واشنطن

كتب فريد زكريا مقالاً نشرته صحيفة واشنطن بوست، استهله بقوله إنه بينما يمر الرئيس أوباما بواحدة من أصعب الفترات له كرئيس، يثور التساؤل عما كان سيفعله جون ماكين_ المرشح الجمهوري السابق_إذا فاز.
ربما أطاح ماكين بالحكومة الإيرانية فوراً، لاسيما بعدما نادى في خطاب اخيراً laquo;بإطلاق العنان لقوة أميركا الأخلاقية الكاملةraquo; للإطاحة بنظام طهران.
هذا الخطاب يسلط الضوء على أوجه قصور نظرة ماكين للعالم، حيث تحل البلاغة محل التحليل والخيال بدلاً من السياسة الخارجية. والمحافظون الجدد أصبحوا يكررون عبارة مفادها أنهم أضاعوا منذ عام الفرصة لتحويل إيران. فيقارن رويل مارك غريشت، زميل مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية، في مقالة بجريدة نيويورك تايمز بين الحركة الخضراء الإيرانية وما ذبل خلف الستار الحديدي في الثمانينات، متهما الرئيس أوباما بالسلبية في هذه اللحظة التاريخية. أما برايت ستيفنس، الكاتب بجريدة وول ستريت جورنال، فيتصور أن أي إستجابة قوية للغرب كانت كفيلة بإشعال الثورة.
لقد كنت من مؤيدي الحركة الخضراء، وكتب عنها وسلط عليها الضوء عبر التلفاز، ولكني لم اؤمن بقدرتها على الإطاحة بالنظام. إذ أن هذا الاعتقاد يعني أن الحكومة الإيرانية لا تحظى بشعبية عميقة بين غالبية الإيرانيين، وأنها تتمسك بالسلطة عبر القوة العسكرية فقط، وأنها عرضة للحركة التي بإمكانها تحريك الغالبية العظمى التي تحتقر الحكومة، ولكن كل ذلك غير صحيح. فالنظام الإيراني لديه الكثير من الخصوم، ولكن أيضاً لديه ملايين المساندين. فربما بالفعل خسر نجاد انتخابات 2009 الرئاسية لكنها كانت سباقاً فاز خلاله بملايين الأصوات. كما أن النظام يتمتع بملايين المساندين في المجتمعات الريفية والفقيرة. هذا ويعتقد مازيار بهاري، من مجلة نيوزويك والذي سُجن من قبل الحكومة لمدة أربعة أشهر بناء على اتهامات ملفقة، أن الزعيم الاعلى علي خامنئي لا يزال الشخصية السياسية الأكثر شعبية بإيران.
والنظام الايراني يبدو جاهلا لأنه ينفق موارد الشعب الثمينة على تمويل الجماعات المتطرفة الأجنبية، ولا ينفقها على المدارس والطرق والوظائف التي يستفيد منها الإيرانيون. فشعبية أحمدي نجاد تأتي من تمويله للبرامج الاجتماعية المخصصة للفقراء.
وهناك خطأ بمقارنة ثورة الحركة الخضراء الإيرانية بثورات أوروبا الشرقية المخملية. ففي عام 1989 كان هناك ثلاث قوات منشقة إلى جانبهم: القومية والدين والديموقراطية. أما الحركة الخضراء فلم يكن بجانبها سوى الديموقراطية فقط. فقد استغل النظام تدين الشعب لمصلحته وأصبح لديه مهارة استغلال القومية. وفي مايو، حصل أكبر كانجي، أحد مناصري التحريض السلمي والديموقراطية العلمانية الإيرانية، على جائزة ميلتون فريدمان لدعم الحرية. إلا أنه سُجن لكتاباته ضد الحكومة لمدة ست سنوات.
ويقول كانجي في خطاب له عند خروجه من السجن إن laquo;فكرة توجيه ضربة عسكرية سيعود بالنفع على الأصوليين الذين يحكمون البلاد، ولن تضر إلا الحركة الديموقراطية في بلديraquo;.
النظام الايراني يجيد تحويل القضايا الدولية لمصلحته، كما أنه أصبح صاخباً بشأن ما أسماه كانجي laquo;الجرح الفلسطيني الذي يزيد من العدوى الأصوليةraquo;. وكثيراً ما يُذكّر النظام الإيرانيين بنظرة الولايات المتحدة لبرنامجها النووي بينما تصمت بشأن ترسانة إسرائيل النووية. إن الداعين إلى تحرير الإيرانيين هم أنفسهم من يريدون فرض عقوبات ضد إيران، وربما يؤيدون شن هجوم عسكري ضدها. فهل يعتقدون أن القنابل ستتفادى إصابة من يرتدون الأخضر؟