منى ياسين
التلوث البيئي وتلوث الماء والهواء وأكوام القمامة ، تمثل أكبر الخطر علي صناعة السياحة المصرية، وتزيد في خطورتها علي سوء معاملة السياح ، خاصة أن الأمر وصل لدرجة تحذير مؤسسات دولية للسياح من تناول مياه الشرب في مصر ، وقيامها بتحديد أسماء مياه معدنية لتناولها ، كما طالبتهم بعدم البقاء في القاهرة لفترات طويلة بسبب تلوث الهواء حماية لحياتهم ، إلي جانب تخوف السياح من تناول الأطعمة المصرية بسبب استخدام المبيدات ومياه الصرف الصحي والصناعي في الزراعة.
laquo;المصري اليومraquo; رصدت المزيد من مخاطر التلوث علي صناعة السياحة في السطور التالية:
قال الدكتور محمود القيسوني خبير السياحة البيئية إن المؤسسات التي تتحكم في السياحة العالمية تجري سنويا دراسة متجددة عن نسبة التلوث بمختلف أشكاله في كل دولة علي حده، وبناء عليها ترسل أفواجا سياحية لهذه الدول مع الأخذ في الاعتبار أشكال الجذب السياحي ، وذلك بعد توفير التأمين الجيد للسياح.
وأضاف القيسوني أن هذه الدراسات حذرت رسميا السياح من شرب المياه من الصنابير في عدد من الدول خاصة في مصر ونصحتهم بشرب المياه المعدنية بل اختارت لهم أسماء وأنواع المياه المعدنية التي تؤمن لهم صحتهم وكشف عن أن هذه المؤسسات حذرت السياح القادمين إلي مصر من تناول السلطات الخضراء وتفادي أي أنواع من الخضروات غير المطهية بل شددت في هذه الأمور طبقا لوثيقة التأمين المتفق عليها.
وقال القيسوني إن هذه المؤسسات صنفت القاهرة بأنها من أخطر المدن دوليا من حيث التلوث الهوائي وأن مؤسسات السياحة العالمية نصحت السياح بتفادي وجودهم داخل العاصمة لأوقات كثيرة نظرا لاحتوائها علي تلوث هوائي وسمعي شديد يتمثل في كلاكسات السيارات التي تجوب العاصمة حيث تعتبر هذه المؤسسات الكلاكسات إهانة شديدة تساوي الشتائم ولها مخالفات وغرامات جسيمة في دولهم.
ونصحتهم الدراسات بمحاولة التقليل من زيارة القاهرة إلا في حالات الضرورة أو عند زيارتهم للمتحف المصري والأهرامات بالجيزة وأن يغادروا بعدها علي الفور إلي أسوان والأقصر.
وأكد أن السياح لا يفاجأون بأشكال التلوث المختلفة في مصر لأنهم يحصلون علي معلومات كاملة بهذا الشأن في بلادهم.
وأضاف: إن قلة وعي المواطنين بالأمور البيئية هي السبب الرئيسي في تدهور الوضع السياحي في مصر ، لافتا إلي أن بلدان متقدمة مثل سلطنة عمان والإمارات أدخلت مادة حماية البيئة في دراستها، ونحن في مصر لم ندخلها حتي في المرحلة الجامعية فضلا عن غياب الوعي البيئي لدي الحكومة وهذا ما ظهر واضحا في قرار وزير الزراعة الذي أصدره منذ شهرين بالسماح بالترخيص لشركة صيد أسماك زينة والشعاب المرجانية النادرة فحدثت ردود أفعال كبيرة حول هذا القرار سواء علي المستوي المحلي أو المستوي الدولي، وتحديدا خلال إقامة معرض دولي في ألمانيا في الشهر الماضي حضره مجموعة من ممثلي نشاط الغوص المصري الذين واجهوا عاصفة من النقد الحاد من الاتحاد الدولي للغوص ووصفوهم بأنهم يمارسون الانتحار بمصر.
وقال الدكتور محمد الحفيف عميد معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس إن تلوث الماء والهواء من أكثر أشكال التلوث البيئي الذي يواجه أفواج السياح سنويا فضلا عن التلوث الاجتماعي والمتمثل في معاملة المواطنين المصريين للسياح واستنزافهم في كل الأمور.
وأضاف: إن السياح يواجهون معاناة شديدة في التعامل مع مياه الشرب بمصر حتي إنه في دول السياح يوزع عليهم منشور خارجي يحذر من أن مياه مصر ملوثة ولا تصلح للاستخدام الآدمي أو حتي استخدامها في أغراض أخري مثل غسل الملابس والأطعمة والاستحمام فأصبحت المياه رقم laquo;١raquo; في المشكلات البيئية فضلا عن الفضائح التي تحدث من جراء مشاهدة السياح في بعض الأحيان للديدان والطحالب التي تخرج من مياه الصنبور في بعض الأوقات.
وقال الحفيف إن السياح عادة ما يتفادون مشكلة تلوث الهواء عن طريق هروبهم من القاهرة وانتقالهم إلي البحر الأحمر والأقصر وأسوان بالاضافة إلي أن هذه المناطق تتمتع بأشكال جذب سياحي أكثر من الموجودة بالقاهرة.
