مارغريت بيكيت: بريطانيا تعتبر مسلميها سفراء لها في الخارج وهي لا تشن حربا ضدهم
وزير الخارجية القطري ووزيرة خارجية بريطانيا يؤكدان دعمهما لمكافحة اسباب الارهاب



لندن- سمير ناصيف


اكد الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وزير خارجية قطر والنائب الأول لرئيس الوزراء القطري، في مؤتمر بعنوان الارهاب الدولي العابر للحدود وكيفية مواجهته بدأ امس الخميس ويستمر اليوم الجمعة في معهد القوات المسلحة المتحدة (RUSI) في لندن، انه نجح في وساطته بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية التي قام بها في الايام الاخيرة، وان الفجوة بين الجانبين في شأن حكومة الوحدة الوطنية تقلصت واصبحت حول تسمية رئيس هذه الحكومة وكيفية عرض الاتفاق.

وكان الشيخ حمد يرد علي سؤال لـ القدس العربي في هذا الشأن، ولكنه استطرد عارضا الوضع بصراحة وقائلا: لقد بذلنا مجهودا كبيرا لدفع حركة حماس للمشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ولما فازت الحركة في هذه الانتخابات، كان من المفروض ان تعطي الحكومة الجديدة ستة اشهر علي الاقل لاثبات نياتها وسياساتها بالنسبة الي شتي القضايا وبينها العلاقة مع اسرائيل، ولكن الحصار فرض علي حكومة حماس الفلسطينية الجديدة قبل ان يتاح لها القيام بأي مبادرات. وهذا لا يعني بأنني شخصيا اوافق علي جميع سياسات حماس. ولكنني وحكومة بلدي بذلنا جهدا لاقناع حماس بالمشاركة بالعملية الديمقراطية، وفوجئ الجميع بحصار دولي يفرض علي الحكومة المنتخبة .

واكد الشيخ حمد وجود مسارين في التعامل مع الأزمة في فلسطين، اولهما مسار اللجنة الرباعية وثانيهما المسار الآخر الذي يتفهم وضع حماس وخطورة تصعيد المواقف الميدانية، والمساران (برأيه) متوازيان وبالامكان تقليص الفجوة بينهما ومن الضروري ان تساهم المجموعة الدولية في هذا التقليص من دون التشديد علي التفاصيل، وبتشجيع الطرفين الفلسطينيين علي الاتفاق.
ولما سئلت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت عن رأيها في الوساطة القطرية في فلسطين ودور قطر كدولة عضوة في مجلس الامن قالت: ان للوزير القطري ان يقيم مبادرات قطر بنفسه. ونحن في الحكومة البريطانية ناشطون لتقريب مواقف الجهات الفلسطينية المتنازعة الي بعضها، ونشعر بالاشمئزاز ازاء العنف الذي يمارس حاليا في غزة، ونتمني التوصل الي حكومة وحدة وطنية في فلسطين، ونستند في موقفنا الي موقف اللجنة الرباعية . وقد قدمنا مساعدات ومساهمات كبيرة في مجال دعم الفلسطينيين .

وكانت بيكيت قد القت كلمة مطولة، قبل ردها علي سؤال القدس العربي ، قالت فيها انها فخورة بالمشاركة في المؤتمر الي جانب وزير الخارجية القطري الذي وصفه، حسب قولها، احد خبراء المنطقة بـ واحد من حكماء الشرق الاوسط . واكدت بان الوزير ودولته يساهمان مساهمة فعالة في مكافحة الارهاب في العالم وان العام الماضي شهد عمليتين ارهابيتين بارزتين احداهما في بريطانيا في 7 تموز (يوليو) 2005 والاخري في قطر حيث فجر اصولي مصري ناديا في قطر ادي الي وقوع ضحايا ابرياء. وتحدثت عن الجهود التي تبذلها حكومتها لمكافحة الارهاب في بريطانيا والعالم والتي احبطت محاولات عديدة في هذا المجال الصيف الماضي وعن محاولات المتطرفين خلق فجوات حضارية ودينية بين المجتمعات الاوروبية والغربية والسكان المسلمين المقيمين فيها.
ونددت بيكيت بشكل خاص بالوضع التراجيدي للفلسطينيين حاليا، وبتجاهل العالم لمعاناة هذا الشعب. واكدت بان الحكومة البريطانية عبرت في اكثر من مناسبة عن رفضها لاستمرار فرض المعاناة علي اهل غزة، وذكرت بشكل محدد الضحايا الفلسطينيين من الاطفال الذين قتلوا في الايام الاخيرة قائلة: لا يمكنني بأي وسيلة ان ابرر هذه الجرائم . مع انها تحدثت بشكل عابر عن الصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون من غزة باتجاه اسرائيل.

