الأحد:15. 01. 2006

جوردون براثر

قبل خمس عشرة سنة عشية تفكك الاتحاد السوفييتي أقر الكونجرس تقديم عون مالي وفني للروس من أجل مساعدتهم على صون وتخزين وتفكيك الأسلحة النووية السوفييتية الفائضة، والتخلص من المواد الزائدة الصالحة للاستعمال في صنع الأسلحة، والتي جرت استعادتها في هذا المجال.

وعلاوة على ذلك، وبموجب اتفاقية سنة 1997 الثلاثية بين الولايات المتحدة وروسيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية، نحن ملتزمون بالتخلص من البلوتونيوم الفائض لدينا، الصالح لصنع الأسلحة، وبالدفع للروس من أجل التخلص مما لديهم منه بسلام.

وينوي الروس التخلص مما لديهم منه على هيئة اكسيد مختلط من اليورانيوم والبلوتونيوم يستعمل في محطات توليد الطاقة، والاستمرار من ثم في صنع الأكسيد المختلط تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستعمال البلوتونيوم الذي يستخلص من ldquo;الوقود المستنفذrdquo;.

وفي الظروف النموذجية يترك الوقود النووي في محطة الطاقة النووية التقليدية المبردة بالماء والمخففة به، لمدة أربع أو خمس سنوات. ويكون نحو 3 5% من عنصر وقود اليورانيوم المخصب الجديد ldquo;قابلا للانشطارrdquo; وسوف ldquo;يحترقrdquo;. وبالاضافة الى ذلك، يجري بحرق اليورانيوم القابل للانشطار، ldquo;توليدrdquo; بلوتونيوم قابل للانشطار من اليورانيوم غير القابل للانشطار.

وبناء على ذلك، عندما تم إزالة عنصر الوقود النموذجي من محطة توليد الطاقة، يظل نحو ثلثي مادته القابلة للانشطار المكونة من اليورانيوم والبلوتونيوم وفي آخر الأمر، جميع مادته اليورانيومية غير القابلة للانشطار وrdquo;القابلة للتوليدrdquo; في الوقت نفسه، ldquo;غير محترقةrdquo;.

وهكذا، فإنه في اوروبا وروسيا، تعاد معاملة عناصر الوقود المستنفد بطرق كيماوية، وتستعاد المادة القابلة للانشطار، المتبقية، والمكونة من اليورانيوم والبلوتونيوم الى جانب الكمية الضخمة جدا من اليورانيوم القابل للتوليد وتدمج مع عناصر وقود جديدة.

وحيث ان اليورانيوم المخصب لازم فقط لعنصر وقود اليورانيوم الأصلي، فإن الحاجة الى خدمات تخصيب اليورانيوم والى إمدادات جديدة من خليط اكاسيد اليورانيوم الخام سوف تقل بشدة حالما يتم تطبيق دورة وقود الاكسيد المختلط بصورة كاملة.

ما علاقة كل هذا بتهديدات ldquo;اسرائيلrdquo; والمجانين الجدد بتدمير محطة توليد الطاقة النووية التي بنتها روسيا وتحميها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تشارف الآن على الاكتمال في مدينة بوشهر في ايران؟ أو تدمير مرفق تخصيب اليورانيوم برعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي لا يعدو كونه تحت الانشاء في ناتانز في إيران؟

حسنا، إن بقية العالم القلقة بشأن انتشار الاسلحة النووية خلصت بدورها منذ وقت طويل الى انه إذا كان الروس راغبين في حرق ما لديهم من بلوتونيوم صالح للاستعمال في صنع الاسلحة، على هيئة أكسيد مختلط، فإنها راغبة في مساعدتهم، مالياً وفنياً.

وحتى لو كان الأكسيد المختلط لا تكاد انتاجيته تغطي تكاليفه الآن، فإنه من دون شك سيكون مجديا جدا من حيث انتاجيته بالمقارنة مع تكاليفه في السنوات العشرين المقبلة أو نحوها، عندما توشك امدادات العالم من خليط اكاسيد اليورانيوم الخام، الرخيص على النفاد.

