سعد محيو
اجتهادان رئيسيان إزاء نتائج القمة الإيرانية السعودية:
الاول يقول إن أول محادثات بين الملك عبدالله والرئيس أحمدي نجاد منذ انتخاب هذا الأخير، انتهت كما بدأت: إلى لا شيء. فالبيان المشترك حول مواجهة الفتنة في العالم الإسلامي جاء عاماً فضفاضاً، ولم يتضمن أية خطوات إجرائية لقرن القول بالفعل. وكذا الأمر مع مسألة مبادرة السلام العربية التي قالت الرياض إن طهران قبلتها فسارعت طهران إلى النفي، ومع قضية العراق.
الاجتهاد الثاني له مقاربة مختلفة.
فهو يرى في مجرد قبول ldquo;الرئيس فائق الثوريةrdquo; زيارة ldquo;الملك فائق الاعتدالrdquo;، تنازلاً سيكون له حتماً ما بعده، حتى ولو كانت نتائج الزيارة محدودة آنياً. فالجليد، أو بعضه، ذاب، والأيدي تشابكت خلال الاستقبال الحار، وكل الأوراق وضعت على الطاولة.
لا بل أكثر: لا يستبعد أنصار هذا الاجتهاد أن يكون الطرفان توصلا إلى تفاهمات سرية ما، سواء حيال علاقاتهما الثنائية أو حول القضايا الإقليمية.
أي الاجتهادين الأقرب إلى الصحة؟.
ldquo;نيويورك تايمزrdquo; مالت إلى الأول. وهي نسبت إلى محلل سعودي ldquo;له علاقة وثيقة بالحكومةrdquo;، على حد وصفها، قوله: ldquo;في النهاية، كلا الطرفين يعرف أن هذا صراع جيو سياسي.
وبالتالي ففي وسعهما إطلاق التوصيفات الفخيمة حول إنهاء الصراع الطائفي، لكن هل هما قادران على فعل شيء على أرض الواقع؟rdquo;.
هذا الرأي يحظى بإجماع غربي، حيث تسابق المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون على نزع صفة ldquo;التاريخيةrdquo; عن زيارة نجاد، وعلى القول إن كل هدف هذا الأخير من القمة ldquo;هو جعل نفسه يبدو أكثر تعاوناً وانفتاحاً على جيران إيران الخليجيينrdquo;.
وبالطبع، يضع مثل هذا التحليل بعين الاعتبار الحقيقة بأن نجاد يتعرَّض منذ أسابيع إلى حملات عنيفة في الداخل الإيراني، بسبب تصريحاته النارية التي استعدت على إيران معظم العالم وrdquo;هددت أمنها القوميrdquo;، على حد تعبير النائب أكبر علمي الذي يهدد الآن، مع زملاء له، باستجواب الرئيس في البرلمان.
ماذا يعني كل ذلك؟
أمر واحد على الأرجح: الأمور في الخليج وبقية أنحاء الشرق الأوسط، أعقد بكثير من أن تحلها قمة واحدة، حتى ولو كانت بوزن قمة الرياض. ففيها (الأمور) تتشابك ما هو دولي (أمريكي) بشكل خطير مع ما هو إقليمي أو محلي. والصراع الحاد على النفوذ في العراق ومنطقة الخليج والهلال الخصيب، لا يحله لا تشابك الأيدي ولا بيانات التهدئة.
أجل. فرص تخفيف التوتر بين الطرفين، خاصة في لبنان وسوريا، ممكنة. اجل أيضا. المملكة العربية والجمهورية الإسلامية حريصتان على الحفاظ على التوازن التاريخي بينهما، وعلى عدم دفع الأوضاع إلى المجابهة المكشوفة.
لكن هذا شيء، واختراق الوضع الدولي المتفاقم بوفاق سعودي إيراني مسألة مستبعدة تماماً.
لماذا؟
لأن هذا الأمر قد يتطلب ليس فقط إطاحة الرئيس نجاد نفسه، بل حدوث انقلاب جذري في المواقف الإيرانية حيال تخصيب اليوارنيوم، والتدخل في العراق، وأزمة لبنان، وخطاب تدمير ldquo;إسرائيلrdquo;.
وهذا ما يبدو وارداً. ليس الآن على الأقل.
التعليقات