ولفت محمد ناجي رئيس مركز حابي للحقوق البيئية إلي أن تلوث الهواء والمتمثل في السحابة السوداء يلعب دورا كبيرا في التقارير الدولية التي تقيم مناخ مصر الصالح لاستقبال السياح فأصبحت السحابة السوداء معاناة رئيسية وضعت في أجندة السياح حين يفكرون في زيارة مصر فضلا عن مياه الشرب التي أسقطوها من حساباتهم وأصبحوا لا يستغنون عن المياه المعدنية نهائيا.
وقال ناجي إن التدهور والتعدي الذي باتت المحميات الطبيعية تتعرض له بشكل ملحوظ أفقد السياحة الدولية الثقة في مصر وتظهر هذه التعديات واضحة في محميات رأس محمد وأبوجالوح ومحمية وادي دجلة.
وأضاف: إن ما تتعرض له الشواطئ البحرية بشكل عام من إلقاء الصرف الصحي أبعد السياح عن زيارة هذه المناطق فضلا عن التغيرات المناخية من غمر الدلتا ونحر الشواطئ المصرية.
وأضاف ناجي: إن السياح أصبح لديهم قلق كبير من حجم التلوث البيئي في مصر ولولا أن لدينا آثاراً مهمة ما كانوا أقبلوا علي السياحة المصرية في ظل انعدام أمان نوعية الحياة.
وأشار إلي أن تناول الأطعمة بات يمثل قلقا آخر بالنسبة للسياح خاصة الخضروات والفاكهة بسبب مياه الري الملوثة والزراعات التي تروي بمياه الصرف الصحي في بعض الأحيان وكذلك الأراضي الزراعية التي تتعرض للمبيدات والأسمدة.
وقال ناجي: إن السائح سجل في ذهنه ما يستقبله بعد قدومه إلي مصر من تلال وأكوام القمامة والاختناق في التنفس بسبب السحابة السوداء وغيرها من أشكال التلوث.
وأكد المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشؤون البيئة أن الوزارة تصدت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة لمختلف أشكال التلوث البيئي حتي تظهر مصر بصورة حضارية ونظيفة أمام السياح فضلا عن التطوير الكبير الذي تم في قطاع المحميات الطبيعية حتي يتم إنعاش سوق السياحة البيئية التي تمثل جزءا مهما من السياحة المصرية وظهر ذلك واضحا في محميات رأس محمد بجنوب سيناء.
وأضيفت مؤخرا محميتان جديدتان.
وقال جورج فيما يخص التلوث الهوائي: نفذت الوزارة عدة مشروعات مهمة للقضاء عليه متمثلة في رفع ٨ ملايين متر مكعب من القمامة التاريخية بمحافظات القاهرة الكبري وكذلك التحكم في الانبعاثات المتصاعدة من النشاط الصناعي خاصة في المناطق ذات بؤر الاهتمام بالقاهرة شمالا وجنوبا والاسكندرية والمدن الصناعية باستثمارات بلغت أكثر من مليار جنيه وذلك لتوفيق أوضاع هذه المصانع والحد من الانبعاثات الملوثة الصادرة منها ، بالاضافة إلي تحسين نوعية المياه حتي يحدث مردود عالمي يؤدي إلي تنشيط السياحة وتحسم بالفعل النجاح في خفض مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون.
وفيما يخص عوادم السيارات تم تنفيذ برنامج متكامل لتحويل السيارات الحكومية للعمل بالغاز الطبيعي وكذلك سيارات الأجرة واستبدال السيارات القديمة بالسيارات الجديدة للحد من السحابة السوداء كما تم تحويل محطات الكهرباء الكبري للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من المازوت.
فضلا عن التعامل مع المخلفات البلدية الصلبة بهدف منع التخلص منها بالحرق المكشوف بتوفير ٣٤ مدفنا صحيا في أنحاء الجمهورية، وإقامة عدد من المصانع لتدوير قش الأرز لتجنب نوبات تلوث الهواء الحاد.
وقال جورج إنه فيما يخص نوعية المياه فقد بذلت الوزارة جهودا مكثفة لوقف الصرف الصناعي علي نهر النيل وتوفيق أوضاع المنشآت الصناعية بنسبة ٩٠% فضلا عن جهود أخري بذلت بالتعاون مع وزارة السياحة لتوفيق أوضاع العائمات والمنشآت السياحية المقامة علي نهر النيل وعمل مرسي متخصص لها في الأقصر وأسوان مزود بوسائل للتخلص الآمن من مخلفاتها بدلا من إلقائها في النيل، وتوفير صناديق لأخذ المخلفات المتراكمة خلال رحلتها النهرية وتفريغها في مستودعات.
وأضاف جورج: إنه تم التعامل بالتعاون مع محطات المياه ومرفق مياه الشرب في إطار المراقبة المستمرة وتحليل العينات في كل أنحاء الجمهورية حتي يتم توفير مياه نقية للمواطنين والسياح.
التعليقات