جميل الذيابي

هل يسجّل التاريخ الشرقي أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هو المحرّض الفعلي على تزايد البرامج النووية في منطقة الشرق الأوسط؟ هل تمكّن نجاد من تغيير قواعد اللعبة العسكرية في المنطقة عبر التحدي العلني لأميركا وأوروبا، والإصرار على استمرار بناء البرنامج النووي الإيراني؟ هل شكّل رعباً عسكرياً لدول الجوار؟

أخيراً، أعلن قادة دول مجلس التعاون الخليجي على هامش laquo;قمة جابرraquo; الأخيرة في الرياض، عن شروع بلدانهم في إعداد دراسة مشتركة لبناء برنامج نووي سلمي.

وما تأكيدات الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية في تصريحات صحافية، عن مضمون لقاءات ستتم خلال الأسابيع المقبلة مع مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج laquo;النووي الخليجيraquo;، إلا خير برهان على مدى الجدية الخليجية في امتلاك برنامج نووي سلمي، طبقاً للمعايير الدولية.

الأردن يرنو إلى امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، خصوصاً ان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لمّح إلى هذا الاتجاه، على رغم تحذيره من مغبة حدوث سباق تسلّح في المنطقة. وهو ما يعني تغير قواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط، بعد تزايد توجهات دول المنطقة نحو دراسة امتلاك البرامج النووية.

إضافة إلى رغبة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في ذلك عبر ارسال اشارات تأييد لقرار القمة الخليجية الداعي لإقامة برنامج خليجي مشترك بين دول المجلس في مجال الطاقة النووية السلمية، خلال خطابه الذي ألقاه بمناسبة عيد الأضحى.

وهناك رغبة مصرية laquo;خجولةraquo; في امتلاك التكنولوجيا النووية، تجددت بعد الزيارة الأخيرة للرئيس المصري حسني مبارك إلى روسيا، وتوقيع مذكرة تفاهم لتوسيع وتعميق التعاون بين الدولتين في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، خصوصاً بعد رفض إسرائيل طوال السنوات الماضية التوقيع على اتفاقية الحد من انتشار التكنولوجيا النووية.

كذلك الملف النووي الجزائري ليس ببعيد عن الأضواء، فهو ملف قديم متجدد، إضافة إلى دول عربية متمنّعة وهي راغبة، أو دول أعلنت التخلي عن الطموح النووي خوفاً على سلطتها مثل ليبيا.

لا شك في ان الأجندة العربية تغيرت بعد ان تأكد عدم الالتزام الإيراني بالمهلة المحددة لوقف النشاط النووي، ما يعني الشروع في عمل laquo;مماثلraquo;، طالما ان الدولة العبرية تمتلك هذا السلاح، وايران تسير على خطاها، وبقاء أكثر من عشرين دولة عربية من دون هذه التقنية النووية اصبح يعتبر في نظرها laquo;عيباً جسيماًraquo;.

وإذا استمر سباق امتلاك التكنولوجيا النووية في منطقة الشرق الأوسط، حتى وإن كان لأهداف سلمية، فإننا لا محالة سنعيش laquo;تراجيدياraquo; ذكرى قنبلتي laquo;هيروشيماraquo; و laquo;ناغازاكيraquo;، وما صاحب انفجار مفاعل laquo;تشيرنوبيلraquo; الروسي من كوارث صحية وبيئية، خلّفت آثاراً لا تزال تعاني منها الأجيال.

أصبحت التكنولوجيا النووية الآن طموحاً دولياً، ويسيل لها لعاب كثير من البلدان، ومن بينها دول منطقة الشرق الأوسط، في ظل تسابق التسلح النووي، على رغم الكوارث التي تخلّفها تلك التقنية، حتى وإن كانت لأغراض سلمية.

صورة كارثية يرسمها سباق امتلاك التكنولوجيا النووية في الوطن العربي، وهي المنطقة الأكثر سخونة وانفجاراً في العالم، والتي لا تملّ ولا تكلّ من الحروب والصراعات.

الأكيد أن تكاثر بؤر التكنولوجيا النووية يشكّل خطراً على البيئة والصحة والإنسان، وعلى المنطقة برمّتها، ما يستدعي تحالف الكل لمنع انتشارها، وإجبار الدول التي تمتلكها في المنطقة على التخلي عن البرامج النووية، وأولها اسرائيل، وإخلاء المنطقة من هذه التقنية النووية، لكبح جماح التسابق على امتلاكها.