جابر الحرمي

الرؤية المستقبلية الى الآن غائبة في عدد من المشاريع التي تنفذها بعض الوزارات والمؤسسات، والاكتفاء فقط بالاعلان عن انجاز مشاريع ربما يعاد النظر فيها بعد سنوات قليلة لكونها لم تعد تفي بمتطلبات المرحلة، وهذه احدى اشكاليات المشاريع المنفذة في كونها لا تنظر للمستقبل، ولا تبنى في كثير من الأحيان على الارقام والاحصاءات الصحيحة.

على سبيل المثال مشاريع الطرق الغالبية منها ليس بها أماكن لتصريف مياه الامطار، واذا وجدت في البعض منها فإنها مجرد laquo;شكلraquo; فقط، بمعنى انها غير صالحة، ولا تؤدي الغرض من إنشائها، والمتمثل بتصريف مياه الامطار، لذلك نجد ان العديد من شوارعنا تتحول الى برك من المياه بعد هطول الأمطار.

وظلت هذه الشوارع على هذا الوضع، وكان التبرير في بعض الأحيان يساق بأن قطر ليست من البلدان الممطرة التي تستوجب مشاريع الطرق فيها تضمينها بأماكن لتصريف المياه، وان الأمطار تهطل بندرة عليها، وبالتالي لماذا تصرف ملايين على شبكة الصرف السطحي؟ ولماذا تخصص موازنة لصيانة هذه الشبكة بصورة سنوية؟ فكان الحل المطروح هو الاعتماد على السيارات التي تقوم بشفط المياه من أماكن تجمعها، وهو عمل بدائي، ومكلف على المدى البعيد، وقبل ذلك فهو بالطبع صورة غير حضارية.

مشاريع الطرق هي بحد ذاتها بحاجة الى دراسات معمقة قبل البدء بتنفيذها، وليس من الجانب الفني او التجهيزات فحسب، بل من الناحية الاستيعابية لعدد المركبات التي تسير عليها، والمسارات التي يفترض ان تكون بها.

هناك شوارع تم انشاؤها وبعد سنوات قليلة اعيد هدمها بهدف توسعتها، كون عدد مساراتها لا يتجاوز المسارين، في حين ان الحركة المرورية تكون قد تضاعفت عدة مرات بعد إنشاء الشارع، وهو ما يكلف ميزانية الدولة الملايين، التي يمكن صرفها في بنية تحتية أخرى.

مجتمعنا ينمو سكانيا بشكل كبير جدا، وهو قد تجاوز - باعتقادي - المليون نسمة، وهو ما يعني ضرورة ان تنظر مشاريع الطرق الى المستقبل، فوجود مسارات متعددة أكثر من الحاجة الفعلية الحالية، خير من اعادة توسعة الشارع بعد عامين او ثلاثة.

الآن مواقف السيارات متعددة الطوابق التي يتم بناؤها في منطقة الابراج، هل نظر فيها للحاجة المستقبلية لهذه المنطقة؟ وهل يمكن لهذه المواقف ان تستوعب عدد السيارات، خاصة وان منطقة الابراج خلال الاعوام القليلة المقبلة سيزيد عدد الابراج فيها على 1000 برج؟

لا نريد أن نأتي بعد سنوات ونتحدث عن أزمة مواقف في هذه المنطقة، كما هو حاصل اليوم في جميع مناطق الدوحة، بسبب غياب التخطيط السليم، المبني على الدراسات المستقبلية.