خليل حماده
الإعلام الغربي في أوروبا وأميركا ينشط ومنذ سنوات طويلة، وبخاصة بعد أحداث 11سبتمبر، في تصوير الإسلام بأنه دين إرهاب وقتل وإلغاء للآخرين غير المسلمين، واعتبارهم كفارا ينبغي استئصالهم والتخلص من وجودهم ما لم يدخلوا في الإسلام ويعتنقوه.
كما يصورون النبي العربي بأنه، والعياذ بالله، laquo;زير نساءrdquo; وldquo;شهوانيrdquo; وldquo;محب للقتلrdquo; ويربي أتباعه على laquo;الكرهraquo; وldquo;العصبيةrdquo; وldquo;الانغلاقrdquo;، يقول laquo;بات روبرتسونraquo;، وهو قس أميركي متعصب، وداعية كاره للإسلام، ومنظر ضده: ldquo;ما هذه الديانة المجرمة التي تأمر أتباعها بقتل اليهود والمسيحيين؟ إن نبيهم يوصيهم بذلك، وهو أكبر مجرم في التاريخ، وما لم ننتبه نحن معشر المسيحيين إلى الطاقة العدوانية التي يشتمل عليها هذا الإسلام، ونتصدى لأتباعه الحاليين المجانين في أنحاء الأرض، ونعمل على قتلهم والتخلص منهم، فإنه سيأتي يوم، وهو ليس بطويل، لنجد أنفسنا نحن ضحايا هؤلاء القتلة، خصوصا وانهم يتسللون إلى بلادنا، ويبنون مساجدهم، ويقيمون شعائرهم فيها.. إن حضارتنا المسيحية- اليهودية مهددة بالزوال وعلينا دق نفير الخطر قبل الأوانrdquo;.
طبعا لاحاجة بنا للتعريف ببات روبرتسون.. هذا القس المسيحاني الصهيوني، والذي اعتمد عليه، وعلى غيره ممن يشبهونه في الدور والمهمات، المحافظون الجدد في أميركا والغرب كله، لاستئناف البدء بحملتهم على الإسلام، ولا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وضرورة اختراع عدو جديد (وقد ارتؤي هنا أن يكون هو الإسلام)، وتأليب العالم كله عليه.. والهدف من ذلك كله هو سياسي في المقام الأول، يستهدف ضرب الإسلام كاحتياطي معاد للغرب ومشاريعه الاستعمارية المتجددة في المنطقة، وأولاها تثبيت دولة إسرائيل وشرعنتها، وجعلها تخوض المرحلة الثانية من مشروعها، وهو السيطرة المطلقة والمطبقة على الشرق الأوسط، وتقسيم بلدانه ومجتمعاته، تهميدا لابتلاع مزيد من الأراضي العربية، والحؤول دون قيام أي قوة عربية إسلامية مستقبلية من شأنها تهديد الكيان الصهيوني، فالعرب وإن كانوا في أحط وأرذل أوضاعهم السياسية والاجتماعية والحضارية، فإنه سيأتي يوم ينقلبون على ما هم عليه، وتتغير أوضاعهم وتقوى شوكتهم ويصبحوا بالفعل قوى لايستهان بها، ولأجل ذلك تسرع أميركا وإسرائيل من الهجمة على العرب واحتلال بلدانهم، والتنكيل بمجتمعاتهم بهدف ألا تقوم لهم قائمة في المستقبل.
أما الهدف الآخر من الهجمة على العرب والمسلمين، فهو السيطرة على أرضهم الغنية بالبترول والمعادن، وكل ما يحتاجة الغرب من طاقة طبيعية، ثبت انه لابديل لها حتى الآن. ومن هنا، وكما يقول الخبراء، ثمة مساحات شاسعة في العراق مثلا، غنية بالبترول، ولم تكتشف بعد عيانيا.. وكذلك في دارفور السودانية، والتي تقوم على بحار من النفط والمعادن والغاز وغير ذلك من الثروات الطبيعية.
إذن، هم يجيشون العالم كله على الإسلام كإيديولوجية معادية لهم، ليجدوا المبررات أمام شعوبهم وشعوب الأرض قاطبة بأنهم إنما يدافعون عن أنفسهم وعن بلدانهم ضد المسلمين.. يخوضون، حسب زعمهم، حربا استباقية حتى لا تتكرر مأساة 11سبتمبر مرة أخرى. وهذه الذريعة.. ذريعة 11 سبتمبر، يعرف كل خبير استراتيجي حقيقي في الغرب وغير الغرب أنها لعبة استخباراتية جهنمية كبرى صنعها الغرب بنفسه لتوكيد حملته المشار إليها، وإلا أين هو مصير اللجنة العسكرية التي شكلتها الولايات المتحدة من ضباط من قواتها المسلحة للتحقيق بحقيقة ما جرى، وأين هي النتائج التي توصلت إليها اللجنة المذكورة؟ وأين هي اللجنة الأخرى التي تشكلت برئاسة هنري كيسنجر نفسه للنظر في هذه القضية الخطيرة؟.. لقد لفلفت القصة الحقيقية للهجوم بأسبابه ودواعيه وتم إغلاق الملف.. ولم يعد سائدا وقارا، سوى أن العرب والمسلمين هم من دبر هذا الهجوم الكاسح، وانه يجب معاقبتهم وبشكل مفتوح على فعلتهم هذه. ومن هنا نجد تعاظم الحملات الإعلامية الظالمةعلى الإسلام والمسلمين في الغرب واتهامهم بأنهم هم عنوان الإرهاب والإجرام. وتتحدث في المناسبة، أوساط سياسية غربية عن قرب صدور قوانين في أميركا وأوروبا لمعاقبة كل من يشكك بأن العرب والمسلمين هم ليسوا وراء الهجمة السبتمبرية.. وذلك على غرار قانون الهولوكست أو المحرقة، فكل من يشكلك فيها وبأعداد الذين قتلوا خلالها من اليهود، مصيره السجن والإقصاء من حقوقه المدنية والمواطنية.
والحملة على الإسلام لاتتخذ موقفا ldquo;إيديولجياrdquo; تقليديا معاديا على الطريقة التعبوية لحروب الإفرنج الجديدة فقط، وإنما تتوسل أية طريقة دعائية حتى ولو كانت في غاية السطحية والإسفاف والتشهير المقصود، وذلك على غرار ما شهدناه ونشهده مؤخرا في الصحف الدانمركية والصحف الأوروبية الأخرى، وبلغ الابتذال والمجانية والرخص مداه أن وزير داخلية ألمانيا ارتدى تي. شرت عليه صورة كاريكاتورية مسيئة للنبي العربي، وراح يبشر بالحملات المغرضة على رسول الله وتعاليمه.. وذلك في خطوة هي الأولى من نوعها على مستوى سياسي رسمي أوروبي معلن.. ولا من يحتج من رسميين أوروبيين وعرب ومسلمين على هذه الشناعات..
ويعلق الألماني فان هيرموندن، وهو كاتب مسلم، على الحملة التي تجري على الإسلام في بلده، وفي عموم دول الاتحاد الأوروبي بالقول: ldquo;يريدون تشويه الإسلام الذي هو الديانة الثانية في العالم، بداعي ضمني أنه قوة كبرى تمنع غزوهم المريح للجغرافيا الإسلامية واستغلال ثرواتهاrdquo;.
التعليقات