على حد قوله، كما يشدد على أن مسألة كمال وتحقيق التوحيد لا تكون إلا بالكفر بالطاغوت ومحاربته.

ويرى الرشود أنه ومن اتبعه هم أصحاب العلم الحقيقي والتوحيد الخالص والجهاد ويصف من سواه من العلماء بالمرجفين وأنهم "مشايخ شاشات فقط".
ولحرصه على قطع الطريق على من أراد العودة من أتباعه، يرى الرشود أن تسليم الشخص نفسه للأمن والسلطات يعد من أعظم المحرمات، ولمزيد من إرهاب اتباعه يقول الرشود بأنه إلقاء بالنفس إلى التهلكة، حيث سيواجهون التعذيب من قبل رجال الأمن. أما تفجير النفس والانتحار فليس فيه تعذيب بل نعيم، مستشهدا بـ" يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم"، هذه الجزئية وغيرها مثال لكثير مما تعج به خطب الرشود من المتناقضات المختلفة مع الدين والعقل، ولكن يبدو أن له تأثيرا كبيرا على أتباعه من خلال الطرح الجريء المخالف للتفكير، دون الخوف من أن يأخذ عليه أتباعه ذلك.

ويسعى الرشود في غالب خطبه إلى تأليب المجتمع بكافة أطيافه على الدولة من خلال زعمه أمثلة لبعض الحوادث.
وقال الرشود إنه التقى ببعض المشايخ للحوار حول الفكر الجهادي، وطلبهم للمناظرة من أجل الحقيقة سواء هاتفيا أو كتابيا أو وجها لوجه بما يضمن له الغطاء الأمني نظرا لأنه مطلوب، ولكنهم رفضوا التحدث أو الحوار معه أبدا وذكر منهم اثنين بالاسم، وقال أن أحدهما التقاه مرة على انفراد وأخرى في إحدى الأحديات بمدينة الرياض، وأبدى اعتراضه على طرحه وتراجعه عن كثير من أفكاره، أما الآخر فقد تحدث معه الرشود _على حد قوله_ هاتفيا في مسألة الجهاد، واستنكر عليه رأيه في المتراجع علي الخضير، ولكن ذلك الشيخ رفض استمرار المكالمة أو مقابلته، ويقول تعليقا على ذلك أن المشايخ رفضونا جماعات ورفضونا فرادى بحجة أننا متشنجون ، ويضيف أننا كنا نريد الحوار معهم من أجل الحقيقة ومن أجل التأصيل لقضايا مهمة في واقع الصحوة ومنها الجهاد.
ويرفض الرشود لفظة العلماء مستبدلا إياها لمخالفيه بحملة الكتاب والسنة وهم على تفاوت فمنهم من يكتم ما لديه وخاصة في مسائل الجهاد ومنهم من ينقض ما لديه من علم ويخالفه. أما هو ومن هم على طريقه فهم ملاك العلم الشرعي الحقيقي والصادعون بالحق، الذين لايخافون في الحق لومة لائم.

أما المطلوب الأمني في قائمة الـ36 التي أصدرتها وزارة الداخلية مؤخرا، فهد محمد فراج الجوير الفراج، فيتقاطع فكره مع الرشود في غالبيته حيث ينطلق أيضا من منطلقين رئيسيين أولهما وجوب الجهاد في الوقت الراهن، وكفر الدولة وغالبية الشعب، حيث يرى الجوير في مسألة حتمية الجهاد أنه من كمال الإيمان في هذا الزمن وهذا البلد، ويلوي نصوص الآيات والأحاديث بشكل يجعلها تتماشى مع السياق الذي يريد، فهو يؤمن تماما بكفر الدولة في مسألة علاقاتها السياسية مع دول العالم غير المسلمين، ويجب ألا نقيم مع غير المسلمين أي علاقة سواء في الداخل أو الخارج، ووجوب توجيه الدولة والشعب لذلك. فإن أخذوا به وإلا فقد وجب الجهاد عليهم. ومن الأمثلة لفكر الجوير في لي نصوص الآيات والأحاديث والاستشهاد بها في غير مواضعها رسالة وجهها لأهالي الزلفي عقب تجديدهم للولاء واستنكار أفعال (المجاهدين في جزيرة العرب) على حد قوله في تلك الرسالة " الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإني لما رأيت بعض بني قومي يسارعون في تجديد ولائهم للدولة الكافرة كان من الواجب علي أن أجدد براءتي وعداوتي وأظهرها كما بيّن ربنا جل وعلا أنه لا يتم إسلام العبد حتى يتبرأ من أعداء الله، قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) وقال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا). فحينما يتدبر الإنسان كلام ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإنه يعلم علم اليقين بأن العبد لا يكون مسلماً إلا بهذين الأمرين وهما الكفر بالطاغوت والإيمان بالله القائم على موالاة أهل الإيمان والجهاد ونصرتهم والذب عنهم، ويقابل ذلك معاداة أهل الكفر والضلال والتبرؤ منهم ومقاتلتهم. أخرج مسلم في صحيحه من حديث طارق بن أشيم أن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل" وأما من سارع في تجديد ولائه للدولة فنبرأ إلى الله من فعله.

