محمد حسين اليوسفي

باب خطير فتحه النائب السلفي محمد هايف المطيري، ربما لم يدرك أبعاده وتداعياته، إن أحسنا الظن بالرجل. إذ إن من التداعيات الأولى والمباشرة لمثل تلك الفتوى هي إحلال جهة حكومية معينة ونقصد بها laquo;إدارة الفتوىraquo; كمرجع لإصدار الأحكام، في القضايا المفترض أن يناقشها أعضاء مجلس الأمة المنتخبون انتخاباً حراً، -كُلٌ حسب برنامجه السياسي وتوجهاته الفكرية- ويصدروا فيها قوانين ملزمة للأمة، تكون تعبيراً عن التوجه العام للمجتمع الذي يمثلونه بطريقة شرعية، وفقاً للنظام النيابي القائم الذي اتخذته الكويت منذ إقرار دستور العام 1962 من قبل المجلس التأسيسي. والعيب في حقيقة الأمر لا يقع على laquo;إدارة الفتوىraquo; الحكومية التابعة لوزارة الأوقاف، إذ قامت بعملها الذي أنيط بها، وهو الاجتهاد في القضايا والمشكلات المطروحة أمامها، من قبل جهات حكومية أو من قبل أفراد، مواطنين ووافدين، أو حتى غير مقيمين، ومن عِلية القوم وعوامهم!
إن المشكلة، كل المشكلة، تقع على النائب الفاضل محمد هايف المطيري، الذي تنازل عن حقه في التشريع والتقدم بقانون ينص صراحة على ارتداء الحجاب للنساء المشاركات في العملية السياسية: انتخاباً وترشيحاً، والعمل للحصول على أغلبية لتمرير ذلك القانون، برص صفوف زملائه المنسجمين معه فكرياً، فضلاً عن أولئك الذين يستطيع كسبهم إلى صفه، وأعطى ذلك الحق، الذي منحته الأمة له، وبفضل نظامنا النيابي الذي نفتخر به، إلى جهة حكومية laquo;معينةraquo;، وارتضى أن تنوب تلك الجهة المعينة عنه بعملية laquo;التشريعraquo;، وكأنه ألغى دوره ودور زملائه النواب المنتخبين في عملية التشريع، ونسف نظامنا الديمقراطي القائم على التمثيل الشعبي برمته! فما كانت حاجة الكويتيين إلى انتخاب شخص مثل السيد محمد هايف، لو علموا أنه سيلجأ إلى جهة laquo;معينةraquo;، بدلاً من إعمال فكره واجتهاده والقيام بدوره في التشريع، إذ كان الأولى بهؤلاء لو علموا نوايا laquo;المرشحraquo; محمد هايف أن ينتخبوا أعضاء إدارة الفتوى، وأن يضعوهم في مقام المشرعين!
ومما يؤسف له أننا على قاب قوسين أو أدنى من نصف قرن من العمل النيابي، ومازال البعض منا لا يدرك كل الإدراك آليات عمل النظام النيابي، أو هو يريد إفراغ ذلك النظام من مضمونه التشريعي والرقابي، خدمة لرؤاه الضيقة، أو لمصالحه الأنانية!