علي سعد الموسى

يقول الرئيس الأمريكي في حديثه إلى تلفزيون (NBC) إن هناك آلة تضليل جبارة تحاول إقناع شعبه بأنه مسلم يحاول أن يخفي ديانته. وعلى السطح تبدو هذه القصة حديثاً أمريكياً رائجاً لهذا الشهر مثلما كان مطلع العام حديثاً لمكان ولادته التي شككت ذات الآلة في ndash; أمريكيتها ndash; وهذا يعني عدم قانونية رئاسته. مشكلة باراك أوباما هو التوقيت، ذاك أنه وصل للكرسي العولمي الأعلى في عقد من التطرف الديني ومن الهوس العارم المؤدلج. لم تكن الديانة قضية رأي عام حتى مطلع الثمانينات، ومن المفارقة أو من البرهان على ذلك أن الرئيس الأمريكي الراحل، جون كنيدي، كان أول وآخر كاثوليكي يصل للرئاسة الأمريكية ثم يترك ذلك الأثر الخالد والألق الذي لن يمحى من الذاكرة الأمريكية. قرأت شخصياً كتابي باراك أوباما (جرأة الأمل) باللغة العربية، و(أحلام من أبي) بالإنجليزية، وفيما أتذكر أنني قرأتهما بعيد فوزه وقبيل تنصيبه للرئاسة. قبيل شائعة إسلامه. تفضح كتب أوباما هذا التضليل بإسلامه مثلما هي أيضاً تفضح نفسه. حتى في أكثر المجتمعات تشدقاً بالحريات الشخصية وحرية الاعتقاد يبدو أوباما في كتبه مثل من يحاول على استحياء ونفاق أن يلغي مسلكه الليبرالي الجامح وإلحاده لأن الليبرالية والإلحاد لن يقنعا مجتمعاً يخضع لكثافة خطاب ديني بقبوله لمنصب عمومي. الكنيسة اليوم هي الداعم الأول للمناصب الجوهرية. لم يعرف أوباما والده إلا أياماً شاردة أثناء زيارة عابرة قام بها الأخير لأمريكا بعيد رحيله. كل التأثير الحياتي عليه كان من جانب والدته البيضاء وأسرتها الجنوبية المحافظة. وحتى وإن كان أوباما أفريقياً في جانب فإنه لم يصل إلا بتأثير جذوره البيضاء في الشق الآخر. اقرؤوه في (جرأة الأمل) وهو يقول: لم آخذ في حياتي الأديان على محمل الجد وربما بعكس جدي لوالدتي الذي كان كنسياً معمدانياً بامتياز فقد كنت متأثراً بوالدتي التي لم تكن مؤمنة بشيء من الكتاب المقدس وكانت ترتاب مثلاً من الحقيقة التي يقولها الإنجيل أن الله خلق الحياة في سبعة أيام وهي واثقة أن هذا صعب مستحيل أن يحدث. بقي على أوباما أن يعلن أنه بلا دين وهذا يستحيل على القول، لم يقلها رئيس أمريكي من قبل ولن يقلها أوباما في هذه الظروف.