حسن أبوطالب
الناظر إلي القرار الدولي رقمrlm;1860rlm; الداعي إلي وقف لإطلاق النار كامل وشامل ودائم يؤدي إلي انسحاب القوات الإسرائيلية من غزةrlm;,rlm; ونظرا لكونه لم يصدر وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدةrlm;,rlm; يدرك أنه قرار ضعيف في المحتوي وفي المضمونrlm;.rlm; فهو لايتضمن إلزاما لأي من الطرفين المتقاتلينrlm;,rlm; ولاينذر الرافض له بعقوبات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية متدرجة كالتي نص عليها ميثاق الأمم المتحدةrlm;,rlm; ولايتضمن أية آليات تؤدي إلي تطبيقه ولو تدريجياrlm;.rlm; وهو في أحسن الأحوال قرار يتضمن مجموعة من المباديء الإيجابية إجمالاrlm;,rlm; التي توازن بين متطلبات كل من أطراف القتالrlm;.rlm; كوقف القتال والانسحاب الإسرائيلي وتأمين الإحتياجات الإنسانية للفلسطينيين في غزة وفتح المعابر وفق اتفاقية عامrlm;2005,rlm; وتأييد الجهود المبذولة مصريا وعربيا من أجل المصالحة بين فتح وحماسrlm;,rlm; والتوصل إلي هدوء يشمل منع تهريب الأسلحة والذخائرrlm;.rlm;
وهو أقرب إلي قرار نياتrlm;,rlm; والمتعمق فيه يجد أنه ليس موجها لأطراف بعينهاrlm;,rlm; فإسرائيل موجودة في القرار وليست موجودة أيضاrlm;,rlm; وكذلك حماس والفصائل الأخري موجودة ضمنا بين السطورrlm;,rlm; وليست موجودة كفاعل يخاطب بأمر ماrlm;.rlm; وهو أمر مفهوم لأن حماس ليست كيانا دوليا يمكن مخاطبتهrlm;.rlm; فهي إن كانت فاعلا في الساحة الفلسطينيةrlm;,rlm; لكنها ليست معترفا بها كسلطة شرعية مستقلةrlm;.rlm; ولذا ليس هناك مخاطب بذاته يمثل الفلسطينيينrlm;,rlm; ولاحتي السلطة الوطنيةrlm;,rlm; وهذه بدورها إشكالية كبريrlm;,rlm; لأن الطرف المعتدي عليه وهم أهل غزة ليسوا واقعين عمليا تحت إمرة السلطة منذ انقلاب حماس عليها في مايوrlm;.2007rlm;
لقد فعل الوفد الوزاري العربي الكثير من أجل صدور قرار أفضل حالاrlm;,rlm; كأن يدين العدوان ويفرض الانسحاب الفوريrlm;,rlm; ولايساوي بين الجاني والضحية حسب التعبير المتكرر علي ألسنة قادة حماس والفصائل الأخري المقيمة في دمشقrlm;,rlm; ولا يفرض التزامات علي المقاومة مستقبلاrlm;,rlm; ويرفع الحصار فوراrlm;,rlm; والأهم أن يحمي حياة الفلسطينيين العزل ويحترم آدميتهم وكرامتهم الإنسانية وحقهم في حياة آمنةrlm;.rlm; بيد ان حسابات الحقل ليست كحسابات البيدرrlm;.rlm; فالعرب جميعاrlm;,rlm; بما في ذلك حماس ومن علي شاكلتهاrlm;,rlm; يعيشون في واقع مرير تحكمه معايير القوة والنفوذ والهيمنةrlm;,rlm; ولا تحكمه الأخلاق والشعارات والقيم الخيرة النبيلةrlm;.rlm; أنه عالم التوازن الذي يستأسد فيه القوي علي الضعيفrlm;.rlm; صحيح لدينا معاهدات واتفاقيات وإعلانات لحقوق الإنسان وحماية المدنيين وقت الحرب والتزامات علي جهة الاحتلال إزاء الشعوب المحتلةrlm;,rlm; وغير ذلك من الأمور التي تفيض بالقيم النبيلةrlm;,rlm; غير ان الواقع شيء آخر تماماrlm;.rlm; وما يعانيه أهل غزة خير شاهد علي نفاق النظام الدولي وقواه النافذةrlm;.rlm;
