سليم الدادا ادعى قربه من عائلة الحريري وأوهم ضحاياه بعلاقته بالرئيس الإريتري
القاهرة : أشرف الفقي
كان يعيش في القاهرة ببذخ شديد يرافقه 3 من الحراس الشخصيين اللبنانيين ومثلهم من المصريين، إضافة إلى طاقم من المستشارين الاقتصاديين والماليين، يشرحون لمريديه المشاريع الضخمة التي يعتزم إنشاءها في مصر و جزيرة الأحلام في إريتريا، وعلى موائده في فندقquot;سيتي ستارزquot; في ضاحية مدينة نصر التف رجال الأعمال وكبار المسؤولين في المصارف المصرية كل منهم يبحث عن طريقة للاستفادة الشخصية، والحصول على جزء من الكعكة الكبيرة التي أقنعهم بها سليم علي الدادا والذي انتهت به إلى السجن 30 يوما بعد حبسه 4 أيام بتهم عدة من بينها غسيل الأموال وأيضا النصب على رجال أعمال مصريين.
كان الدادا يتحدث بثقة كبيرة عن علاقته برئيس إريتريا أسياس أفورقي الذي منحه على حد قوله أحد المشاريع السياحية الكبيرة في بلاده، ويتباهى بالقانون الإريتري الذي يحظر على كل مسؤولي الحكومة تلقي هدايا، ويشيد بين الفينة والأخرى في أحد لقاءاته بمناخ الاستثمار في تلك الدولة الإفريقية، ويتحدث عن الملايين بصيغة الجنيهات القليلة، لافتا إلى أن مشروعه السياحي في إريتريا سيبلغ نحو المليار دولار. وغضب بشدة عندما سألته quot;الوطنquot; عن فترة استرداد الاستثمارات في دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع، رافعا شعار الاستثمار في البشر أفضل من الاستثمار في الحجر، فيما تبارى مستشاروه في تلك الجلسة التي انعقدت قبل نحو 3 أسابيع في محاولة الرد على ذلك السؤال المباغت مرددين أن الدراسة تضم أكثر من مشروع وهناك مشروعات ستكون عوائدها سريعة وهناك مشروعات أخرى ستكون عوائدها متوسطة الأجل، وأخرى سيكون مردودها على سنوات طويلة.
ويصر سليم، أوكما تناديه حاشيته بـquot;الشيخ سليمquot;،على رفض الكشف عن كافة أوراق المشروع، داعيا مجموعة من الصحفيين إلى مرافقته لزيارة إريتريا لحضور التوقيع على اتفاقية المشروع وهي الدعوة التي اعتذرت عنها quot;الوطنquot;، وتم إلغاؤها بعد أقل من 24 ساعة من توجيهها بمبرر انشغال الرئيس أفورقي وأنه تم إرجاؤها إلى موعد يحدده الرئيس فيما بعد.
وثار غضب الدادا حين سألته quot;الوطنquot; عن كينونته، ورد قائلا quot;ليس من شيم الرجال أن يتحدثوا عن أنفسهمquot;، واعتبر في الرحلة - التي تم إلغاؤها فرصة أكبر للتعارف- وهو الأمر الذي ردت عليه quot;الوطنquot; باعتذارها عن المشاركة في تلك الرحلة، وطالبته بالكشف عن جهات تمويله، والجهة التي يعمل لصالحها وهو الأمر الذي أفقده السيطرة على أعصابه، ورد بعصبية شديدة هناك من ينتقدني وهناك من يتهمني، وهناك آخرون يشيدون بأعمالي، والمشاريع التي أنفذها، وعاد ليتحدث عن جزيرة الأحلام في إريتريا التي ستكون مقصدا للسياحة الخليجية خصوصا السعودية لقربها الشديد من المملكة، وأن رجل الأعمال يجب أن تكون لديه حساباته الدقيقة ورؤيته على تقييم الأمور والمغامرة، وكل تلك الأمور لا تحسب في الدراسات الاقتصادية.
بعد أيام قليلة من تلك المقابلة التي سادها توتر شديد ألقت السلطات الأمنية القبض على الدادا في الفندق الذي كان يتخذه مقرا لإقامته، ولم تستطع الحراسة المرافقة له إبداء أي مقاومة أما الدادا فبدت عليه حالة من الذهول الشديد وأصرت الوحدة الأمنية التي تولت القبض عليه اقتياده في إحدى سيارات الشرطة المصرية، وحالت دون استخدامه سياراته الفارهة التي يتنقل بها في مصر، أما العاملون في الفندق فبدت عليهم علامات الدهشة الشديدة فالشيخ سليم حسب أقوالهم كان ينفق ما بين خمسين وستين ألف جنيه مصري يوميا في الفندق، ما بين كلفة الإقامة والحفلات التي يقيمها والتي كان ضيوفها كبار رجال الأعمال المصريين ورجال البنوك ممن صدقوا أن الشيخ سليم أحد البليونيرات اللبنانيين وأنه يمت بصلة قرابة لعائلة الحريري وأنه شريك لكبار المستثمرين السعوديين، وأن مشاريعه في مصر في شركة quot;كنوزquot; ليست سوى النزر القليل من مشاريعه الكبيرة المستقبلية في مصر وإفريقيا.
