غسان المفلح


تناقلت وكالات الأنباء أنquot; الرئيس الأميركي باراك أوباما أصدر قرارا بفرض عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ورئيس حكومته عادل سفر وأربعة آخرين من كبار المسؤولين الأمنيين. وذكرت مصادر مطلعة أن العقوبات ستصدر جراء ما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان في سورية, وهي جزء من حملة الضغط التي تشنها واشنطن على دمشق لوقف قمع المتظاهرين وبدء الانتقال إلى نظام ديمقراطي. وبدورها دعت وزارة الخارجية الأميركية الرئيس الأسد الى قيادة الانتقال السياسي أو الرحيل, وقالت في بيان quot;يعود إلى الأسد قيادة عملية انتقال سياسي أو الرحيلquot;. وكان أوباما وقع الشهر الماضي أمراً تنفيذيا بفرض عقوبات على مسؤولين سوريين بينهم ماهر الأسد الشقيق الأصغر للرئيس السوري, بينما وضع الاتحاد الأوروبي ثلاثة عشرة مسؤولا سوريا على قائمة عقوباته. وتماشيا مع القرار الأوروبي قالت سويسرا الأربعاء الماضي إنها ستمنع سفر 13 مسؤولا سوريا إليها وستجمد أي أرصدة لهم في بنوكها.
بينما لايزال الموقف الروسي رغم البشاعة الجرمية التي ارتكبتها أجهزة الأمن والعسكر, ولا تزال مصرة على ارتكابها, والتي تحاول أن تجمع بين أسلوبين معا: الأول محاولة أخماد التظاهرات بأي وسيلة كانت ومهما كان الثمن, والثاني متداخل مع الأول لكن له بعد انتقامي يستخدم ما يعرف بطريقة الأرض المحروقة, والتي تترك الحرية لعصابات الأمن والجيش وquot;الشبيحةquot;, أن تستبيح كل شيء, تلكلخ لوحدها وخلال يوم واحد قدمت أكثر من ثلاثين شهيدا, الآن في سورية الوريث كما في سورية السلف السجون أصبحت تضج بالاف مؤلفة من المعتقلين بأسوأ الظروف, وأقسى أنواع التعذيب والاهانات, نقول رغم هذه البشاعة الفظيعة بعد اكتشاف المقابر الجماعية أيضا في درعا, لايزال الموقف الروسي ثابتا في دعم نظام المقاومة ضد إسرائيل! رغم العلاقة الجيدة الآن التي تربط موسكو بتل أبيب, الموقف الروسي مبني على حسابات آنية أكثر منه حسابات ستراتيجية, لأنها بمواقفها هذه لن يكون لها موطأ قدم في ليبيا ولا في سورية المستقبل انطلاقا من ما كرسته في ذاكرة السوريين والليبيين من قبلهم, في دعمها لأنظمة قاتلة لشعبها, وبذلك يقدمون للروس أيضا غطاء لكل القوى في الغرب التي لاتزال تدعم استمرار نظام عائلة الأسد, وحجتها تصبح روسيا تمنعنا من اتخاذ موقف في مجلس الأمن, وهذه حال كثير من الدول الغربية حيث أعلن في هذا الإطار وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن فرنسا وبريطانيا اقتربتا من كسب تأييد تسعة أصوات لقرار يدين سورية في مجلس الأمن الدولي, لكنه أشار إلى أن روسيا والصين تهددان باستخدام حق النقض (الفيتو), الموقف الفرنسي رغم تحسنه الإعلامي إلا أنه لايزال يتأتى في ممارسة مزيد من الضغط على النظام السوري, لأن لفرنسا دور ومجموعة من العلاقات التي يمكن لها أن تستخدمها نحو مزيد من الضغط على هذا النظام.
قلنا سابقا أن إسرائيل رغم ما حدث في يوم النكبة على جبهة الجولان, رغم ذلك لاتزال تريد إعطاء فرصة لبشار الأسد. لهذا جاءت العقوبات الأميركية رغم أهميتها على بشار الأسد شخصيا, لكي تقول له أعطيناك فرصة اخرى, وهذا ما عبر عنه بيان وزارة الخارجية الأميركية, بقوله إما أن يبدأ بالاصلاح أو يرحل. وهذه عبارة مطاطة وحمالة اوجه, ونظام الأسد يعتقد الآن أنه بحاجة لمزيد من الوقت لكي يتسنى له مزيد من القتل في أبناء شعبنا السوري واستباحة المدن والبيوت والاعراض. وبخاصة أن العقوبات لم تطل وزير الخارجية لكي يتسنى للسياسة الخارجية للنظام أن تتحرك بحرية.
صحيح أيضا أنها أول عقوبات تطال بشار الأسد, وسيكون لها تأثيرها على حركة النظام الدولية, وتأثيرها على مستقبل علاقاته مع أميركا والمجتمع الدولي, لكن في المقابل بعد أن يقتل من يريد أن يقتل ويسجن من يريد أن يسجن من شعبنا السوري, تصبح قضية رفع العقوبات قضية ثانوية هكذا على الأقل يفكر النظام ومعه إسرائيل, والتي منذ زمن بعيد تستخدم معه سياسة الحذاء المطاطي, لا تخنقه ولا تتركه يرفع رأسه, وهذه السياسة قديمة وعمرها عقود, واصبحت جزءا من صياغة السياسات الغربية في التعامل مع الملف السوري, وكما قلنا عن شقيق الرئاسة أنه ليس بحاجة الى السفر لأوروبا وليس بحاجة لكي يضع أمواله في أوروبا, كذلك بشار الأسد ليس بحاجة الى السفر إلى أميركا أو وضع أمواله في أميركا.
رغم تطور الموقف الدولي لكنه لم يرتق الى دم الشهداء ونعتقد أنه لن يرتقي, ولهذا كتبنا في السابق أن الشباب السوري بدمه سوف يغير الموقف الدولي.
النظام السوري الآن يعتقد أنه لايزال محميا من إسرائيل, ولايزال يتصرف على هذا الأساس. ولهذا أيضا الثورة السورية تواجه ليس النظام السوري فقط بل تواجه أغلبية الموقف الدولي والأقليمي. وهذا درس سوري سيقدمه شباب سورية لأن سورية لن تعود إلى الخلف كما يتوهم آل الأسد.