البقاع اللبناني - عفيف دياب


اكثر من عملية انزال جوي نفذتها اسرائيل لاختطاف او اغتيال الشيخ محمد يزبك، احد ابرز اعضاء قيادة laquo;حزب اللهraquo; في البقاع ولبنان. فالشيخ الذي يحمل مهام عدة حزبية وسياسية واجتماعية، هو الوكيل الشرعي للامام الخامنئي في لبنان.وهذه laquo;المهمةraquo; الدينية تعطيه موقعا كبيرا في الطائفة الشيعية في لبنان. وحولته الى laquo;مرجعraquo; لا يمكن لاحد، في الحزب او خارجه، ان يتجاهل الشيخ الذي افشل كل محاولات اسرائيل في laquo;اصطيادهraquo; جراء الاجراءات الامنية التي اتبعها امن الحزب.

الشيخ يزبك من القلائل جدا في قيادة الحزب الذين لم يغادورا منطقة بعلبك. هناك قيادات ابعدها الحزب عن المدينة ومنطقتها لظروف امنية خلال العدوان الاسرائيلي. الشيخ, وكعادته, رفض مغادرة المنطقة مهما كانت الاسباب. فابناء بعلبك يرتاحون حين يعلمون انه ما زال بينهم.

في مكان ما في مدينة بعلبك، التقينا يزبك. اجراءات امنية مشددة ودقيقة جدا، ولا مجال للخطأ والتلاعب بالوقت. تحدث بهدوء جدا. كانت اجوبته دقيقة ومدروسة. انه يفضل الحوار والتفاهم على كل شيء في لبنان، حتى على المقاومة. فالمقاومة لا بد منها ما دام لبنان بحاجة اليها laquo;لكن بالتفاهمraquo;.
لا يخشى على المقاومة وسلاحها, ولا التهديدات التي تطال الحزب مباشرة فـraquo; الذي واجه العدوان الاسرائيلي الاخير، لا يخاف من اي تهديدات اخرىraquo;.
لم يكن الوقت مفتوحا للحوار مع الشيخ. الاوضاع الامنية... والاجراءات التي يتخذها laquo;الشبابraquo; تتطلب وقتا اقل للحوار. وهذا نصه:

bull; كنت هدفا مطاردا من قبل الطائرات الاسرائيلية طيلة فترة العدوان؟
هذا امر طبيعي, في النهاية كان عدوانا على لبنان وجميع اللبنانيين, ولنا الشرف ان يطاردنا طيران العدو الاسرائيلي, حتى يفهم العالم اننا لسنا المعتدين.

bull; برأيك لماذا كنت مستهدفا انت؟
بدك تسألهم هم!

bull; اكثر من عملية انزال جوي استهدفتك؟
طبيعي انا موجود في البقاع, وضمن الامتداد الشعبي للمقاومة, ولدينا علاقة عامة مع الناس, والعدو كان يريد ان يقطع الاواصر مع الناس والعلاقة معهم, والحالة الاجتماعية كان المطلوب القضاء عليها, والعدو كان يريد القضاء على هذه الحالة. انا لا احمل السلاح, عندي منبري, وعلاقاتي واجتماعاتي مع الناس, وحاضر دائما معهم لمساعدتهم وقضاء حوائجهم بالشكل الممكن ان يؤدي الى تقديم خدمة للناس, ممارستنا كانت ممارسة اجتماعية , صحيح يوجد عمل جهادي مقاوم ونحن نقبل ايادي المقاومين, ولكن نحن لم يكن لنا الشرف ان نكون من المقاومين في الجبهة مباشرة. والعدو كان يعتبر ان هناك شخصية بارزة في البقاع (هم يعتبرون ذلك ,ضاحكا) وفي اخر الامر هم كانوا يبحثون عن تحقيق انجاز في اي امر. واعتبروا البقاع مفتوحا وانه لقمة سائغة ويمكن لهم ان يحققوا على ارضه الانجاز الذي يحفظ ماء وجههم. الانزال الاول (مستشفى دار الحكمة) وفي الانزال الثاني (بوداي) كانا عبرة لهم. في الانزال الثاني الذي جاء بعد وقف الاعمال الحربية, وهو اعتداء فاضح ومخالفة للقرار 1701 ولكن مع الاسف هناك عمى عند المجتمع الدولي يتغاضى عما تقوم به اسرائيل. ولكن عيون المقاومة كانت laquo;مفتحةraquo; وتصدت للانزال وافشلته.

