Nick Bunzl - Los Angelis Times


في أي سيناريو، ثمة رابحون وخاسرون، ومن أبرز الخاسرين في حال عقد اتفاق بين إسرائيل وسورية، هي إيران والمجموعة التابعة لها في لبنان، 'حزب الله'، كذلك ستتعرض 'حماس' وقاعدة دعمها في دمشق لضغط كبير.

غالباً ما تترافق إشاعات الحرب والسلام في الشرق الأوسط، ولكن من المؤسف أن إشاعات الحرب طغت على الجبهة الإسرائيلية السورية خلال الأشهر الأخيرة، فشكلت الأخبار عن تسليم إيران سورية نظام رادار متطوراً، وحصول 'حزب الله' على صواريخ سكود عبر سورية، والقمة الثلاثية في شهر فبراير بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد وقائد 'حزب الله' حسن نصرالله علامات أشارت إلى شراكة عسكرية متجددة. لكن الأسد يرسل في الوقت عينه إشارات مبطنة إلى أنه مستعد للتحاور مع إسرائيل.

ولا شك أن هذه فرصة لا تستطيع الولايات المتحدة وإسرائيل تفويتها، فمنذ حادثة أسطول سفن المساعدات قبالة ساحل قطاع غزة في شهر مايو، يبعث الأسد برسائل عملية تدعم تجدد الحوار، ففي مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسباني، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، تأسف الأسد لتأثير الشقاق الإسرائيلي التركي الأخير في دور تركيا كوسيط بين إسرائيل وسورية. وذكر أن دور الوساطة التركي 'يقوم على العلاقة بين تركيا وإسرائيل والعلاقة بين تركيا وسورية، فلا بد من أن يتمتع أي وسيط بروابط جيدة مع كلا الطرفين'.

أفادت التقارير أن جهود الوساطة التركية كانت تحرز تقدماً في شهر ديسمبر عام 2008، إلى أن أطلقت إسرائيل عملية الرصاص المسكوب في قطاع غزة، فشعر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالخيانة لأن جهوده تبددت بسبب السلوك الإسرائيلي، ومنذ ذلك الحين، بدأت الروابط التركية الإسرائيلية بالتدهور، حتى بلغت أدنى درجاتها حين قتل الجنود الإسرائيليون تسعة مواطنين أتراك على متن إحدى سفن الأسطول المتوجه إلى غزة.

بذلت إدارة أوباما جهوداً ملموسة للتحاور مع سورية، فأرسلت وفداً من المديرين المتخصصين في مجال التكنولوجيا والمسؤولين في وزارة الخارجية، كذلك عيّنت سفيراً إلى سورية (مازال ينتظر موافقة مجلس الشيوخ). لكن البيت الأبيض عمد في الوقت عينه إلى تجديد العقوبات، وقد صبت الولايات المتحدة حتى اليوم كل جهودها لصنع السلام على المحور الإسرائيلي الفلسطيني.

ذكرت تقارير أخيرة أن الرئيس الأسد طلب من السيناتور أرلن سبيكتر (ممثل بنسلفانيا الديمقراطي) مساعدته لاستئناف محادثات السلام مع إسرائيل، وتُظهر هذه التقارير أن الوقت قد حان لمعرفة ما إذا كان تحاور البيت الأبيض مع سورية قد يتحول إلى خطوة جيدة باتجاه اتفاق سوري إسرائيلي.

تعلو الأصوات داخل المؤسسات الدفاعية والاستخباراتية الإسرائيلية، مطالبة بالمضي قدماً بالمفاوضات، خصوصاً ضمن فريق وزير الدفاع إيهود باراك، وكما أشار ألوف بين أخيراً في الصحيفة الإسرائيلية هآرتس، إلى أن الأسد حافظ على 'الاستقرار الداخلي' وبرهن أنه 'قائد منطقي وغير متهور' بعدما قامت إسرائيل عام 2007 بقصف ما يُشتبه في أنه مفاعل نووي سوري. ومن الواضح أن نجاح الحوار الإسرائيلي السوري يعتمد على طرح أكبر إغراء ممكن على طاولة المفاوضات: هضبة الجولان، وفي حال أخفقت المحادثات وواصلت سورية سلوكها المثير للاضطرابات في المنطقة، فعندئذ يجب التفكير في اللجوء إلى العصا.

تشكّل المفاوضات الإسرائيلية السورية بالنسبة إلى أوباما وسيلة غير مباشرة لدعم عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية والفوز بالتقدير. فقد ينجح هذا التحرك بين سورية وإسرائيل في تحقيق هدف أميركي ملموس، بإفساد التحالفات القائمة راهناً في المنطقة، وتعزيز دور الولايات المتحدة كدولة قيادية، فمن خلال الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لبلوغ اتفاق سوري إسرائيلي، تستطيع تشجيع السوريين على الاضطلاع بدور بناء في العراق، مع تراجع الوجود العسكري الأميركي في هذا البلد.

بالنسبة إلى إسرائيل، سيعزز اتفاق سوري إسرائيلي يحتوي الضمانات اللازمة الأمن على حدودها الشمالية، ويقلل إلى حد كبير من الدعم السوري لـ'حماس' و'حزب الله'، ويشدد على استعداد إسرائيل المتجدد لعقد السلام مع جيرانها وفق صيغة الأرض مقابل السلام.

أما بالنسبة إلى سورية، فقد يؤدي الاتفاق إلى استرجاعها هضبة الجولان والتصالح مع الولايات المتحدة. فضلاً عن ذلك، قد يشكّل الاتفاق الإسرائيلي السوري خلفية استراتيجية مناسبة لإعادة إحياء مبادرة السلام العربية واعتبارها إطاراً شاملاً لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي الأكثر اتساعاً.

وكما هي الحال في أي سيناريو، ثمة رابحون وخاسرون، ومن أبرز الخاسرين إيران والمجموعة التابعة لها في لبنان، 'حزب الله'، كذلك ستتعرض 'حماس' وقاعدة دعمها في دمشق لضغط كبير.

يجب أن تسير الولايات المتحدة بزخم على درب المصالحة بين سورية وإسرائيل، لأن الأرباح المحتملة تفوق المخاطر بأشواط.

*مدير تنفيذي في منتدى السياسة الإسرائيلية.