والآن، ان الوقود المستنفد يحتوي على نسب ثمينة من البلوتونيوم 240 والبلوتونيوم ،241 والخصائص الاشعاعية لنظائر البلوتونيوم العالية هذه، تقتضي أ) إن استرداد البلوتونيوم من الوقود المستنفد، ب) صنع عناصر وقود الاكسيد المختلط، ج) تركيب الاكسيد المختلط من محطة توليد الطاقة، تحتاج الى ان تكون منسقة بصورة جيدة، مع خفض الفترة الزمنية الفاصلة بين خطوط وأخرى الى حدها الأدنى.

وهكذا، ينوي الروس (بمساعدة مالية دولية ان يبنوا مرافق تخزين وقود مستنفد ضخمة جدا، ومحطات توليد وقود اكسيد مختلط. وهكذا سوف يغرم الروس بقية دول العالم أقساطا سنوية لتخزين وقودهم المستنفد، وصنع وقود اكسيد مختلط جديد.

وينوي الروس بناء دزينات عديدة من المفاعلات في روسيا وغيرها مصممة خصيصا للعمل بصورة فاعلة على وقود الاكسيد المختلط. وفي هذه الاثناء، تستمر المفاعلات الموجودة المخففة بالماء والمبردة بالماء في العمل على وقود الاكسيد المختلط في روسيا واليابان وغيرهما بتعديلات متواضعة نسبيا تجري على المحطة وعلى عمليات التشغيل.

إذن، ماذا ينبغي على الملالي الايرانيين ان يفعلوا إذا كانوا أذكياء؟

ينسون موضوع تخصيب اليورانيوم. ويجعلون الروس يجرون تعديلات على محطة توليد الطاقة في بوشهر بحيث تستطيع استعمال وقود اكسيد مختلط روسي وتكون هذه التعديلات قبل ان تبدأ المحطة العمل. ولكن، كيف يضمن الايرانيون تزويد الروس لهم بالوقود في المستقبل؟

انهم لا يستطيعون ان يضمنوا ذلك. ان الايرانيين لم يحصلوا حتى الآن على شيء يحتاجه الروس. ولكن الايرانيين يملكون فعلا شيئا يحتاجه الباكستانيون (والهنود والصينيون)، ويحتاجونه بشدة.. وهو الغاز الطبيعي.

والآن، الباكستانيون يملكون مرافق تخصيب يورانيوم، وهم منذ السنوات الخمس عشرة الماضية على الأقل يعرضون خدمات تخصيب اليورانيوم.

وعلاوة على ذلك، تستخدم مرافق الوقاية التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية أجهزة طرد مركزي للغاز فوق صوتية، تنتمي للجيل الثاني وتتسم بالفاعلية.

ولكن مرفق تخصيب اليورانيوم الذي يخطط الايرانيون لانشائه، في ناتانز سوف يستخدم طاردات مركزية للغاز لا يعتمد عليها، وأقل فاعلية بكثير، وتنتمي الى الجيل الأول، حصلت عليها ايران في الأساس، مستعملة من باكستان.

إذن، لماذا لاتعقد الدولة الاسلامية في ايران صفقة مع دولة باكستان الاسلامية المجاورة، للحصول منها على إمداد مضمون ويعتمد عليه من اليورانيوم المخصب مقابل امداد مضمون من الغاز الطبيعي الايراني؟

حسنا، لنتذكر ان وزير الخارجية الايراني متقي، التقى بالفعل مؤخرا مع نظيره الباكستاني، من اجل ldquo;تعزيز الروابط الدفاعية، والتجارية، والثقافيةrdquo;.

وذكر أنهما ركزا على خط أنابيب الغاز الطبيعي الايراني الباكستاني الهندي المقترح، ولكن وزير الخارجية الباكستاني كسوري، أوضح في مؤتمر صحافي مشترك عقد فيما بعد، ان باكستان المسلحة بأسلحة نووية سوف تعارض أي استخدام للقوة ضد برامج دورة الوقود النووي الايرانية التي تحميها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

* عالم فيزياء أمريكي، عمل في العديد من المؤسسات العلمية.