محمد الصياد

ما الذي يجري في الشرق الأوسط؟ سؤال تطرحه جملة تطورت مثيرة ومريبة قطعت في الآونة الأخيرة حالة المراوحة التي تشهدها المنطقة منذ فترة، سواء على صعيد الحراك السياسي والدبلوماسي أو على صعيد التسخينات العسكرية المتقطعة التي تحدث بين الفينة والأخرى على جبهة الصراع العربي ldquo;الإسرائيليrdquo;، بما فيها بؤرة المواجهة الساخنة ldquo;الإسرائيليةrdquo; .

الأمر المُسَلّم به في إشكالية هذه الحوادث المتوالية، هو أن ldquo;إسرائيلrdquo; بحد ذاتها تشكّل عامل عدم استقرار دائم في منطقة الشرق الأوسط برمتها . فهي دولة بوليسية تنام وتصحو على هواجسها الأمنية، كما أنها بحاجة دائمة لتذكير الغرب المؤسس لها والضامن لوجودها بأن هذا الوجود مهدد باستمرار من جانب ldquo;الأعداءrdquo; الشرق أوسطيين .

فما بالك بهذه ldquo;الإسرائيلrdquo; وهي تُحكم اليوم من قبل مجموعة من القتلة مثل وزير الدفاع ايهود باراك صاحب ملف السوابق في عمليات القتل والتصفية الجسدية الخارجية لقيادات فصائل المقاومة الوطنية الفلسطينية لعل أبرزها قيادته لعملية فردان في بيروت أوائل سبعينات القرن العشرين الماضي والتي اغتال خلالها كمال ناصر وكمال عدوان وأبو سيف النجار . ناهيك عن وجود شخص مغرق في تطرفه لحد إقحامه الدين اليهودي، على الطريقة ldquo;البوشيةrdquo; بشكل فج في القضايا السياسية، على رأس حكومتها، نعني بذلك بنيامين نتنياهو الذي لا يقل عن ايهود باراك في حماسته لتنشيط إحدى فرق الموت في الموساد لتنفيذ جرائم قتل خارج الحدود، فهو من أمر بتصفية خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في عمّان، وهي العملية التي انتهت إلى فشل ذريع وفاضح كما نعرف .

بهذا المعنى فإن قيام حكومة ldquo;إسرائيلrdquo; بتحريك إحدى فرق الموت لديها إلى خارج حدود الكيان، في سوريا ولبنان ودبي وربما في أماكن أخرى، لا يقتصر هدفه على الجوانب الجرمية الخالصة وإنما هي تريد من ورائها إرسال رسائل سياسية إلى عديد من الأطراف في المنطقة، منها سوريا وإيران وحتى الولايات المتحدة التي كان رئيسها باراك أوباما تحمّس لتفعيل وتسريع عملية قيام الدولة الفلسطينية بتفريغه جورج ميتشيل تماماً لإنجاز هذه المهمة . ولعل إعلان نتنياهو ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى قائمة التراث اليهودية تندرج في إطار هذا التصعيد المعنون للأطراف السالف ذكرها .

ويبدو أن هذه الأطراف، خصوصاً سوريا التي تسلمت عبر عدد من المندوبين الأوروبيين، رسائل تهديد ldquo;إسرائيليةrdquo;، قد فهمت الرسائل ldquo;الإسرائيليةrdquo; فأرادت أن ترد عليها على طريقتها الخاصة . فكان لقاء القمة الإيراني السوري في دمشق بين الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والسوري بشار الأسد في الخامس والعشرين من فبراير/ شباط الماضي والذي انضم إليه لاحقاً أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، قبل أن يتسع اللقاء ليشمل عدداً من قادة المقاومة الفلسطينية، حيث أسفرت اللقاءات عن إعلان الجهوزية والاستنفار لمواجهة احتمال قيام ldquo;إسرائيلrdquo; بعدوان، والتأكيد على المواجهة المباشرة وعدم ترك العدو يحدد سياق أي معركة مقبلة وإطارها، ورفض التهديدات التي تتولى جهات أوروبية نقلها إلى سوريا والتي تستهدف وقف دعم المقاومة في لبنان وفلسطين من جهة، واتخاذ دمشق خطوات أحادية إزاء التفاوض مع تل أبيب من جهة ثانية .

في تاريخ الحروب يقال إنه عندما تتكثف أعمال التجسس وتزيد حركة إحمائها عن المعتاد، فإن ذلك يعد فألاً مشؤوماً ينذر بحدوث انعطاف حاد في الأحداث قد يتجسد في عمليات حربية، قد يكون مشعلوها استهدفوا حلحلة التخندقات السياسية السائدة، وجعلها بالتالي حرباً خاطفة ومحدودة النطاق، فإذا بهم يفاجأون بمعطيات تتصل بالطرف أو الأطراف الأخرى المستدرجة (بفتح الراء) لهذا النزاع لم تكن ضمن حسابات الطرف المحرِّك له .

ومثلما جاءت نتائج جريمة اغتيال المبحوح في دبي بما لا تشتهي سفن قيادات الموساد ldquo;الإسرائيليrdquo;، حيث تحوّل العمل الجاسوسي الذي أرادت حكومة القتلة في تل أبيب إسباغ البطولة عليه، إلى أضحوكة في نظر الرأي العام الدولي بعدما نجحت شرطة دبي في كشف كل المستور المتصل به على الملأ، فإن من غير المستبعد أن تؤول المغامرة الحربية التي تدور في الرؤوس الصهيونية الحامية إلى نفس المآل الذي انتهى إليه عملهم الجاسوسي الخائب في إمارة دبي .