حسني عايش


لا يكمن الفرق الرئيسي بين الشيعة والسنة في الاستنباط الفقهي الإسلامي فقط بل في الحاكمية أيضاً، فالحاكمية في المذهب الشيعي عمودية (تنظيم ومستويات ومراتب) يجلس دينياً على قمتها الإمام علي ndash; كرّم الله وجهه ndash; أو نائب الإمام والمرجعيات الشيعية التابعة له في قم وكربلاء وغيرهما. وتستمد جماهير الشيعة منها اتجاهاتها وتبني على مخرجاتها مواقفها الدينية. ولأن التنظيم الشيعي يتمتع بالسلطة القوية والثروة الهائلة، ويدير خدمات وأنشطة واسعة مانحة أو حابسة فإن كلمته في الأتباع تبقى العليا. ومن الصعوبة على أحد تحديها، فلا يقاومون الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق أو غير العراق إذا لم يدعوا إلى ذلك، ولا يتبرعون بالاستشهاد إذا لم يؤمروا به.

أما عند السنة فإلا دارة أفقية أو مفتوحة بل لا توجد حاكمية على الإطلاق (فالفتوى فتوى عن أي مفتي صدرت) لأنه لا يوجد لديهم تنظيم واحد أو مرجع واحد أو اثنان أو ثلاثة أو مائة أو ألف... بل أكثر من ذلك، لأن كل ممارس أو دارس للدين او معين في وظيفة دينية يعتبر نفسه مرجعاً فيُفتي ويحرّم ويحلل ويمنع ويمنح ويعترف وينكر ويكفر... كما يتراءى له ( وكأن كل واحد داير على راسه) وبمجرد صدور الفتوى من هذا المرجع أو ذلك ينبري أحد الأتباع لتنفيذها بيده. ولعلّ هذا يفسر كثرة الحركات السنية أو السلفية المتطرفة المكفّرة للمسلمين وغير المسلمين وتحليل سفك دمهم.

وتتميز المراجع الشيعية كذلك بالجرأة في الاجتهاد حتى في مورد النص، فالشيعة أكثر حرية أو تقدمية من السنة في كثير من الأمور، ربما لأن جملة الشيعة يؤمنون بالباطنية، وهي غير التقية، بمعنى أن للقرآن الكريم ظاهراً يفهم على وجهه ويطلب من العامة الأخذ به، وباطناً لا يفهمه سوى الأئمة أو المرجعيات الشيعية، فالسفينة عندهم هي الشريعة، وناقة صالح هي علم الباطن، والقرية هي الدعوة، والماء هو علوم القرآن، والإسلام هو التشهد بالظاهر. أما الإيمان فهو الباطن قولاً وعملاً. وأما الزكاة فهي إيتاء المال في الظاهر، ولكنها نشر علوم القرآن في الباطن. وعيد الغدير هو أعظم الأعياد وهو يوم ولّى الله ورسوله علياً في 18 ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة وجعله وصياً على الإسلام والمسلمين بعده فصارت مرتبته عند الشيعة تأتي بعد مرتبة النبي وفوق مرتبة البشر، وطاعته ( أو طاعة نائبه) من طاعة الله... ما خلا عند فرقة الزيدية التي تجوّز إمامة المفضول (مثل أبو بكر وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، رضي الله عنهم) على الرّغم من وجود الأفضل وهو علي كرم الله وجهه.

وبعبارة أخرى فإن الشيعة يؤولون والسنة يفسرون،والتفسير كما يرى أحد الفقهاء بيان معنى اللفظ. أما التأويل فبيان المقصود بالمعنى، وهو ما يقوم به الشيعة.

وإذا كان السنة العرب ينفرون من النسب غير العربي لكثير من المرجعيات الشيعية في العراق، فإن الشيعة يذكرونهم بالنسب غير العربي لكثير من المراجع السنية بدءاً من البخاري ومسلم... مروراً بجمال الدين الأفغاني وأبي الحسن الندوي وانتهاء بسيد قطب. وفي الحالتين تنبع هذه الحساسيات المتبادلة من اشتغال المرجعيات الشيعية والمراجع السنية غير العربية في السياسة في بلاد عربية مع أن طبيعة الإسلام كدين عالمي مفتوح تقضي بهذا التداخل السياسي.

والحقيقة أن الصراع على السلطة والثروة... باحتكار الحقيقة كمدخل لذلك هو السبب الحقيقي لهذا الخلاف التاريخي الديني بين الشيعة والسنة وأمثالهم في الأديان والأيدولوجيات الأخرى.

****

يشير الفقه الإسلامي إلى نوعين من البيع نمارسها دون أن نستخدم مصطلحيهما وهما: laquo;بيع المواصفة وهو: أن يبيع المرء ما ليس عنده، ثم يبتاعه ويدفعه إلى المشتريraquo; . وبيع المعاينة laquo; وهو أن يبيع المرء سلعته بثمن إلى أجل، ثم يشتريها من المشتري في المجلس نفسه بأقل من ذلك نقداً، ليتهرب من الرباraquo;، وكأن الربا بالشكل لا بالمعنى أو المغزى.

****

عندما يتكرر وقوع الحدث يتبلد نحوه الإحساس وتموت الحواس.

****

الربا ndash; أضعافاً مضاعفة ndash; في زعمي هو الفائدة المركبة فهي أضعاف مضاعفة للفائدة البسيطة، وهي سبب في ارتفاع فاتورة الدين على المواطنين، والأرباح غير المسبوقة التي يكسبها الدائنون وهم قاعدون.