محصلة القول هنا إن تلك الانتقادات الموضوعية التي تقال بحق القرارrlm;1860rlm; هي صحيحة ولاغبار عليهاrlm;,rlm; ومع ذلك فهو أفضل ما أمكن الحصول عليهrlm;,rlm; لأنه أولا وأخيرا يعكس حالة العرب في النظام الدوليrlm;,rlm; وسطوة الولايات المتحدة والغرب الأوروبي علي عمل المنظمة الدوليةrlm;,rlm; والانحياز الصريح لإسرائيل وأطروحاتها الممجوجة بحق الدفاع عن النفس دون قيود أو سقوف معينةrlm;.rlm;
ومن الجائز هنا ان ترفض الأطراف المعنية القرارrlm;,rlm; وهو ما حصل بالفعل سواء من إسرائيل أو حماس والفصائل الأخريrlm;.rlm; والمثير أن أسس الرفض تكاد تكون واحدةrlm;,rlm; فالقرار لم يعط لأي طرف ما يريده تماماrlm;,rlm; وأبقي بعض الأمور غامضة عن قصد وعمدrlm;.rlm; فلم يفصح مثلا عن معني الهدوء الشامل والدائم الذي يشكل المدخل للانسحاب الإسرائيلي لاحقاrlm;,rlm; ولم يوضح كيف سيتم الانسحاب ومتيrlm;,rlm; ومتي ستفتح المعابر ولم يشر إلي طبيعة الترتيبات المرجوة لوقف تهريب الأسلحةrlm;,rlm; ولم يضع مجلس الأمن عبئا علي نفسه لحماية المدنيينrlm;,rlm; وكل ما فعله أنه دعا الدول الأعضاء إلي دعم الجهود للتخفيف من الوضع الاقتصادي والإنساني في غزةrlm;.rlm;
هذا الغموض القصدي يوفر لكل طرف مساحة من الأخذ والعطاء في حالة قبول مبدأ وقف القتال وتسوية الملفات العالقة بينهماrlm;,rlm; وبناء هدنة دائمةrlm;.rlm; وهو ما لم يتضح لافي موقف تل أبيب ولا في موقف حماسrlm;.rlm; فكل طرف يصر علي تحقيق مطالبه أولاrlm;.rlm; والأقوي هو من يفرض إيقاع الحركة ومداهاrlm;,rlm; وهذا ما تفعله إسرائيل عبر آلتها العسكرية المتوحشةrlm;,rlm; غير عابئة بأية حسابات أو قيودrlm;,rlm; اللهم حسابات المكسب المتضمن أمرين الأول إنهاك كامل لحماس وضرب بنيتها التحتيةrlm;,rlm; والثاني ضمان عدم تسلح حماس والفصائل الأخري مرة أخريrlm;,rlm; وذلك إذا اتفق علي هدنة طويلة لاحقاrlm;.rlm;
وفي المقابل تصر حماس علي أنها مازالت قوية بما يكفي وأن الأمور تتحول لمصلحتها تدريجياrlm;,rlm; فصواريخها مازالت تطلق إلي عمق الأراضي الإسرائيلية وفي مديات أبعد وصلت أحيانا إليrlm;50rlm; كمrlm;,rlm; ومازال عناصرها يواصلون قصف الجنود والدبابات الإسرائيليةrlm;,rlm; والأهم أن لديها ثقة شديدة بالنفسrlm;,rlm; وتبشر كما قال مشعل بمفاجآت أخري في الطريق قد تحول مسار المعركةrlm;.rlm; ويبدو من تحليل حماس للأمور أنها تعتبر الاقتحام الإسرائيلي لمناطق واسعة من القطاع بالدبابات والمدرعات بعد الحملة الجوية الشرسة التي مازالت تعيث فسادا وقتلا وتخريباrlm;,rlm; وبطء التحرك إلي عمق المدن الفلسطينية دليلا علي تردد وخوف العدو ومدرعاتهrlm;,rlm; ومن ثم دليلا علي قوة المقاومة وتماسكهاrlm;,rlm; بل وإنتصارها أيضا وهذا هو العجيب في الأمرrlm;.rlm;
