ممدوح المهيني

في الواقع ليست قناة السي إن إن وحدها من تظهر على شاشتها الشخصيات الإرهابية لتتحدث عن تأييدها لعمليات القتل الجماعي للناس التي حدثت في أماكن متعددة، وتؤيد دعمها للعمليات القادمة. والغريب أن المذيعين طوال مدة الحوارات يظهرون علامات الاشمئزاز في إشارة إلى احتقارهم ما يقولون وكأنهم يتوقعون أمرا آخر.

آخر الحوارات كانت مع أنجيم شودري المقيم في بريطانيا في حوار استضافه الصحافي المعروف فريد زكريا على قناة السي إن إن. وبدأ الحوار حتى بدون أن يلقي التحية في إشارة منه لعدم إعطاء أي شرعية لكلامه. وقال موجهاً خطابه للمشاهدين في البداية إننا نسمع بالجهاديين في أمريكا ولا نراهم يتكلمون كما يحدث في لندن معتبراً تلك فرصة للحديث معهم.

وبدأ بعد ذلك حديث متوتر متوقع كان المذيع يحاول إقناع الضيف الجهادي بعدم جدوى قتل الأبرياء، وأنهى الحلقة ووجهه يتمزق من الغضب من سماع كل العبارات التبريرية التي ساقها الضيف. ومرة أخرى ما الذي كان يتوقعه المذيع إلا ترديد مثل هذا الكلام القبيح!.

في حلقة أخرى وعلى شاشة السي إن إن أيضاً ظهر ذات الضيف ولكن في برنامج آخر. وتقريباً تكرر ذات السيناريو لكن مع اختلاف أن المذيع اليوت سبيتزر عمدة نيويورك السابق قال للضيف هذه المرة إنه إرهابي بغيض ويجب أن يلاحق ويحاكم.

ولكن السؤال لماذا تقوم هذه القنوات بذلك؟!. من الجنون أن يظهر أي أحد ويعلن أنه سعيد بمناظر دماء الناس ترشق داخل القطارات والأرصفة. هذا محض جنون ويجب ألا يفتح معه حوار من الأساس. وعندما يصبح الحوار عن التفجير والقتل وجز الرؤوس فإن أي حوار هنا عن حرية التعبير يبدو مجرد عبث. أي quot;مهنيةquot; كانت تنتظرها قناة مثل السي إن إن وغيرها من شخص يقول أريد أن ترفرف أعلام الإسلام فوق البيت الأبيض! وأن كل المسلمين يدعمون الإرهاب وإن أظهروا العكس؟!.

في الحقيقة حتى مقارنة بخطابات زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فإنه وعلى الرغم من رسالتها البشعة إلا أنها لا تدخل في التفاصيل الصادمة التي يرددها هؤلاء الجهاديون. لماذا إذن تقوم هذه القنوات بذلك؟!. السبب هو أن هذه المحطات تبحث عن مزيد من النجومية والمتابعة ولا بأس عندها أن تتجاوز حدود المهنية. المشكلة الأكبر أنه من خلال الهوس غير المسؤول بصعود عدد المشاهدين يمكن أن تسبب بتوتر الأجواء المتوترة في الأساس.

المسلمون أنفسهم يعانون من الثقافة المتطرفة التي ولدت كل هؤلاء الإرهابيين، التي قتلت من المسلمين أكثر مما قتلت من غيرهم، ومن الصحيح نقاش هذه الثقافة والجدل حولها، وهذا ما يحدث في وسائل الإعلام العربية والغربية، ولكن هذا يختلف عن مجرد بث مشاعر الرعب وفتح المجال للمختلين كي يثيروا كل مشاعر الارتياب والتشكك بالمسلمين في كل مكان. هذا هو في الواقع ما يريده الإرهابيون، وللأسف هذا ما تريده أيضاً المحطات الغربية ولكن بهدف التسويق. ومن المؤسف أن تقوم بذلك محطات محترمة مثل السي إن إن التي تلعب دوراً كبيراً في الدفاع عن الاعتدال والعقلانية.