Michael Singh - Wall Street Journal
لا عجب في أن محسن شيرازي القيادي البارز في laquo;قوة القدسraquo; التابعة للحرس الثوري الإيراني ظهر في بلدين (العراق وسورية) يشهدان أوضاعاً مضطربة، ففي كل مكان تعمه المشاكل، يظهر هذا الرجل لتقديم المساعدة إلى مثيري الاضطرابات أو للتحريض على الشغب بنفسه.
دائماً ما يظهر محسن شيرازي في أماكن الأزمات والمشاكل، إذ كان أحد أبرز قادة 'قوة القدس' التابعة للحرس الثوري الإسلامي في إيران، وقد طالته العقوبات في الأسبوع الماضي من جانب إدارة أوباما، ونظراً إلى جنسيته، قد نفترض أنه يواجه العقوبات بسبب ارتباطه بمساعي إيران النووية أو مشاركته في حملات القمع ضد المعارضين، لكن في الواقع، تم استهداف شيرازي ورئيس 'قوات القدس' قاسم سليماني والمنظمة نفسها بسبب تورطهم في أعمال القمع في سورية.
وفقاً للحكومة الأميركية، الإيرانيون متورطون في انتهاكات حقوق الإنسان وأعمال القمع التي يمارسها نظام الأسد ضد الشعب السوري.
قد يبدو اسم شيرازي مألوفاً لأنه اعتُقل على يد القوات الأميركية في بغداد، في ديسمبر 2006، وبحسب التقارير الإعلامية، أُلقي القبض عليه بينما كان موجوداً داخل مقر الزعيم العراقي الشيعي عبدالعزيز الحكيم مع قائد آخر في 'قوة القدس'، وقيل إن الرجلين كانا يملكان تقارير مفصلة عن شحنات الأسلحة إلى العراق، بما في ذلك عمليات شحن ما يُسمى بالمقذوفات المتفجرة التي كانت مسؤولة عن مقتل مجموعة من الجنود الأميركيين، بعد ذلك، طُرد شيرازي إلى إيران بأمر من الحكومة العراقية.
لا عجب إذن في أن شيرازي ظهر في بلدين يشهدان أوضاعاً مضطربة، ففي كل مكان تعمّه المشاكل، يظهر هذا الرجل لتقديم المساعدة إلى مثيري الاضطرابات أو للتحريض على الشغب بنفسه.
تنقل 'قوة القدس' المعلومات مباشرةً إلى القائد الإيراني، آية الله علي خامنئي، وهي تشكل المحور الأساسي للاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، فتمول إيران جماعات مثل 'حزب الله' وتسلحها لتهديد أمن إسرائيل ومنع إرساء الديمقراطية في لبنان، كما أنها تزود الإرهابيين بالمعدات اللازمة في العراق وأفغانستان بهدف إعاقة الجهود الأميركية الرامية إلى إرساء السلام والأمن في هذين البلدين، وفي مطلق الأحوال، تُعتبر 'قوة القدس' أداة اختيارية للنظام.
تباهى القادة الإيرانيون بالأحداث الحاصلة حين نجحت الانتفاضات الشعبية بالإطاحة بخصمين قديمين لإيران، أي زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر. غير أنّ المصاعب التي يواجهها الرئيس السوري بشار الأسد أثارت قلق طهران بكل وضوح، إذ يُعتبر الأسد حليفاً قديماً لإيران، وقد شكّلت سورية في عهده ممراً للمقاتلين الخارجيين كي يدخلوا العراق لمحاربة القوات الأميركية، كما سمحت بتدفق الأسلحة الإيرانية غرباً لتسليح 'حزب الله' و'حماس'، وبالتالي، يمكن اعتبار دمشق معقلاً للإرهابيين في الشرق الأوسط، لأنها توفّر لهم مكاناً آمناً، إذ يستطيع حلفاء إيران، مثل حركتي 'حماس' و'الجهاد الإسلامي'، التنسيق في ما بينهم بكل هدوء.
في حال سقوط الأسد، ستتحطم سلسلة استراتيجية مهمة بالنسبة إلى إيران في أنحاء المنطقة. صحيح أنها تستطيع إيجاد منافذ أخرى لتسليح 'حزب الله'، عن طريق البحر أو الجو، إلا أنها ستفقد عمقها الاستراتيجي وستخسر حليفاً حيوياً، فضلاً عن ذلك، في حال ألهم المحتجون في سورية الناشطين الإيرانيين في مجال الديمقراطية كي يُضاعفوا جهودهم، فسيواجه النظام الإيراني خطراً شديداً، فلا عجب إذن في أنه أرسل 'قوة القدس' لمساعدة الأسد على كبح عجلة ربيع العرب لمنعه من اختراق عتبة إيران.
لا بد من اعتبار آخر تورط إيراني في سورية بمنزلة جرس إنذار على مدى خطورة الوضع. لقد تعرضت إيران لانتقادات كثيرة من جهات عدة بسبب مساعدتها المباشرة في حملات القمع التي ينفذها النظام السوري، حتى إن موقفها هذا أدى إلى نشوء خلاف بين طهران وبعض حلفائها السابقين مثل تركيا، وكذلك، أدت تحركات إيران إلى حدوث تحول مهم في المقاربة التي تتبناها إدارة أوباما تجاه طهران. فضلاً عن فرض عقوبات على شيرازي وأمثاله، قال الرئيس أوباما، في 22 أبريل، إن الأسد كان يقلد 'استراتيجية إيران الوحشية'.
في نهاية المطاف، لن تكون المواقف الصارمة والعقوبات كافية لمعالجة الوضع، إذ يمثل شيرازي وما يقوم به من نشاطات في العراق وسورية جانباً واحداً من التهديد الذي تطرحه إيران، فإذا أردنا تحقيق آمالنا بنشر الحرية والاستقرار في المنطقة، فلابد من قمع جهود إيران الرامية إلى توسيع نفوذها وقوتها، وذلك من خلال تجريدها من أسلحتها النووية التي تعزز قدرتها على تنفيذ خططها الهادفة إلى زعزعة الاستقرار.
* مدير laquo;معهد واشنطنraquo; ومدير سابق لقسم شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.
التعليقات