bull; هل تتوقع عمليات انزال اسرائيلية اخرى تستهدفك؟
عدو بهذه الشراسة والاجرام لا يتورع عن القيام بأي شيء, ولا يحترم معاهدات او وثائق, وعلى الانسان ان يحتاط دوما من هذا العدو وان يكون على حذر. في النهاية الحرب والمعركة مفتوحة مع هذا العدو. والعالم يرى ماذا تفعل اسرائيل, ويقول انه يرسل قوات دولية لتحمي أمن اسرائيل. ونحن بدورنا نسأل لماذا لا تقول انها ستحمي لبنان من اسرائيل.

bull; هل تتخوفون من انتشار القوات الدولية، في البر والبحر؟
- نحن لا نتخوف من هذه القوات الدولية. هي في مهمة تقول انها من اجل حماية امن الناس وامن لبنان, وهذا المنطق نحن نحترمه ونعززه, ولا تخوفات عندنا من هذا الانتشار لقوات دولية في الجنوب, فهم يقولون انهم يأتون لحماية لبنان, فمن الطبيعي ان نرحب بهذا القول, ونحن لن نشكل اي ازعاج لهم.

bull; لكن هناك اساطيل حربية منتشرة في البحر قبالة لبنان، الا تتخوفون من ان تقدم هذه الاساطيل على حصاركم وقتالكم لاحقا؟
لا, الاساطيل كانت موجودة في البحر قبل العدوان الاسرائيلي الاخير وخلاله وبعده. هناك سيادة لبنانية, وعلى جميع اللبنانيين ان يحافظوا على سيادة بلدهم. في النهاية اصحاب الاساطيل يقولون ان هناك اسلحة تأتي الى حزب الله عبر البحر. لندعهم ينشرون اساطيلهم للمراقبة, وليتأكدوا من امر هم يتحدثون عنه, ونحن كل ما يعنينا في الامر هو سيادة لبنان.

bull; هناك مفاهيم عدة للسيادة في لبنان, كل طرف يتحدث عن السيادة من وجهة نظره؟
نحن ما يهمنا من معنى السيادة في البلد هو الا تكون هناك يد فوق اليد اللبنانية. مطلوب من جميع اللبنانيين ان يتفاهموا, والحوار في ما بينهم. قد تكون هنالك ثمة اختلافات سياسية في وجهات النظر. ولكن لا يجوز للخلاف السياسي ان يرهن البلد او يضيعه, ومن هذا الباب نحن حريصون جدا على جو التفاهم. وفي النهاية لابد لنا من التفاهم لانه الخيار والسبيل الوحيد لبناء لبنان, وعندما لا يكون هنالك من تفاهم يخاف الانسان عندها من laquo;التدويلraquo; وفي النهاية تسقط السيادة وتهان كرامة جميع اللبنانيين. والذي حصل في مواجهة العدوان الاسرائيلي حافظ على كرامة اللبنانيين, ونحن نريد المحافظة على هذه الكرامة بمشاركة جميع اللبنانيين وألا يكون احدا معزولا، فلا يمكن الحفاظ على كرامة لبناني على حساب كرامة اللبناني الاخر. فالمطلوب من الجميع ان يكونوا متفاهمين في هذا الجانب.

bull; تتحدث عن ضرورة التفاهم. لكن بعد العدوان اظهرت بيانات القوى السياسية والدينية انقسامات كبيرة في لبنان, الا تخشون من انعكاس ذلك على المقاومة ودورها؟
اتمنى ان يكون هذا مجرد laquo;كلامraquo; في الاعلام, والا يكون انقساما واقعيا بين اللبنانيين. واعتقد ان جميع اللبنانيين لديهم الحرص الكامل على وحدة الوطن, وكل واحد يتحدث من منطلق حرصه على لبنان ووحدة الوطن. فلبنان يتميز بتنوعه المذهبي والطائفي والفكري, ونحن علينا ان نحافظ على هذا التنوع. وقيمة لبنان في هذا التنوع. وقيمته انه رسالة للعالم. فكيف سنحافظ على هذه الرسالة اذا أراد احدنا الغاء الاخر. والخوف يتبدد من خلال اللقاءات والاجتماعات والحوارات، ولا شيء في لبنان غير قابل للحوار والنقاش والتفاهم، فجميعنا نريد دولة قوية وعادلة تحمي كل اللبنانيين. وعلينا ان نطرح السؤال بكل جرأة وشجاعة: كيف سنبني هذه الدولة, ونكون كلنا شركاء في ذلك؟ فلا يجوز ان يبني زيد الدولة على حساب عمر. فالدولة يجب ان تكون للجميع, وعلى الجميع ان يشارك ويساهم في بناء الدولة.

