احمد عمرابي
من هم الأشخاص المسؤولون عن تدبير تفجيرات 11 سبتمبر: أي ضرب مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع في واشنطن عام 2001؟
المطلوب ليس إجابة سياسية وإنما إجابة قانونية، فالإجابة السياسية ابتدعها جورج بوش وأجهزته السلطوية منذ اليوم الأول لوقوع الحدث حتى قبل ان تبدأ عجلة التحريات القانونية في الدوران، وبطبيعة الحال فإن الإجابة السياسية على السؤال لا قيمة لها على الإطلاق في مثل هذه الحالة لأن الحكام السياسيين، خاصة في الولايات المتحدة، لا ينطقون إلا عن الهوى.
أخيراً قررت الحكومة الأميركية في الأسبوع الماضي تقديم ستة أشخاص إلى محاكمة، وإذا كان مثار عجب أن يصدر قرار المحاكمة بعد نحو سبع سنوات من حدوث الواقعة فإن الأعجب ان هؤلاء الأشخاص ـ وكلهم مدنيون ـ سيقدمون إلى محاكم عسكرية خارج الأراضي الأميركية، فالحكمة وراء هذا الترتيب الشاذ هي الالتفاف على القانون الجنائي الأميركي الذي يتيح للمتهم فرصة كاملة للدفاع عن النفس أمام قاضٍ مستقل.
معسكر غوانتانامو سيكون مقر المحاكم العسكرية التي تشكل بقرار من وزارة الدفاع وعلى هذا النحو فإن المدعين ضباط عسكريون، وكذلك القضاة، بل ومحامو laquo;الدفاعraquo; أيضاً بكلمة واحدة تستطيع ان تقول إن قضية كل واحد من المتهمين الستة جاهزة سلفاً ـ بما في ذلك الحكم الذي سيعلن.
فالقاعدة القانونية في هذه الحالة ليست هي laquo;المتهم بريء حتى تثبت إدانتهraquo; وإنما هي laquo;المتهم مدان حتى لو ثبتت براءتهraquo;. وزارة الدفاع الأميركية تقول إن لديها من الأدلة الدامغة المتوفرة لديها من معلومات استخباراتية ما يكفي لإدانة المتهمين الستة، لكن إذا كانت الوزارة واثقة إلى هذه الدرجة من موقفها القانوني تجاه المتهمين فلماذا المحاكم العسكرية؟
إن التفسير الأوحد لعدم تقديمهم إلى المحاكم العادية داخل الولايات المتحدة هو أن المدعين العسكريين ليسوا واثقين تماماً من أن laquo;الأدلةraquo; التي بحوزتهم سوف تصمد أمام قضاة ومحامي دفاع مدنيين. في مقالة افتتاحية تقول إن إدارة بوش تحاول إقامة laquo;نظام قضائي بديلraquo; بوضعها المتهمين الستة خارج متناول سيادة القانون مما يعكس ليس فقط فضيحة أخلاقية وإنما أيضاً عاراً قانونياً.
المتهمون الستة ربما يكونون فعلاً هم الأشخاص المسؤولون عن تدبير تفجيرات سبتمبر 2001، وربما لا يكونون، والفيصل في هذه الحالة ينبغي أن يكون سيادة القانون التي تتمثل في محاكمة نزيهة وعادلة لا استناداً إلى اعتبارات التحيز السياسي.
ومن حيث الافتضاح الأخلاقي والعار القانوني فإن للمسألة بعداً إضافياً مثيراً. فقد أقر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في سياق جلسة علنية للجنة الاستخباراتية لمجلس الشيوخ الأميركي بأن رجال الوكالة مارسوا عمليات تعذيب على ثلاثة من المشتبه بهم مما اضطر هؤلاء إلى الإدلاء باعترافات مفصلة.
والآن يتساءل بعض القانونيين في الولايات المتحدة ما إذا كان قضاة المحاكم العسكرية سيقبلون laquo;أدلةraquo; مبنية على معلومات انتزعت من أشخاص تحت التعذيب. وهو تساؤل بلا معنى لأن بدعة محاكم غوانتانامو العسكرية وضعت أصلاً من أجل نسف قواعد العدالة.
- آخر تحديث :
التعليقات