واشنطن

هل ثمة أي حصاد لمحادثات جنيف الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني؟ وكيف توصل الكونجرس لاتفاق بشأن السياسة الضريبية وإعانات البطالة؟ وماذا عن سيناريوهات الخروج من أزمة الديون الأوروبية؟ وما هي مبررات المضي قدماً في اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية؟ تساؤلات نضعها تحت الضوء ضمن جولة سريعة في الصحافة الأميركية.

محادثات فارغة

خصصت quot;واشنطن بوستquot; افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي للتعليق على محادثات جنيف الأخيرة المعنية بحل أزمة إيران النووية (5+1). فتحت عنوان quot;محادثات نووية فارغة مع إيرانquot;، استنتجت الصحيفة أن النتيجة الوحيدة التي ترتبت على هذه المحادثات تمثلت في تحديد موعد آخر لالتئامها في يناير المقبل وتحديداً بمدينة إسطنبول التركية. وهذا يفيد طهران من ناحيتين أولاهما، أن الجولة المقبلة ستكون داخل تركيا البلد الذي يرفض النسخة الأخيرة من العقوبات المفروضة على إيران. وثانيتهما أن تأجيل المحادثات لجولة أخرى يعني تأجيل مزيد من العقوبات الدولية على طهران. وتشير الصحيفة إلى أن لدى المراقبين الدوليين تقارير مفادها إن إيران قامت بتخصيب 150 كيلو جراما من اليورانيوم، أي ربع القيمة التي يتم من خلالها تصنيع قنبلة نووية، وهذا إذا تواصلت عملية التخصيب من الآن إلى موعد المحادثات المقبلة.

في إسطنبول. تقييم إدارة أوباما للمحادثات يتلخص في أن مشاركة إيران فيها تعكس نجاح السياسة الأميركية. وترى هيلاري كلينتون أن العقوبات التي فرضها مجلس الأمن في يونيو الماضي إضافة إلى العقوبات الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، قد أثرت على الداخل الإيراني. ولذلك تعتقد هيلاري أن quot;إيران جلست على طاولة المفاوضات بعدما قيمت مدى تأثير العزلة على الاقتصاد الإيراني، وربما قد يجعل ذلك إيران أكثر جدية في المفاوضات، وهو ما نسعى إليهquot;. وتضيف الصحيفة أن محادثات جنيف لم تحمل في طياتها شيئاً من ما تسعى إليه هيلاري، وبدلاً من ذلك لا يوجد دليل على أن quot;وقف عمليات التخصيبquot; ستكون محور المحادثات المقبلة في إسطنبول.

لنبرم اتفاقاً هزيلاً

تحت هذا العنوان، استنتجت افتتاحية quot;لوس أنجلوس تايمزquot;الثلاثاء الماضي، أن ثمة اتفاقاً أبرم الاثنين الفائت داخل الكونجرس يتضمن حلاً توفيقياً من خلاله يتم تمديد العمل بجميع الضرائب المنخفضة حسب ما كان عليه الوضع إبان إدارة بوش وهو ما يريده quot;الجمهوريونquot;، وتمديد إعانات البطالة التي انتهي العمل بها مطلع الشهر الجاري. الصحيفة ترى أنه لا يوجد منطق يحكم هذه العملية التوفيقية، ذلك لأنه لدى كل من إدارة أوباما والكونجرس الذي يهيمن عليه quot;الجمهوريونquot; دوافع مختلفة... الرئيس الأميركي يريد فعل المزيد من أجل تحفيز الاقتصاد، وذلك قبل التصدي لعجز الميزانية. أما quot;الجمهوريونquot;، فيريدون منع الإدارة الأميركية من جمع مزيد من أموال دافعي الضرائب. ويبدو أنه لا مناص من تجديد سياسة خفض الضرائب التي انتهجها بوش، والتي تصب في مصلحة الأميركيين الأكثر غنى. لكن لن يمر وقت طويل حتى يحاول أعضاء الكونجرس مجدداً وقف العمل بهذه السياسة الضريبية.