bull; أأنتم في laquo;حزب اللهraquo; معنيون في بناء هذه الدولة؟
طبعا وبكل تأكيد. عندما يأخذ جميع الناس حقوقهم فماذا نريد بعد ذلك؟ وعندما تصبح هنالك قوة تحمي لبنان من اي اعتداء, فلماذا ستكون عندها مقاومة وتأخذ مهمة الدفاع على عاتقها. فاذا تولت الدولة مهمة الدفاع عن الوطن فلماذا ستبقى المقاومة. ونحن نسأل كيف ستكون مهمة الدفاع؟ هذا امر مطروح للحوار والتفاهم والنقاش حول استراتيجية الدفاع عن لبنان. لبنان خرج من مقولة ان قوته في ضعفه. اليوم لبنان قوي بقوته. بوحدة شعبه وقوة جيشه ومقاومته. فالوحدة هي التي تشكل القوة للبنان.

bull; هل العدوان الاخير يؤكد لكم انه لا بد من الحفاظ على سلاح المقاومة؟ وهل عندكم استراتيجية دفاعية جديدة بعد العدوان؟
هل الاستراتيجية الدفاعية للبنان هي مع المقاومة او من دونها؟ انا اطرح هذا السؤال, هذا طرح للبحث والنقاش في لبنان. عندما نقول نريد جيشا قويا يحمينا, فهذا يعني ان هذا الامر بحاجة الى امكانات وطاقات وقدرات, وهذ الجيش جيشنا. والعجز ليس في الجيش وانما في الامكانات, وفي القرار السياسي. ونحن نرى ضرورة في وجود المقاومة. هل المقاومة تتمثل في الجيش, او في الجيش والشعب, المهم ان يكون هناك من يواجه العدو الاسرائيلي ويحمي لبنان ويدافع عنه.

bull; البعض في لبنان يقول انه لا يمكن بناء دولة قوية وعادلة في ظل وجود جيش ومقاومة ولكل جهة سلاحها, الا يتناقض ذلك مع مفهوم بناء الدولة؟
اذا كانت الدولة هي التي سترعى هذا الجانب فلماذا التخوف. عندما تكون الدولة باسطة سلطتها وتحتضن الجميع, وشعبها مقاوم يكون هذا عنصر دعم للجيش والقوة المدافعة عن لبنان. نحن نريد شعب مقاوم, والمقاومة ليست حكرا على احد, وهي ليست لطائفة او تنظيم او حزب. فنحن نريد كل لبنان ان يكون مقاوما حتى نحمي انفسنا. والجميع في لبنان متفق ان اسرائيل هي العدو, وهذا يعني انه يجب علينا ألا نأمن لهذا العدو. فكيف سنحمي انفسنا من هذا العدو؟ علينا، اذا، ان نتفاهم.

bull; حتى حلول هذا التفاهم انتم مستمرون في المقاومة وحمل السلاح؟
طبيعي جدا. انا لا استطيع ان اقول تفضلوا وتعالوا خذوا سلاحي. فهذا يعني انني اسلم رقبتي للاخرين. الانزال الاسرائيلي في بلدة بوداي اكبر دليل على صحة ما نقوله. لو لم يكن معنا سلاح من كان سيتصدى للعدو ولهذا الانزال الجوي؟ على الاخرين ان يعطونا الجواب. عليهم ان يؤمنوا حماية الناس من اسرائيل، وان نكون مطمئنين للدولة، وعندها لا مشكلة لدينا. لكن عندما لا نجد من يحمينا ويحمي الناس من الاعتداءات الاسرائيلية, فهذا يعني انه علينان ان نحمي انفسنا، وهذا امر طبيعي.

bull; هناك اصوات لبنانية تطالب بنزع سلاح المقاومة؟
نقول لهم تستعجلوا. اذا كان هذا السلاح يشكل لهم هاجس خوف فنحن نقول لهم تعالوا لنتفاهم ونبدد هذه المخاوف. فمثلما لديهم تخوف, نحن ايضا لنا تخوف. فعندما نتفاهم تتبدد المخاوف, ومطلب نزع السلاح هو مطلب اسرائيلي اميركي. فهذا السلاح لا يشكل خطرا على الداخل اللبناني, بل يعطيه القوة, فلماذا نتخلى عن قوتنا. الاصوات التي ترتفع مطالبة بنزع سلاح المقاومة لمصلحة من؟ لمصلحة لبنان ام لمصلحة الاخرين؟ فالذي يطالب بنزع السلاح هو الاميركي والاسرائيلي. ومشروع الشرق الاوسط الجديد لا يتم الا بالقضاء على المقاومة وعلى قوى الممانعة.

