د. محمد صالح المسفر:

تحتل دولة قطر مكانها في مجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم مع مدخل عام 2006 ولمدة عامين غير قابلة للتجديد، مجلس الأمن الدولي موكل إليه بحكم الميثاق حفظ السلم والأمن الدوليين والبعض يعتبر المجلس هو السلطة التنفيذية في المنظمة الدولية، يأتي وجود قطر في المجلس تمثيلا للمجموعة الآسيوية عن منطقة غرب آسيا (العرب) وتحديدا ممثلا للمجموعة العربية في المجلس ، أي أن هناك خمسة أعضاء للمجموعة الأفريقية والآسيوية تم الاتفاق في عصر العمالقة أن يكون التمثيل العربي مستمرا في المجلس ، مرة من حصة أفريقيا وكانت الجزائر قبل قطر وتأتي بلادنا عن الحصة الآسيوية. السبب في هذا التوزيع يعود إلى أن مجلس الأمن منشغل بقضايا عربية وأهمها قضية فلسطين إلى جانب أمور أخرى.

في هذا السياق أمام مجلس الأمن الدولي ملفات عربية متعددة ، وكل ملف له خطورة لا تقل عن الملف الآخر، من هذه الملفات الملف الأزلي الصراع العربي الإسرائيلي، وهو ملف محتوياته متجددة بأسرار، وهناك ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وضمن هذا الملف قضايا خطيرة منها مسألة، القدس والجدار العنصري العازل ، والعدوان الوحشي المستمر على الشعب الفلسطيني الأعزل تحت شعار محاربة الإرهاب، والملف الأكثر حضورا اليوم هو الانتخابات الفلسطينية ودور حماس في هذه الانتخابات والرفض الإسرائيلي الأمريكي مقدما لوصول حركة حماس إلى السلطة الفلسطينية، إلى جانب قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها مدينة القدس وآمر اللاجئين والتعويضات وغير ذلك من الأمور.

يأتي بعد ذلك الملف السوري - اللبناني والذي أخذ في التضخم والاندفاع نحو التدخل في الشؤون الداخلية للدولتين من قبل بعض الدول الكبرى، خاصة أمريكا وفرنسا. أما الملف الأخطر فهو الملف العراقي والذي محتوياته تنذر بتفجر الوطن العربي وما جاور العراق على وجه التحديد انه ملف إن لم تعالج محتوياته بحزم عربي صادق فإن الشر لا محالة واقع على هذه المنطقة ولا يعلم نتائج ذلك الشر إلا الله عز وجل. والسودان ملفه يتضخم أيضا والعدو أو الأعداء يتربصون به من كل جانب ونحن العرب في صفوف المتفرجين، ولن أتحدث عن ملف الإصلاحات السياسية المطلوبة من دولة الاستكبار العالمي وما قد تشكله من تداخلات في الشؤون الداخلية ناهيك عن مسألة الأقليات والطوائف التي بدأت تأخذ أشكالا مختلفة. كل هذه القضايا أمام مجلس الأمن الدولي فما هو الدور المطلوب من قطر عربيا؟

لا جدال عندي بأن دولة قطر تحظى باحترام على الساحة الدولية لانفتاحها السياسي داخليا وخارجيا والإعلامي والثقافي وأصبحت موجودة على الساحة الدولية. أستطيع القول إن دولة قطر قد استقطبت وسائل الإعلام العالمية والكثير من صناع القرار في العالم بمواقفها السياسية والاقتصادية والإعلامية، أي أن دولة قطر أخذت على عاتقها تحمل الدور الذي تخلى عنه الكبار وأصبحت الدولة الكبيرة في الدول الصغيرة في المساحة، لكنها فوق هذا كله نالت إعجاب الكثير من القوى الدولية.

في هذا الإطار أستطيع القول إن وزير الخارجية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني يتمتع باحترام في الساحة الدولية وخاصة مع الدول دائمة العضوية، لكني لا أنكر أن في الساحة العربية بعض من الذين لا ينظرون بارتياح إلى الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لكن في المحصلة النهائية هو لاعب ماهر لا ينكر عليه زملاؤه في المحيط العربي تلك المهارة.

من هذا المنطلق، فإن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني سيكون في دائرة الضوء الدولية خلال العامين القادمين وأن العرب سينظرون إلى ما سيقدمه من مهارات سياسية تحقق أهداف أمتنا العربية، خاصة في الملفات آنفة الذكر وعندي الثقة الكاملة في أن دولة قطر ستحقق إنجازات عربية في مسرح مجلس الأمن الدولي، وبودي أن تكون البداية في النشاط السياسي القطري على مسرح مجلس الأمن الدولي تناول الملف السوري - اللبناني فهل يمكن فتح هذا الملف من جديد وإغلاقه دوليا ورده إلى الجغرافيا العربية. أعتقد بكل ثقة أن مدير السياسة الخارجية القطرية عضو مجلس الأمن الدولي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بما يتمتع به من مكانة هي مطرح اعتزاز وتقدير في العواصم الأربع دمشق وبيروت وباريس وواشنطن سيحقق النجاح الأول للدبلوماسية القطرية بحل معضلة عربية عجز الكبار في المحيط العربي عن حلها. تلك هي إغلاق ملف نزاع الشك والشبهات دوليا والعمل على حل هذه المعضلة من داخل الدائرة الدوحة ودمشق وبيروت، وبعيدا عن تدخلات الكبار وأصحاب المصلحة في ابتزاز القطرين الشقيقين سوريا ولبنان.

لكي تنجح الدبلوماسية القطرية، ولكي تخرج سوريا الحبيبة من الشرنقة التي تلف حولها، ولكي تخرج لبنان من العش العنكبوتي الذي خيوطه نسجت خارج حدوده وربطت أطراف ذلك العش خارج الجغرافية للبنان، فلابد من تضافر الجهود بين العواصم الثلاث، ولابد أن يدرك الاهل في لبنان أن ارتباطهم مع البر خيرا من تطلعهم نحو الأفق البحري مع غروب الشمس فالبحر متقلب ومخيف ولا أمان له، أما البر فهو المجال الحيوي للبنان ولا بدائل له إلا الغرق. كما أن أهلنا في دمشق يجب أن يدركوا بأن عيون الأشرار عليهم وأن المتربصين بهم كثر لا لأشخاص بعينهم ولكن للمكانة الجغرافية لسوريا الحبيبة ، ومن هذا المنطلق فاني اكرر القول بان دمشق اليوم في أمس الحاجة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع في صفوفها كل التيارات السياسية الوطنية وبعيدا عن التشنج السياسي وخاصة بعد المتفجرات التي فجرها عبد الحليم خدام من خارج الحدود السورية وإلا فإن الكارثة واقعة لا محالة.