أزمة أوروبا

تحت عنوان quot;أزمة الديون الأوروبية اختبار للوحدة وأيضاً للاقتصاد العالميquot;، سلطت quot;كريستيان ساينس مونيتور quot; يوم الأربعاء الماضي الضوء على الأوضاع الاقتصادية في القارة العجوز، مستنتجة أن الخوف من انتشار أزمة الديون لتطال الاقتصاد الإسباني قد يجبر أوروبا على التكاتف من أجل مواجهة هذا التحدي. أزمة الديون الأوروبية- كما تقول الصحيفة- اختبار صعب للوحدة الأوروبية، وفي حال مُنيت أوروبا بالفشل، أي لم ينتج في التضامن لمواجهة تلك الأزمة، فإن تداعيات خطيرة ستطال الاقتصاد العالمي. والخوف الآن يتمثل في القلق الذي ينتاب أسواق المال من أن تمتد الأزمة لتطال إيطاليا. إلى الآن لا يزال الاتحاد الأوروبي بمساعدة صندوق النقد الدولي قادراً على إنقاذ اليونان وإيرلندا، وأيضاً البرتغال.الاقتصاد الإسباني يفوق في حجمه اقتصاد البرتغال واليونان وإيرلندا، وبدأت مدريد خطة تقشف، لتثبت أنها جديرة بالحصول على قروض، لكن لا يزال أمام إيرلندا وقت طويل حتى يصبح واضحاً أن بنوكها تمر بمشكلة أكبر مما كان متوقعاً. انتشار التوتر الاقتصادي في أوروبا سيؤثر سلباً على تعافي الاقتصاد العالمي، على سبيل المثال، تعد أوروبا وجهة لما نسبته 25 في المئة من الصادرات الأميركية، كما أن الاقتصاد الأوروبي يشكل 20 في المئة من الاقتصاد العالمي. ومن الاتجاهات التي تطرح نفسها للتعامل مع الأزمة الأوروبية، الخروج من العملة الأوروبية الموحدة التي تم إصدارها عام 1999 والتي تعاملت بها 16 دولة أوروبية، وضمن هذا الإطار ترى أحزاب المعارضة أنه إذا خرجت الاقتصاديات الضعيفة من quot;اليوروquot;، لن تكون الاقتصاديات القوية في حاجة إلى دعمها، وفي هذه الحالة، ستصبح البلدان الضعيفة اقتصادياً حرة في إعادة تقييم عملتها من أجل تحفيز نموها الاقتصادي. لكن الفكاك من اليورو قد يشعل حرباً نقدية بين البلدان الأوروبية الفقيرة، ما قد يدمر أنظمة البنوك ويزيد من تكلفة الديون الخارجية المقيمة باليورو.

أما الاتجاه الثاني لحل أزمة الديون الأوروبية، فيتمثل في عملية قد تمتد لعقد من الزمان تتمثل في الإقدام على خطوة عملاقة لتدشين ميزانية فيدرالية ضخمة لمنطقة اليورو، فالولايات المتحدة لديها ميزانية فيدرالية واحدة بمساهمات كل من الولايات الضعيفة والقوية من الناحية الاقتصادية، لكن خطوة تكاملية من هذا النوع داخل أوروبا الموحدة ستأتي على حساب السيادة الوطنية للدول الأعضاء وهذا أمر مستحيل من الناحية السياسية، على الأقل في الوقت الراهن.

تجارة مع كوريا الجنوبية

تحت عنوان quot;اتفاق تجاري مناسب مع كوريا الجنوبيةquot;، توصلت quot;نيويورك تايمزquot; في افتتاحيتها إلى أسباب تبرر موافقة الكونجرس على إبرام اتفاقية تجارة حرة مع كوريا الجنوبية منها أن هذه الأخيرة تحتل المرتبة رقم 12 كأكبر الاقتصاديات العالمية، ولأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة، ويحدها جوار خطير جداً. تلك المبررات تبناها بوش الابن عندما بدء الحديث عن الاتفاق عام 2007، ووقتها رفض quot;الديمقراطيونquot; التصويت على الاتفاق واتخذت quot;فوردquot; وquot;كرايسلرquot; الموقف نفسه. أوباما- حسب الصحيفة- أبرم اتفاق يصب بطريقة أفضل في مصلحة شركات السيارات الأميركية، لذا تثق الصحيفة في أن الكونجرس الجديد سيبدي اهتماماً أكبر بهذا الاتفاق. إدارة أوباما تتوقع بأن الاتفاق سيزيد حجم الصادرات الأميركية السنوية لكوريا الجنوبية بـ 10 مليارات دولار على الأقل. وسيفتح الاتفاق السوق الكورية الجنوبية أمام قطاع الاتصالات الأميركي، والأمر نفسه بالنسبة لقطاع الخدمات المالية، كما أن الاتفاق سيزيل التعرفة الجمركية عن المنتجات الزراعية الأميركية. على صعيد آخر سيجعل الاتفاق من السهل للشركات الكورية الجنوبية العاملة في مجال تصنيع السيارات دخول السوق الأميركية. النسخة الجديدة من الاتفاق ستسهل على شركات تصنيع السيارات الأميركية دخول السوق الكورية.

وتشير الصحيفة إلى أن أوباما في حاجة إلى الضغط على الكونجرس، لتمرير اتفاقات التجارة الحرة مع كولومبيا وبنما وإحياء المفاوضات المعنية بالتجارة العالمية، ذلك لأن المزيد من الحمائية على الصعيد التجاري، ستضعف فرصة التعافي المتاحة أمام الاقتصاد العالمي، وهذا المنطق يحتاج أوباما تفعيله داخل الولايات المتحدة وخارجها.

إعداد: طه حسيب