صبحي زعيتر
كان معمر القذافي منسجما مع نفسه عندما شجب الثورة الشعبية في تونس. قال يومها إن الشعب سيبكي دما على رحيل زين العابدين بن علي، لإدراكه أن الموسى ستصل إلى رقبته ، قصر الزمن أم طال. فالديكتاتوريات في العالم متشابهة إلى حد كبير، وأن حركة الجماهير متشابهة، وها هو يشرب اليوم من الكأس التي شرب منها ابن علي.
لم نفاجأ بأن أكثر من مليونين من الشعب الليبي يعيش تحت خط الفقر، فيما الطبقة الوسطى في المجتمع ،ومعظمها من موظفي القطاع العام، تتهالك تحت وطأة الغلاء الفاحش، بعد أن تجمدت رواتبهم منذ عشرات السنين، لأن قلة من quot;الثوريينquot; الذين تسلقوا على أكتاف quot;الجماهيريةquot; وأنقاضها ووصلوا إلى مستويات عالية، أصبحوا من رجال أعمال quot;الثورةquot; والممسكين بزمامها، يسيطرون على اقتصاد السوق وعلى كبريات الشركات، وخاصة شركات النفط ،بالتلازم مع quot;مرشد الجماهيريةquot; و بركاته !
دأب القذافي خلال تمسكه بمقاليد السلطة، بعد أن صفى رفاقه في quot;الثورةquot;، على تصدير مشكلاته إلى الخارج، لأنه كان يدرك أن حكم الشخص الواحد لا بد أن يزول. فتوترت علاقاته مع كل الجوار، وأصبح منبوذا من كل الدوائر الدولية، خاصة بعد اعترافه بتفجير طائرة لوكربي الآيسلندية في 21 ديسمبر عام 1988، وتقديمه مواطنه عبد الباسط المقرحي كبش فداء عن النظام، فضلا عن المليارات التي دفعها لأهالي الضحايا.
كل ذلك كان قربانا عن ملك ملوك أفريقيا وحاكم الحكام وحكيم الحكماء ورئيس الرؤساء!
التعليقات