سمير عطا الله
قرأت، في زاوية الاخبار الاجتماعية من هذه الجريدة، وليس في أعمال دوستويفسكي أو تولستوي أو نجيب محفوظ، أن رجلاً سودانياً يقيم في لندن، فقد صديقه في الخرطوم في حادث سيارة، وهو يتقبل العزاء به، مع زوجته وأولاده، طوال يومين. ومنذ عامين، وربما أكثر، اتصل بي زميل سوداني وسألني ان كان في امكاني مساعدته في العثور على عمل في واشنطن. وقلت له إن المسألة أكثر سهولة في موسكو أو بكين أو زنجبار. أما في واشنطن فإنني إن أوصيت بأحد، فمسكين هذا الأحد.
وعاد زميلي واتصل بي. هل أعرف احداً في واشنطن؟ وإذا لا، فهل أعرف احداً يعرف أحداً في اقليم دي سي، او ديستريكت اوف كولومبيا. واستعرضت اصدقائي في ذاكرتي. وقلت له لم يبق لي سوى كلوفيس مقصود وعبد العزيز سعيد. وكلاهما أستاذ أو عميد في جامعة تتعاطى القضايا المنقرضة في الدنيا، كالقيم والأخلاق والقضية الفلسطينية.
وبعد فترة عاد الزميل العزيز، بكل أدب ورقي ومشاعر، يجري معي laquo;الاتصال الأخيرraquo;. فهو ذاهب إلى واشنطن في أي حال خلال أسبوع. وإذا استطعت أن اساعد فإن لله الحمد ولكم الامتنان، وإذا كانت المسألة عصية فله الحمد وحده وهو على كل شيء قدير.
وسألت زميلي، لماذا هذا الإصرار على المغامرة في اتجاه واشنطن؟ وقلت له إنني أتجنب عبور الأطلسي منذ أن ترجم غبي مقالتي عن استنكار 11 ايلول على أنها تأييد لأغبيائه ومجرميه. وأضفت انني لن أتنازل وأعتذر عن ارتكاب غبي. فإذا كان المترجمون عند laquo;غوغلraquo; وlaquo;ياهوraquo; من هذا الصنف، فهذه مشكلة الإنترنت والتطور وليست مشكلة فرد مثلي لا يعرف كيف يميز بين زر الجاكيت وزر الإنترنت!
وقال زميلي انه مصر على الذهاب مع عائلته. فله في واشنطن صديق في حاجة الى كلية، وهو ذاهب للتبرع بكليته! فإذا تعذر ذلك لأي سبب ربما يتبرع أيضا أحد إخوانه. وعندما قرأت عن مجلس العزاء عند الأصدقاء في لندن تذكرت زميلي الذي ذهب الى واشنطن للتبرع بكليته لصديقه وعاد من هناك خائباً وحزيناً لأن الاطباء اكتشفوا أن كليته لا تناسب! هؤلاء السودانيون يعطون مفهوماً رائعاً للصداقة. تحت السماء بقليل
التعليقات