ولعل هذا التحليل المتضمن في سلوك حماسrlm;,rlm; والذي يراهن أيضا علي ان العدوان العسكري لن يستمر سوي فترة محدودة أخريrlm;,rlm; ربما تكون أسبوعين آخرين بسبب الانتخابات المنتظرة في فبراير المقبلrlm;,rlm; وأيضا بسبب ضغوط الرأي العام الدولي المتصاعدة والرافضة للعدوانrlm;,rlm; ومن ثم فإن مجرد الصمود فيهما يعني الانتصار وهزيمة العدوrlm;.rlm; وهو تحليل عاطفي إلي حد كبير ولكنه يدفع حماس والفصائل الأخري إلي التمسك بتحقيق مطالبها كاملة دون التنازل عن أي شيءrlm;,rlm; فهم يصرون علي رفع الحصار وفتح المعابر دون قيود والانسحاب الإسرائيلي الكامل وعدم وجود رقابة دولية من أي نوع علي حدود القطاعrlm;,rlm; وتتمسك ضمنا بحقها في التسلح وفي رفض عودة السلطة الوطنية إلي القطاعrlm;.rlm;
وهكذا يظهر أن كلاالطرفين المباشرين يلعب مباراة صفريةrlm;,rlm; فإما تحقيق مكسب كامل وإما خسارة كاملةrlm;.rlm; وهي مباراة دموية لاتعبأ بحقوق الأبرياء ولامعاناتهمrlm;.rlm; وهو أمر يفضي مباشرة إلي حال أكثر دموية دون أن تكون هناك معايير واضحة للنقطة التي يقول فيها الطرفان أن المباراة قد وصلت إلي غايتهاrlm;.rlm;
لاشك هنا ان الافق السياسي وفق هذه المعادلة الدموية هو الخسائر الأكبر جنبا إلي جنب مع أهل غزة المبتلين بالعدو الهجمي من جانب وبالقيادة قصيرة النظر من جانب اخرrlm;.rlm; وما دامت أن حماس تنتظر مقابلا يتمثل في اعتراف دولي بشرعيتها كحكومة مستقلة في القطاعrlm;,rlm; فإن وحدة القضية تصبح علي المحك مرة أخري وربما أخيرةrlm;.rlm; ووجه الخطورة هنا يكمن في أن إصرار حماس علي التفرد بالقطاع أيا كان الثمن الذي سيدفعه أهلهrlm;,rlm; يرسل رسائل خاطئة في أكثر من اتجاهrlm;,rlm; من شأنها أن تخلط الأوراق خلطا شديدا وعلي نحو مدمرrlm;.rlm; وبدلا من ان يكون وقف العدوان هدفا يجمتع كل الفلسطينيين حولهrlm;,rlm; فإذا به عنصر آخر من عناصر الفرقة والانقسامrlm;.rlm; والأخطر في رؤية حماس وحماتها في الخارج يكمن في الاستعداد بالتضحية بكل شيء من أجل وهم الاستقلال الذي لن يقبله أحد علي الإطلاقrlm;.rlm; وإذا افترضنا جدلا إن إسرائيل قبلت بشروط حماسrlm;,rlm; ودخلت معها في هدنة طويلة الأمد لعشر سنوات مثلاrlm;,rlm; فهل يمكن ان نتصور ماذا سيبقي من الضفة الغربية في ظل معدلات الاستيطان المتسارعة التي تحرص عليها أية حكومة إسرائيلية أيا كان رئيسها أو الحزب الذي يقودهاrlm;.rlm;
وبالقطع ففي غياب أية تسوية تاريخية تحافظ علي وحدة الأراضي المحتلة الحالية وتوقف الاستيطانrlm;,rlm; وتشكل حدودا واضحة للدولة الفلسطينيةrlm;,rlm; فلن يبقي في ظل الهدنة التي تقترحها حماس سوي غزة وحسبrlm;,rlm; والتي عندها يمكن لإسرائيل وغيرها من القوي النافذة دوليا أن تقول تلكم دولتكم الفلسطينية المنشودةrlm;,rlm; ولاشيء آخرrlm;.rlm; وإذا كانت حماس لاتدرك النتائج الكارثية للتفرد بحكم القطاع وهدنة طويلة مع إسرائيل بلا أفق سياسيrlm;,rlm; فلن يبقي لفلسطين سوي الحلم والوهمrlm;.rlm; فهل هذا ما يستحقه الفلسطينيون بعد كل هذه التضحيات الجسام؟ لا أعتقد ذلكrlm;.rlm;
التعليقات