عبدالعزيز السويد
عندما قسّمت أوصال العراق ودمر، اكتشف المراقبون أن الولايات المتحدة من حيث لا تدري - ظاهراً على الأقل - حققت أهدافاً استراتيجية للسياسة الإيرانية. أضاف المتابع العراق إلى أفغانستان بعد إجلاء طالبان عن كابول. والذي يحدث الآن من السياسة الخارجية الأميركية بأدوات إسرائيلية هو استمرار لتحقيق أهداف إيرانية، وهو ما لا يستقيم مع التخويف المستمر من الأميركيين للعرب بالبعبع الإيراني. إذا كنتم ترون في إيران كل هذا الخطر، فلماذا تسهمون عن قصد وعمد في تحقيق أهدافها وتغلغل نفوذها السياسي؟ ولو كانت السياسة الأميركية صادقة في التصدي لنفوذ إيراني في المنطقة لما نبذت حماس من البداية واعتبرتها حركة إرهابية وحاولت خنقها لتقدمها هدية لإيران.
إيران لا تشكل مشكلة للسياسة الخارجية الأميركية... هذه هي الحقيقة التي يمكن استنتاجها، ولو كان الأمر غير ذلك لسعت الولايات المتحدة مع سعي أصدقائها العرب الذين يحاولون معها منذ زمن لتكون وسيطاً أكثر عقلانية وأقل انحيازاً... لإنجاز حلول معقولة للقضية الفلسطينية لا حلول مشروطة ومحاصرة مثل تلك التي يلوّح بها الصهيوني. لو أسهمت في إنجاز حل لما وفرت لإيران الفرصة للعب أوراق متاحة نثرتها عدم مسؤولية السياسة الأميركية والأوروبية. ثم لماذا نذهب بعيداً، ألم تُسلّم الولايات المتحدة الأميركية وجيشها الحكم في العراق لأحزاب سياسية عراقية مفطومة في طهران؟ أليس من المثير أن هذه الأحزاب التي جلبت الأميركي الى العراق لم يثنها رد الجميل للأميركي عن استمرار الولاء لطهران، حتى أنها الأكثر زيارة وتنسيقاً معها، ولا يذكر لها إشارة واحدة ضد ممارسات إيرانية داخل العراق؟ أين الخطر الإيراني الذي تحذر منه أميركا وجيشها يقدم قطعة جديدة له؟
لن أستغرب في المستقبل القريب أو البعيد أن يضع السياسي الأميركي أثيوبيا أو غيرها في خانة إيران الآن، لماذا؟
لأن الأصل لدى السياسة الأميركية والثابت الذي لا يتزحزح عنه هو ضمان تفوق الدولة الصهيونية على جيرانها وتوافر إمكانية استمرار بسط نفوذها وتحقيق أهدافها مهما كانت، على حساب المصلحة والحقوق العربية المسلوبة، مهما ازدادت أعداد القتلى من الفلسطينيين. وهي، لاستمرار تحقيق هذا الهدف وترسيخه في الوعي العربي، لا بد من أن تبرز وتضخم له أعداء، وبدلاً من أن توفر الدواء تزيد من علة الداء.
والسياسة الأوروبية لا تختلف عن الأميركية سوى في ثانوية الدور، لذلك تقوم هي بدور الجولات والاجتماعات - بدلاً من بلير ظهر ساركوزي - لتحقق هدفاً وحيداً هو إلهاء المنطقة، ليدور في الأذهان وهم جهود laquo;غربيةraquo; إنسانية لوقف القتل.
التعليقات