تل ابيب

تناول تسفي برئيل في مقال له بصحيفة هآرتس الاسرائيلية الجهود الاميركية لاقناع اسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان وكتب يقول:
laquo;في الأمد البعيد، تجميد المستوطنات وضمان وجود دولة فلسطينية مصالح أمنية لاسرائيل والولايات المتحدةraquo;، قال الرئيس اوباما في مايو 2009. وقد أصبح تجميد المستوطنات في نوفمبر 2010 مصلحة وجودية لاسرائيل. لا يوجد هنا أمد بعيد أو أمد قصير. انقضى الوقت. مع طائرات اف 35 أو بغيرها، ومع ضمان الفيتو الاميركي على قرارات مضادة لاسرائيل أو بغيره.
هذه لحظة دفع اسرائيل. في اماكن اخرى وسيناريوهات اخرى، اذا لم يدفع المدين يجد نفسه داخل سجن اسمنتي. ليس هذا نوع التهديد الذي تستعمله الولايات المتحدة، لكن يمكن أن نرى كيف تضرب في غضب قبضتها اليُمنى على راحة يدها اليسرى، وتنتظر في عدم صبر الجواب الاسرائيلي. عندما سُئل اوباما في السنة الماضية ماذا سيفعل اذا لم تُجمد اسرائيل البناء أجاب: laquo;أقترح ألا نفترض حدوث الشر بل أن نفترض حدوث الخيرraquo;. وماذا سيكون الآن؟ ماذا اذا لم تُجمد حكومة اسرائيل البناء؟ كيف سترد واشنطن؟
لن يُقدم تجميد البناء ثلاثة اشهر أو سنة مسيرة السلام. ولن يُقرّب موافقة الفلسطينيين على حدود تطمح اسرائيل الى أن تحيط نفسها بها، ولن يحل مشكلة اللاجئين، أو مكانة القدس أو مسألة تقاسم المياه. لن تُحدث ثلاثة اشهر اتفاقا ولا حتى مسودة. تعلم اسرائيل هذا، وليست واشنطن حمقاء.
انه درس في الطاعة والصداقة. لا يطلب اوباما الى اسرائيل أن تنسحب الى حدود 1967، وأن تُخلي جميع المستوطنات، وأن تُفرغ بيوت اليهود في القدس الشرقية، أو أن تمنح ملايين اللاجئين الفلسطينيين جوازات سفر. لكنه يتوقع من دولة تحصل على مساعدة تبلغ مليارات الدولارات، وترد الولايات المتحدة هجمات عليها في الحلقات الدولية، أن تسلك في أدب على الأقل، وألا تُهين واشنطن.
ليس عند واشنطن خطة سياسية منظمة لحل الصراع الاسرائيلي ndash; الفلسطيني. ولا تريد ايضا دخول هذا الشرك الذي أحرق أصابع رونالد ريغان، وبيل كلينتون وجورج بوش. وليس من المؤكد انها تريد أو تستطيع تحمل ثمن اتفاق سلام.
لكنها مُجبرة على الحفاظ على كرامتها وعلى مكانتها بصفتها قوة عظمى. هذه هي المصلحة الأمنية للأمد البعيد التي تحدث عنها اوباما، وهي مصلحة مشتركة بين الولايات المتحدة واسرائيل. لانه عندما تتهاوى منزلة الفيل ستُسحق البعوضة التي على ظهره ايضا.
كان طلب تجميد البناء خطأ منذ البدء. فقد تحولت من خطوة تبني الثقة، الى شرط وجودي. إن الضغط الاميركي الذي كان يفترض أن يُستعمل قُبيل ختام التفاوض، يتم تضييعه الآن على هدف أجوف.
ليس هذا الخطأ الوحيد الذي قامت به واشنطن على مر السنين التي بذلت فيها علاج معونة للمسيرة. التزمت وجهة النظر الاسرائيلية، وهكذا أيدت موقف أن الحل السياسي يجب أن يمر من طريق الاردن، وعارضت الاعتراف بمنظمة التحرير، وغضت النظر عن البناء في المستوطنات، واكتفت بتصريحات متحدثين تعارض ضم شرقي القدس وأدركت متأخرة جدا أن الصراع الاسرائيلي ndash; الفلسطيني لا يُعرض السلام العالمي للخطر في الحقيقة، لكنه يضر بمكانتها مباشرة.
تريد الولايات المتحدة الآن أن تصحح شيئا من اخطائها وأن ترد لنفسها شيئا من كرامتها. لم يعد تجميد البناء تفضلا على الفلسطينيين أو تطبيقا لخريطة الطريق أو اعدادا للانسحاب. انه خطوة تبني الثقة فقط مع الادارة الاميركية بثمن ممتاز.