واوضحت بيكيت بان بريطاينا ملتزمة بالتوصل الي حل سياسي في فلسطين.
ورفضت بيكيت المنطق القائل بان رفض سياسة بريطانيا في العراق يبرر عمليات ارهابية تفجيرية في قطارات الانفاق في لندن، كما حدث في 7/7/2005. وقالت ان الذين يعارضون سياسة بريطانيا الخارجية بامكانهم التعبير عن ارائهم بطرق اخري، والقضية لا تتلخص بشكل تبسيطي بهجوم يشنه الغرب علي الاسلام وضرورة الرد عليه بالعنف. فالغرب، برأيها، لا يعتبر انه في خضم حرب مع الاسلام بل علي العكس فقد دعم قضايا اسلامية عديدة في البلقان واماكن اخري من العالم، وبريطانيا تحترم المسلمين المقيمين والحاملين لجنسيتها وتعتبرهم سفراء لها في العالم.
ورأت بان كثيرين من ضحايا المنظمات الارهابية العالمية التي تدعي الدفاع عن الاسلام هم من المسلمين انفسهم. وهنأت بيكيت قناة الجزيرة القطرية علي مرور عشرة اعوام علي تأسيسها وقدمت اطيب التمنيات لقناة الجزيرة باللغة الانكليزية التي ستنطلق الاسبوع المقبل في بريطانيا.

وقالت، في الوقت عينه، ان الاسبوع المقبل سيشهد خمس سنوات علي القضاء علي نظام طالبان في افغانــستان الذي نشأ بسبب غض الطرف من قبل الغرب عن حلفائه في افغانستان بعد اخراج الاتحاد السوفييتي منه، وقالت ان هذه المرة لن نغض الطرف وسيدعم المجتمع الدولي الحكومة الافغانية ويمنع حدوث 11 ايلول (سبتمبر) 2001 ثان في العالم.
وعاودت تكرار المنطق القائل بان الانسحاب الامريكي ـ البريطاني من العراق قبل ان تكون الحكومة العراقية جاهزة لتسلم زمام الامور سيكون خطيرا. ولكنها تحفظت في تبرير حدوث الغزو الامريكي ـ البريطاني ضد النظام العراقي في عام 2003. واعلنت ان العالم الذي يؤمن بالسلام والاكثرية الصامتة فيه المؤيدة لهذا الموقف يعلنان التحدي ضد من يريدون الحرب والدمار. وادمعت عيناها خلال القاء كلمتها وخصوصا في المقاطع المتعلقة بالسلام في العالم، وجهل الشباب البريطاني من اصل مسلم للفارق بين الارهاب الذي يقتل المدنيين الابرياء والدفاع عن القيم الانسانية والاخلاقية.

وشكر الشيخ حمد معهد القوات المسلحة المتحدة البريطاني علي تنظيمه المؤتمر والسيدة مارغريت بيكيت علي مشاركتها فيه. ورأي بان موضوع المؤتمر من اولويات الساحة الدولية والمطلوب النظر اليه من زوايا عديدة، وقال ان عضوية قطر في مجلس الامن اكدت التزامها التمسك بالتعايش السلمي علي اساس الاحترام المتبادل بين شعوب العالم والتزام قيم التسامح والعدالة والانفتاح وتفاعل الحضارات والتمسك بالقانون الدولي، ومواجهة اعتماد القوة والاكراه لفرض السياسات، واعتبار الامم المتحدة المركز الرئيسي والوحيد لحل نزاعات الدول وتقرير سلوكها.

واكد تعاون قطر في مجال مكافحة الارهاب ولكنه اوضح ضرورة تفسير ما يعنيه الارهاب بالنسبة للاطراف المختلفة في العالم وعلاقته بالاحباط وبعدم ممارسة العدل والانصاف لجميع شعوب العالم. ورفض الربط بين الارهاب والاسلام كتراث وحضارة مؤكدا بان الاسلام مستهدف حاليا بسبب ارتكابات سياسية وليست دينية من جانب جماعات منحرفة عنه. ودعا الشيخ حمد الي العمل علي ارساء قوة القانون وليس قانون القوة وقال ان العالم العربي يدار من طرفين: احدهما متطرف يريد التوصل الي السلطة عن طريق العنف، والطرف الآخر، الذي يحكم الآن، وهو عاجز عن تحقيق طموحات المواطن العربي العادي في بلده. وهذا الأمر، برأيه، يؤجج الصراع الداخلي . وبالنسبة لاسرائيل وتعاملها مع العرب قال الشيخ حمد: القرارات الدولية الشرعية تنفذ في مناطق من دون ان تنفذ في مناطق اخري. ومن الضروري ادراك الاخطاء التي ارتكبت وترتكب في فلسطين ولبنان وغيرهما ويجب ان نعترف بان الاختبار في العراق قد فشل، ولا نريد ان يستقل العراق في قالب من عشر دول، ومن الضروري معرفة اسباب الارهاب وكيفية محاربته .

واختتم بقوله نريد ان نقنع الشباب في منطقتنا ودولنا بوجود عدالة في العالم، وبأنها تنفذ .
ودعا بريطانيا، ومن خلال خبرتها العارمة في شؤون الشرق الاوسط، الي القيام بدور اكبر في المنطقة وفي التواصل بين الشرق والغرب.