زيّـان

لا هي بداية مرحلة ونهاية أخرى. كما ليست هي الحادثة الاولى، وقد لا تكون الأخيرة.
فالحال من بعضه. ويبدو ان الرسائل تتوالى عَبْر البريد السريع، مثلما توحي التفجيرات ان التهديد والوعيد قد غادرا الخطابات والايحاءات، لينزلا الى الارض حيث الترجمة الفعليّة والمدوّيَّة.
من البديهي القول إن التطورات ليست مطمئنة. وقد تزداد عنفاً في مرحلة لاحقة، اذا ما بقي مصير المبادرات والحلول السياسيَّة التعثُّر ثم الصعود الى رفوف التأجيل والنسيان.
فمن تحصيل الحاصل، والحال هذه، أن يتحوَّل الوضع الأمني نافذة مفتوحة على وسائل أُخرى، تتوخّى الترهيب وزرع الرعب في نفوس الناس والضغط لجهة الخاصرة السياسيَّة الرخوة.
انها المعضلة اللبنانية المزمنة، التي ما أن تغيب عقداً عقدين من الزمن حتى تعود على أقسى وأفظع.
وفي الماضي البعيد، كما في أمس الذي عبر أكثر من عظة. وأكثر من تأكيد ان quot;النافذة الأمنيّةquot; كانت وستبقى حجر الزاوية في تخطيطات المعطّلين، والأَدارة الفعالة في متناول الساعين الى زجّ لبنان في الفراغ، وحصره بين الفلتان الأمني الواسع والفوضى غير الخلاّقة.
قد تكون هذه التحليلات في مطرحها ومطابقة للواقع، في حال مقارنتها بما شهدته المراحل السابقة من تفجيرات أمنيَّة هدَّدت لبنان بدخول غابة نزاعات أشدّ وطأة من الحروب الأهليَّة.
إذن، لعل المعنيين يجدون في عودة quot;حواراتquot; السيارات المفخخة، بهذه الكثافة وبهذا التصميم الأجرامي، حافزاً للقيادات والمسؤولين وما تبقّى من العقلاء، للتمسُّك بحوارات العقول والقلوب بحثاً عن حلول وتسويات سريعة.
والذين يتوقّعون استمرار التصعيد الأمني في غياب مؤشّرات التفاهم، يعتقدون بدورهم ان المبادرة العربيَّة لا تزال هي جسر الخلاص الذي يتسع لضفتي آذار... ولعبور التوافق على سلة أو قبضة أو حفنة من المخارج السياسيَّة.
فالسيارات المفخخة كساعي البريد تماماً، تدق الباب اللبناني مرتين وثلاثاً وأربعاً وبلا نهاية، ما لم يلجمها التوافق على انتخاب الرئيس واليوم قبل غد.