وحتى تتضح الأزمة التي تسيطر على فكر الجوير في مسائل الولاء والبراء والتكفير والجهاد هنا نموذج آخر يحاول فيه الجوير أن يبرر براءته من أهالي الزلفي (الشعب) عندما جددوا الولاء ونبذوا أفعال فئته في محاولة يائسة منه لإقناع من تبقى من الفئة المارقة بشرعية أفعالهم الدينية كما هو ديدن بقية المراجع الشرعية لتلك الفئة حيث يقول " إن هذا الفعل(تجديد الولاء للدولة) من أفعال أهل النفاق كما قال تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) وقال تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) فهذا وصف من اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين بمعنى أنهم معهم في الحقيقة يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة، فيا من جدَّد ولاءه أتبتغي من ذلك العزة والرفعة؟ فإن العزة لله جميعاً. ويحاول الجوير أن يضفي على حديثه بعض المنطقية قائلا "العزة تطلب من جناب الله والإقبال على عبوديته والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد".

ليعود بعد ذلك إلى التبرير الذي لايهدف منه إلا لقطع طريق العودة على أتباعه وتوسيع دائرة العمليات لتشمل استهداف الشعب وهو بالفعل ما حدث بعد ذلك بفترة من تفجير لإدارة المرور بالرياض يقول الجوير " وأما براءتي ممن جدَّد ولاءه للدولة فهذا كما قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) وكما جاء في الصحيحين من حديث عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن بني فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين" فبراءتي من هؤلاء توجب موالاتي لمن قال الله فيهم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) فهذه الآية تبين بأن ولايتك أيها المسلم ليست لليهود ولا للنصارى ولا للمرتدين بل ولايتك راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين فكل من رضي بولاية الله ورسوله فهو مفلح ومنصور في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ). وكما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وكما جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً".

وبعد اعتقال ابن عمه خالد الفراج والذي تراجع عن أفكاره وظهر في شاشة التلفزيون السعودي مظهرا ندمه ومعريا لسلوكيات تلك الفئة، ومنها عدم المحافظة على الصلاة، رد فهد الجوير برسالة نشرتها مجلة صوت الجهاد بالتشكيك في ما قاله ابن عمه. وحملت الرسالة رسالة أيضا ليست لابن عمه ولكن لبقية أفراد الفئة الطليقين وهي كسابقتها تسعى إلى قطع طريق العودة لمن أراد منهم التراجع عن فكره الجهادي، ويشدد على وصف أفراد الشعب السعودي بالكفار والدعوة إلى قتالهم، وأيضا بنفس الاستدلالات القرآنية الملوية نصوصها وهو مايظهر في هذه الجزئية" فالله الله يا شباب قومي أحرضكم وأدعوكم لنصرة دينكم ونصرة أهل الجهاد والانضمام إليهم ومساعدتهم خاصة في جزيرة العرب فإن عقيدتكم تدعو إلى ذلك. قال تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) واحذروا كل الحذر أن يقذف الشيطان في قلوبكم الخوف من هؤلاء، فإن نواصي الخلق كلها بيد الله، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فأذكركم بقول الله عز وجل: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).