bull; وهذه المطالبة لها صدى في لبنان؟
لها صدى طبعا. وهذا يعني ان هناك من يريد المشروع الاخر. ونحن لا نريد للبنانيين ان يكونوا في هذا مشروع الشرق الاوسط الجديد. نحن نريد لبنان مستقلا وصاحب سيادة. ومن يعمل على ولادة الشرق الاوسط الجديد من لبنان, فنحن نعتبر ذلك خيانة للبنان ولسيادته ولكرامة اللبنانيين.

bull; بيان حزب الله الاخير الذي هاجم فيه قوى laquo;14 شباطraquo; واتهم بطريقة غير مباشرة البعض بالخيانة؟
laquo;حزب اللهraquo; لم يبدأ بالهجوم. الحزب رد على اتهامه بأنه في محور غير لبناني. فمن الطبيعي ان نرد. ومن يتهمنا بذلك من حقنا ان نتهمه ايضا بأنه في المكان الاخر. فليس بالتراشق الاعلامي تبنى الاوطان، وانما بالحوار والتفاهم.

bull; وهذا برأيكم يبدأ من حكومة وفاق وطني؟
يقولون انهم يريدون تطبيق اتفاق الطائف... ونحن نقول لهم تفضلوا. الطائف يبدأ من حكومة وفاق وطني.

bull; كيف ذلك وكل طرف متمسك بشروطه؟
اذا اراد كل واحد منا ان يعمل من اجل مصلحته فقط, فهذا يعني اننا نحول لبنان الى laquo;مزرعةraquo;, ولا نكون نريد بناء لبنان. على الجميع ان يخففوا من شروطهم من اجل المصلحة الوطنية. لا بد من التعاون من اجل لبنان. واذا لم نتعاون فهذا يعني اننا نعمل ضد مصلحة لبنان.

bull; هناك قوى سياسية في لبنان متمسكة بالحكومة الحالية وترفض مطلب حزب الله والتيار الوطني الحر؟
laquo;ماشي الحالraquo;... لا بد من التفاهم, والوصول الى حلول ترضي الجميع. لا يجوز لمن يملك الاكثرية في المجلس النيابي ان يلغي الاخر. لا laquo;يركبraquo; البلد هكذا. نحن متفائلون بالوصول الى نتائج بالحوار.

bull; اذا لم يلب مطلب حزب الله بحكومة جديدة, فما خطواتكم؟
نتمـــنى الا نصـــل الـــى الســـلبـــية... نحن مقتنعون بأن لبنان لا يقوم الا بتضافر وتضامن الجميع.

bull; هل تتخوفون من شيء laquo;ماraquo; ولا سيما بعد العدوان، يطال laquo;حزب اللهraquo; مباشرة؟
بعد العدوان الكبير الذي حصل لم نعد نتخوف من اي شيء. فالذي صمد بوجه العدوان الاسرائيلي لا يخاف من شيء آخر. والذي كان مبللا بالمياه لا يخاف من المطر. نحن نتمسك بهذه الارض وبهذا الشعب. ومن يتمسك بأرضه وبشعبه فلا يخاف من ضغوطات سياسية او تهديدات عسكرية اخرى. نحن لسنا بطارئين على هذا البلد. البلد بلدنا, وجبلنا ترابه بدمائنا. فمن هنا لا نتأثر بكل الضغوطات التي تمارس ضدنا.

bull; هل تتخوفون من laquo;عرقلةraquo; القوة الدولية لعملكم المقاوم؟
الدولة بسطت سلطتها الى الجنوب. والمجتمع الدولي ارسل قوات ايضا. وهناك اراض ما زالت محتلة. وعلى الدولة ان تحرر هذه الارض, ومجلس الامن يقول انه سيتحرك من اجل ذلك. فعندما يحررون هذه الارض يكونوا laquo;ريحواraquo; المقاومة. واذا لم يحرروها فالمقاومة مستمرة في ممارسة حقها. وهذا امر طبيعي, وبالتفاهم ايضا. والجيش اللبناني لا يرضى ان تبقى قطعة ارض من لبنان محتلة. والمقاومة ليست مستعجلة. فاذا المجتمع الدولي قام بواجبه واعاد لنا الارض فنحن له من الشاكرين، واذا لم يقم بذلك، فاللبناني مطالب بتحرير ارضه وتحصيل حقوقه.