مايكل أوهالون - لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
من الأخبار الإيجابية الواردة من العراق هذه الأيام، مشروع القانون الجديد لاجتثاث quot;البعثquot;، والذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من السريان، بعد أن تتم إجازته من قبل المجلس الرئاسي. فالمعروف خلال عهد صدام حسين، أنه لا سبيل إلى الوظيفة إلا بالانتماء لحزب quot;البعثquot;. وعليه فلا يد لغالبية من يزيد على المليون ممن التحقوا بصفوف الحزب بحثاً عن الوظيفة ولقمة العيش، في الجرائم والفظائع التي ارتكبها ذلك النظام. وبسبب حالة الرعب والوساوس التي كان يعيش فيها صدام، لم تكن المعلومات ولا النفوذ يجدان طريقهما إلا لخاصة خاصته والمقربين منه فحسب. واليوم تبدي الحكومة العراقية بقيادة الأغلبية الشيعية، قدراً أكبر من الاستعداد لتفهم هذه الحقائق. وإذا ما ربطنا التشريع الجديد بقانون المعاشات الذي تمت إجازته في وقت متأخر من خريف العام الماضي، فإنه سوف يصبح في وسع الكثير من البعثيين السابقين، المشاركة في عراق ما بعد صدام. ويعد هذا التشريع بين عدد من quot;المعاييرquot; السياسية التي يتوقع من القادة العراقيين الوفاء بها. فهناك عدة تشريعات أخرى، مثل قانون النفط، وقانون السلطات الإقليمية، وتشريع آخر يفترض أن يذلل تنظيم الانتخابات المحلية المقبلة. وهناك العملية الخاصة بإجراء استفتاء شعبي حول المستقبل السياسي لمدينة كركوك المتنازع عليها بسبب مواردها النفطية، إلى جانب تبني استراتيجية أفضل لتطهير الجهاز الحكومي من متطرفي quot;البعثquot; السابقين. وضمن هذه الإجراءات الإصلاحية لسياسات اجتثاث quot;البعثquot;، فقد تحققت خطوات كبيرة في هذه الجهود الآن، إلا أن التقدم الفعلي قد أحرز في عدة قضايا ومجالات مرتبطة بها، بما فيها اقتسام العائدات النفطية بين بغداد والمحافظات، حتى قبل صدور قانون النفط المرتقب، وانخراط المتطوعين السنّة في قوات الشرطة والأجهزة المدنية الحكومية، وكذلك تحسين النظام القانوني. ورغم أن النصف الأكبر من الكوب العراقي لا يزال فارغاً، فمن الواضح أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.
وقد أُحرز هذا التقدم بعد جهود مضنية وكبيرة، لخفض معدلات العنف وتحسين الوضع الأمني هناك. وظل من رأي مؤيدي استراتيجية زيادة عدد القوات الأميركية دائماً، أن السيطرة على العنف شرط لازم لتحقيق أي مصالحة سياسية منشودة، خلافاً لمن يعتقدون أن السبيل إلى خفض العنف هو تحقيق المصالحة الوطنية. وتجدر الملاحظة هنا، أن الزيادة الكاملة لقواتنا لم تتحقق إلا قبل ستة أشهر فحسب، وها هو العنف قد شهد انخفاضاًِ كبيراً بالفعل على امتداد العراق كله. ثم إن في سنّ قوانين رئيسية خلال هذه الفترة القصيرة، ما يتطلب من جميع الأطراف تقبل المخاطر والاستعداد لتقديم التنازلات، بما في ذلك التعاون مع قواتنا نفسها، والتي كانوا يقاتلونها حتى وقت قريب جداً. وفي هذا إنجاز كبير دون شك.
غير أن التقدم الذي شهده العام الماضي، تطلّب من الولايات المتحدة مواصلة الضغط السياسي على القيادة العراقية. وفي هذا فقد أفضى الجهد المثابر الذي بذله كل من السفير رايان كروكر والجنرال ديفيد بترايوس، في الضغط المستمر على القيادات العراقية، وحثها على دفع شتى الفصائل والطوائف المتحاربة لتقديم التنازلات اللازمة، إلى نتائج ذات أهمية بالغة. وفي كلا الحزبين الأميركيين، مارس الساسة الأميركيون ضغوطاً مفيدة في هذا الاتجاه. بيد أن مواقف بعضهم جاءت سلبية، ما أن علت تهديداتهم بالانسحاب العسكري السريع من العراق، بصرف النظر عن حالة الوضع الأمني والسياسي، وعما إذا كان القادة العراقيون قد اعتزموا فعلاً مواصلة الضغط على شتى الطوائف والفصائل لحملها على تقديم التنازلات التي تتطلبها المصالحة الوطنية.
وعلى نحو ما حذر quot;كروكرquot; في ربيع العام الماضي، فكلما احتدم الجدل العام الأميركي، كلما ازداد شعور العراقيين بقرب انسحابنا من بلادهم، ما يدفع بهم إلى تشديد مواقفهم وتأجيج احترابهم الطائفي. هذا ولا تزال المؤسسات السياسية العراقية هشة للغاية، والجراح الطائفية لم تلتئم بعد. كيف لنا إذن، والحال هكذا، أن نقطف ثمار التقدم الذي أحرزناه في العام الماضي، فيما لو هرولنا في خطى الانسحاب غير آبهين؟ لكي نقطف هذه الثمار، علينا التخطيط والاستعداد لتمديد فترة بقائنا مستقبلاً. وغني عن القول إن مجرد زيادة قواتنا بخمسة لواءات وثلاث من كتائب القوات البحرية، لم يكن هو السبب الوحيد للتقدم الذي أحرزناه العام الماضي. على أن هذا لا ينفي أهمية الأثر الذي تمخضت عنه هذه الزيادة، مصحوبة بتحسين أداء القوات العراقية، واستقطاب عدد من المتطوعين السنّة، في توفير الأمن اللازم للمواطنين، مع العلم أن هذا الهدف يشكل لب الاستراتيجية القاضية بزيادة عدد القوات.
ورغم وجاهة رأي الجنرالات الذين دعوا إلى خفض العدد الحالي للقوات إلى ما كان عليه قبل تطبيق الاستراتيجية الأخيرة، بحلول موسم ربيع العام الحالي، اعتماداً على التقدم الذي تحقق في خفض معدلات العنف واستقرار الأوضاع الأمنية نسبياً، فإنه لا يزال يصعب الجزم بصحة هذه التقديرات. والسبب أن مقاتلي تنظيم quot;القاعدةquot; يعملون جاهدين على إعادة رص صفوفهم، وهو ما تقاوم حدوثه قواتنا بالكثير من العناء والعمل. وفي الوقت نفسه لا تزال تشكل المجموعات المسلحة المدعومة من قبل طهران، مصدر قلق رئيسيا في العراق. كما لا يزال في انتظارنا الكثير من العمل السياسي الواجب إنجازه هناك.
- آخر تحديث :
التعليقات