حاول الشيخ quot;سليمquot; إقناع الوحدة الأمنية التي ألقت القبض عليه بأهميته وحجم علاقاته مع المسؤولين المصريين، إلا أن الضباط رفضوا تهديداته وقاموا بسحب هاتفه الجوال الدولي، إلى أن بدأ المحققون في نيابة الأموال العامة التحقيق معه في مجموعة البلاغات الموجهة إليه من قبل مجموعة من رجال الأعمال المصريين من بينها النصب عليهم وإعطائهم شيكات بدون رصيد، وهو الأمر الذي تنفيه محاميته الدكتورة عصمت الميرغني تماما، وتؤكد أن موكلها سليم الداداquot; وقع في حبائل مجموعة من رجال الأعمال النصابين في مصر، استغلوا حاجته إلى توفير سيولة مالية بسبب تلاعب مدير أحد المصارف في حساباته، أما التهمة الثانية وهي اتهامه بغسيل الأموال وهي التهمة التي كانت السلطات الهولندية وراءها بعد أن لاحظت تحويل مبالغ مالية إلى أحد الهولنديين ممن تحوم حولهم شبهات غسيل الأموال فوصفتها المحامية بأنها بلاغ كيدي يستهدف سجن موكلها والسطو على حساباته في المصارف.
وخلال التحقيقات التي أجرتها السلطات المصرية مع الدادا ومقدمي تلك البلاغات تبين أن المستثمر اللبناني حامل جواز سفر برقم quot;77770quot; من المترددين على مصر منذ عام 1995، وأنكر في التحقيقات التي جرت معه كل التهم المنسوبة إليه، مستغربا مسألة القبض عليه لكن المحققين فاجؤوه ببلاغات المستثمرين المصريين - غالبيتهم من المتعثرين ماليا - تعلقوا بسليم باعتباره منقذهم من عثراتهم المالية، وقارب النجاة الذي سيتعلقون به للخروج من دوامة الإفلاس بعد أن زادت عليهم مطالبات البنوك، ووضع رجال الأعمال أمام أعينهم كعكة الدادا التي تبلغ نحو 300 مليون يورو وفق الأوراق التي أظهرها لهم مودعة في مصارف أوروبية من بينها بنك باركليز الدولي. وقال أحدهم إنهم هرولوا إليه بتقديم أموالهم لكسب ود المستثمر اللبناني الذي وعدهم بردها لهم مضاعفة محملة بالأرباح والهدايا التي أغدق بها على كل المقربين من حوله. وقام الدادا - تحت شعار فك وديعته المالية - بتحويل مبلغ 850 ألف دولار أمريكي قدمها له أحد رجال الأعمال المصريين إلى مصرف quot;بيروسquot; الهولندي لحساب أحد الهولنديين - تراقبه السلطات الهولندية بسبب وجود شبهات حوله بغسيل الأموال- وتلقى المصرف المركزي المصري بلاغا من السلطات الهولندية كان خيطا أساسيا في القبض على دادا. واختلق الدادا وفق رواية أحد رجال الأعمال المصريين - رفضتها محاميته - قصة أن التحويل المالي الأول لم يصل إلى المصرف بسبب أخطاء فنية في التحويل، وأن الوقت ضيق أمامهم فبادر رجل أعمال ثان بتقديم مبلغ 527 ألف جنيه إسترليني - اقترضه من أحد المرابين المصريين - تحتفظ quot;الوطنquot; باسمه - تم تحويله إلى لندن عبر المصرف العربي الإفريقي لحساب سيدة صومالية تدعى روزا صومائيل، وأمام تلكؤ الدادا في رد الأموال وأرباحها لم يجد المستثمرون الحالمون من بد سوى اللجوء إلى نيابة الأموال العامة المصرية، التي كانت تعمل وسط تكتم شديد بعد البلاغ الذي تلقته من هولندا.
وأمام كبر حجم القضية قررت النيابة المصرية استمرار حبس الدادا لمدة 30 يوما على ذمة التحقيقات وهو الأمر الذي تراه المحامية يتنافى مع حرية الاستثمار في مصر، وقالت لـquot;الوطنquot; إنها نجحت في تحويل مسار القضية إلى إصدار شيك بدون رصيد، وطالبت بالإفراج عن موكلها على ذمة القضية ومنعه من السفر بدلا من حبسه في السجن مع المجرمين.
ووردت أسماء عديدة في التحقيقات التي جرت من بينها اسم رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري والسيدة رنا قليلات المقبوض عليها في قضية مصرفية كبيرة وأحد الأمراء المشهورين، وغيرهم من الشخصيات العامة وهو ما دعا السلطات الأمنية المصرية إلى فرض حالة من التكتم عليها لتجنب حدوث أزمات بين القاهرة والعواصم التي تنتمي إليها تلك الشخصيات.
- آخر تحديث :











التعليقات