محمد سلماوي

سألني مراسل جريدة الواشنطن بوست الأمريكية عن مشكلة الإخوان المسلمين فقلت إن هناك عدة مشكلات تعترض وصولهم للسلطةrlm;,rlm; ليس أكبرها محاربة الحكومة لهمrlm;,rlm;

وأول هذه المشكلات أن الوصول إلي السلطة يتطلب برنامجا سياسياrlm;/rlm; اقتصادياrlm;/rlm; ثقافيا متكاملا وليس فقط شعارا جماهيريا يستثمر المشاعر الدينية للناخبينrlm;.rlm;
وإذا كنت أقول إن محاربة الحكومة للإخوان ليست أهم مشاكلهم فذلك أنها في كثير من الأحيان تفيدهمrlm;,rlm; وعلي سبيل المثال فإن عدم تقديم الإخوان برنامجا متكاملا يحدد سياساتهم في مختلف مناحي الحياة يعود إلي أنهم غير مطالبين بهذاrlm;,rlm; لأن الحكومة تحول دون تحولهم إلي حزب سياسيrlm;,rlm; وهكذا تظل أفكارهم الرجعية ومواقفهم التي لاتساير تطورات العصر غير مطروحة للنقاش العامrlm;,rlm; ويبقي عنوانهم الجماهيري الوحيد هو شعار الإسلام هو الحلrlm;,rlm; وهو شعار فضفاض لايحترم عقلية الجماهير ولايمكن ترجمته إلي سياسات محددةrlm;,rlm; فأي إسلام هو المقصود؟ هل هو إسلام طالبان الذي يحظر تعليم الفتيات ويحرم الاستماع إلي الموسيقي ويحطم آثار الحضارات القديمة؟ أم هو إسلام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني والفكر المستنير؟ إن الرد علي هذه التساؤلات لايكون بتصريحات متفرقة هنا وهناكrlm;,rlm; وانما بإعلان برنامج سياسي متكامل وراءه فكر واضح ومتجانسrlm;.rlm;
إن حكومتنا الرشيدةrlm;,rlm; بدلا من أن تطالب مرشحي تلك الاتجاهات بتقديم برنامج متكاملrlm;,rlm; اكتفت بحظر استخدام شعارهم في الحملة الانتخابيةrlm;,rlm; وقد أعفتهم بذلك من أن يطرحوا سياساتهم علي الناخبينrlm;,rlm; فتخضع أفكارهم للمناقشة العلمية في مجتمع عرف علي مدي تاريخه بالعزوف عن العنف والتطرف والإرهابrlm;,rlm; ولا أقصد هنا فقط الإرهاب الذي يستخدم السكينrlm;,rlm; وانما كل أنواع العنف والتطرف بما في ذلك الإرهاب الفكريrlm;,rlm; فالقول بسجن المرأة وراء نقاب أسود لايظهر منها شيء هو إرهابrlm;,rlm; ورفض توليها المواقع القيادية هو إرهابrlm;,rlm; والمطالبة بمصادرة كتب التراث هو إرهابrlm;,rlm; والتفرقة بين المسلم والمسيحي هي إرهابrlm;,rlm; والتعدي علي الكنائس وبيوت العبادة هو إرهابrlm;,rlm; والاقتتال بين السني والشيعي هو إرهابrlm;,rlm; والتخلي عن الوطنية والقومية في مقابل الأممية هو إرهابrlm;.rlm;
تلك هي الأفكار التي كان ينبغي أن تكون محل نقاش عام أثناء الانتخاباتrlm;,rlm; لكن الحكومة دفعت أصحاب الاسلام السياسي إلي موقع آمن وحصين لايفرض عليهم مناقشة أفكارهم السياسيةrlm;,rlm; وانما يكتفي بالتذكير بأعمالهم الخيرية وهو مايخدمهم في حملتهم الانتخابية خدمة جليلةrlm;,rlm; فهذه الأعمال تمس مصالح الناس المباشرة في الصحة والتعليم والدعم الماديrlm;,rlm; وهو ماتفتقر إليه الخدمات الحكومية المترديةrlm;.rlm;
إن وقوف الحكومة ضد تحول الاخوان إلي حزب سياسي فرض عليهم أن يظلوا جمعية خيرية لها أياد بيضاء علي الطبقات الكادحة دون أن تخضع لأي اختبار حقيقي لأفكارها الدينية والسياسية علي مائدة النقاشrlm;.rlm;
وقلت للمراسل الأمريكيrlm;:rlm; إنني لا أطالب بالتخلي عن مبدأ عدم قيام الأحزاب علي أساس دينيrlm;,rlm; بل أطالب بالالتزام به حتي في حالة تحول الإخوان إلي حزب سياسيrlm;,rlm; واذا كان في ذلك معضلة فهي معضلتهم هم وليست معضلة الحكومة ولا هي معضلة المجتمع الذي ارتضي هذا المبدأrlm;,rlm; وعلي الإخوان أن يتكيفوا معهrlm;.rlm;
إن المشكلة الحقيقية التي تعترض وصول الإسلام السياسي إلي الحكم ليست هي الحكومة بقدر ما هي أن أصحابه يريدون إقامة الدولة الدينية في مجتمع غاية في التدين لكنه لم يقبل طوال تاريخه الحكم الدينيrlm;,rlm; فطبيعة الشعب المصري تختلف عن غيره من الشعوب الإسلاميةrlm;,rlm; وقد يفيد أصحاب هذا الاتجاه أن يسألوا أنفسهم كيف أن مصر التي كانت دائما قلب هذه المنطقة من العالم ومقر الأزهر الشريف ومركز تحرير بيت المقدس لم تكن أبدا مركزا للخلافة التي تنقلت مابين الشام وبغداد والقسطنطينيةrlm;,rlm; دون أن تمر بالقاهرةrlm;.rlm;